5
موسوعة اليهود واليهودية و الصهيونية
للدكتور عبد الوهاب المسيري
المجلد الأول: الإطـار النظــرى
الجزء الأول: إشكاليات نظرية
الباب الأول: مقـدمة
موسوعة تفكيكية (نقدية)
حينما بدأت أولى دراسـاتي المنشـورة بالعربية عن الصهيونيـة (نهاية التاريخ: مقدمة لدراسة بنية الفكر الصهيوني [القاهرة 1972])، وجدت أن معظم المؤلفين العرب يُضطرون إلى التوقف عند كل صفحة لتعريف بعض المصطلحات والشخصيات التي يشيرون إليها («الكيبوتس» ـ «بن جوريون» ـ «الماباي»). ولهذا، قررت أن أستمر في كتابـة دراسـتي دون توقُّف لتعريف كل مصطلح، ذلك التوقف الذي يؤدي حتماً إلى تشتُّت القارئ، على أن أُلحق بالدراسة مسرداً أُوضِّح فيه ما غَمُض من مصطلحات وأُعرِّف فيه بالأعلام. وتحوَّل مشروع المسرد تدريجياً إلى مشروع كتيب معجمي مستقل ترد فيه معاني المصطلحات وتُعرَّف فيه الشخصيات بطريقة معجمية. ثم تحوَّل مشروع الكتيب إلى معجم صغير، والمعجم الصغير إلى معجم كبير، والمعجم الكبير إلى مشروع موسوعة صغيرة (من جزء واحد) تهدف إلى توفير المعلومات (العربية والغربية) المتاحة حتى لا يُضيِّع الباحث العربي وقته في البحث عن المعلومات وحتى يتفرغ للعملية البحثية الحقيقية، أي عملية التفسير والتقييم. ولكنني حين بدأت في تنفيذ مشروع الموسوعة اكتشفت بعد قليل من البحث والتعمق أن مرجعية حقل الدراسات المعني باليهود واليهودية ومصطلحاته مُشبَّعة بالمفاهيم الأولية (القَبْلية) لليهودية والصهيونية، وأن عدداً هائلاً من المفردات (مثل «الشعب» و«الأرض») يكتسب دلالات خاصة تُخرجها عن معناها المعجمي المألوف، وأننا نترجم، ليس فقط حين نترجم، ولكننا نترجم حتى حين نؤلف وذلك بسبب غياب الرؤية النقدية. كما اكتشفت أن المعلومات، مهما بلغت من كثافة وذكاء وحذق، هي عملية لا نهاية لها، ولا جدوى من ورائها، فهي تشبه الرمال المتحركة، وهي لا تأتي بالمعرفة ولا بالحكمة لأنها محكومة بمقولات قَبْلية محدَّدة تتم مراكمة المعلومات في إطارها.
حينما أدركت ذلك تحولت الموسوعة من مجرد موسوعة معلوماتية صغيرة عادية تُعرِّف بالمصطلحات والأعلام إلى موسوعة كبيرة تحاول تفكيك المصطلحات والمفاهيم القائمة وتوضيح المفاهيم الكامنة وراءها بدلاً من تلخيصها والعرض لها. ولذا، فقد صدرت الموسوعة عام 1975 بعنوان فرعي رؤية نقدية حتى أنبه القارئ إلى أنه يتعامل مع موسوعة من نوع جديد، وهى تعد أول موسوعة متكاملة عن اليهود واليهودية والصهيونية، كتبها مؤرخ غير يهودي.
يتبع
يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق