567
موسوعة اليهود واليهودية و الصهيونية
للدكتور عبد الوهاب المسيري
المجلد الثانى: الجماعات اليهودية.. إشكاليات
الجزء الرابع: عداء الأغيار الأزلي لليهود واليهودية
الباب السادس: إشكالية التعاون بين أعضاء الجماعات اليهودية والنازيين
تيريس آينشتات
Thereseinstadt
» تيريس آينشتات Thereseinstadt» مدينة في تشيكوسلوفاكيا (وتُسمَّى «تيريزين» بالتشيكية) حولها النازيون إلى مستوطنة نموذجية بين عامي 1941 و1945. رُحِّل إليها حوالي 150.000يهودي من يهود وسط أوربا وغربها من المتميِّزين أو المسنين أو اليهود من أبناء الزيجات المختلطة. وقد أيد زعماء الجماعة اليهودية في تشيكوسلوفاكيا الخطة، باعتبار أن هذا يعني بقاء يهود تشيكوسلوفاكيا في وطنهم. ويُقال إن الهدف النازي من تأسيس هذه المستوطنة النموذجية كان إعلامياً بحيث تقدم للإعلام العالمي باعتبارها مثالاً على "حياة اليهود الجديدة تحت حماية الرايخ الثالث" (وهو اسم أحد الأفلام التي صُورت في المستوطنة(.
وقد أدار المستوطنة مجلس من الكبراء يضم القادة اليهود ويترأسه أحد كبراء اليهود كانت تعينه السلطات الألمانية. وتمتعت المستوطنة بحريات كثيرة، حيث كان لها نظامها التعليمي ونظامها البريدي المستقل ومكتباتها وهويتها الثقافية. ومن ثم، كان من مسئوليات مجلس الكبراء الحفاظ على النظام في المستوطنة وتوزيع العمل فيها وتوطين المستوطنين الجدد والعناية بالصحة وبالمـسنين والأطفـال والإشـراف على النشـاط الثقافي. كما كان يتبع المستوطنة نظام قضائي مستقل (أي أن تيريس آينشتات كانت تتمتع بالحكم الذاتي). وقد سمحت السلطات النازية لسلطات الصليب الأحمر بزيارة المستوطنة وبالاجتماع بمجلس الكبراء.
وقد رُحِّل حوالي 140.937 يهودياً إلى مستوطنة تيريس آينشتات من بينهم 33.529 ماتوا فيها، أي حوالي 25%، ورُحِّل حوالي 88.196إلى معسـكرات الاعتقال. وحينمـا تم تحرير المستوطنة وكان يوجد فيها 17.247 شخصاً.
وتثير هذه المستوطنة الكثير من القضايا:
1 ـ يُلاحَظ اشتراك المجالس اليهودية مع السلطات النازية في كل الأنشطة سواء الإعداد والتخطيط للمستوطنة أو إدارتها أو مقابلة مندوبي الصليب الأحمر الدولي. وهذا التعاون يثير واحدة من أهم القضايا الأساسية في ظاهرة الإبادة النازية لليهود، أي مدى اشتراك قيادات الجماعات اليهودية في عملية الإبادة.
2 ـ وتثير المستوطنة قضية ترشيد الإبادة، فلم يكن النازيون مجرد جزارين على الطريقـة التقليــدية، وإنما كانــوا يلجـأون إلى التخطيط العلمي الدقيق وإلى التفرقة بين اليهود المتميِّزين واليهود العاديين.
3 ـ ويمكن التساؤل أيضاً عما إذا كان هدف النازيين هو توظيف اليهود أم إبادتهم.
4 ـ ولا تختلف علاقة المستوطنة بالسلطات النازية عن علاقة أية دولة في العالم الثالث بالقوة الإمبريالية التي تحكمها، والحريات التي كان يتمتع بها سكان المستوطنة لا تزيد كثيراً عن تلك التي تعرضها الحكومة الصهيونية على سكان الضفة الغربية باسم الحكم الذاتي، وهو ما يجعلنا نذهب إلى القول بأن التجربة النازية جزء لا يتجزأ من الحضارة الغربية.
5 ـ ومن القضايا الأخرى التي تثيرها المستوطنة، عدد اليهود الذين تمت إبادتهم عن طريق أفران الغاز. فالموسوعة اليهودية (جودايكا) تتحدث عن أن ربع سكان هذه المستوطنة المثالية التي تتمتع بظروف خاصة ماتوا بسبب ظروف الحرب، وأنه في أبريل 1945 وصل إلى تيريس آينشتات 14.000 سجين من معسكرات الاعتقال الأخرى، فاجتاحت الأوبئة سكان المستوطنة وهلك منهم ومن المرحلين الجدد الآلاف، واستمرت الأوبئة في حصدهم حتى بعد سقوط النظام النازي. فإذا كانت الأوبئة قد حصدت حياة الألوف قبل بعد انتهاء الحرب، ألا يثير هذا قضية عدد اليهود الذين أُبيدوا عن طريق أفران الغاز؟
يتبع
يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق