568
الكامل في التاريخ ( ابن الاثير ) الجزء السابع والاخير
ذكر عصيان سنجر مملوك الخليفة بخوزستان ومسير العساكر إليه
كان قطب الدين سنجر مملوك الخليفة الناصر لدين الله قد ولاه الخليفة خوزستان بعد طاشتكين أمير الحاج كما ذكرناه فلما كان سنة ست وستمائة بدا منه تغير عن الطاعة فروسل في القدوم إلى بغداد فغالط ولم يحضر وكان يظهر الطاعة ويبطن التغلب على البلاد فبقي الأمر كذلك إلى الأول من هذه السنة فتقدم الخليفة إلى مؤيد الدين نائب الوزارة وإلى عز الدين بن نجاح الشرابي خاص الخليفة بالمسير بالعساكر إليه بخوزستان وإخراجه عنها فسارا في عساكر كثيرة إلى خوزستان فلما تحقق سنجر قصدهم إليه فارق البلاد ولحق بصاحب شيراز وهو أتابك عز الدين سعد ابن دكلا ملتجئًا إليه فأكرمه وقام دونه.
ووصل عسكر الخليفة إلى خوزستان في ربيع الآخر بغير ممانعة فلما استقروا في البلاد راسلوا سنجر يدعونه إلى الطاعة فلم يجب إلى ذلك فساروا إلى أرجان عازمين على قصد صاحب شيراز فأدركهم الشتاء فأقاموا شهورًا والرسل مترددة بينهم وبين صاحب شيراز فلم يجبهم إلى تسليمه فلما دخل شوال رحلوا يريدون شيراز فحينئذ أرسل صاحبها إلى الوزير والشرابي يشفع فيه ويطلب العهد له على أن لا يؤذى فأجيب إلى ذلك وسلمه إليهم هو وماله وأهله فعادوا إلى بغداد وسنجدر معهم تحت الاستظهار وولى الخليفة بلاد خوزستان مملوكه ياقوتًا أمير الحاج.
ووصل الوزير إلى بغداد في المحرم سنة ثمان وستمائة هو والشرابي والعساكر وخرج أهل بغداد إلى تلقيهم فدخلوها وسنجر معهم راكبًا على بغل بإكاف وفي رجله سلسلتان في يد كل جندي سلسلة وبقي محبوسًا إلى أن دخل صفر فجمع الخلق الكثير من الأمراء والأعيان إلى دار مؤيد الدين نائب الوزارة فأحضر سنجر وقرر بأمور نسبت إليه منكرة فأقر بها فقال مؤيد الدين للناس: قد عرفتم ما تقتضيه السياسة من عقوبة هذا الرجل وقد عفا أمير المؤمنين عنه وأمر بالخلع عليه فلبسها وعاد إلى داره فعجب الناس من ذلك.
وقيل إن أتابك سعد نهب مال سنجر وخزانته ودوابه وكل ماله ولأصحابه وسيرهم فلما وصل سنجر إلى الوزير والشرابي طلبوا المال فأرسل شيئًا يسيرًا والله أعلم.
وشيء من سيرته في هذه السنة أواخر رجب توفي نور الدين أرسلان شاه بن مسعود بن مودود بن زنكي بن آقسنقر صاحب الموصل وكان مرضه قد طال ومزاجه قد فسد وكانت مدة ملكه سبع عشرة سنة واحد وأحد عشر شهرًا وكان شهمًا شجاعًا ذا سياسة للرعايا شديدًا على أصحابه فكانوا يخافونه خوفا شديدًا وان ذلك مانعًا من تعدي بعضهم على بعض وكان له همة عالية أعاد ناموس البيت الأتابكي وجاهه وحرمته بعد أن كانت قد ذهبت وخافه الملوك وكان سريع الحركة في طلب الملك إلا أنه لم يكن له صبرا فلهذا لم يتسع ملكه ولو لم يكن له من الفضيلة إلا أنه لما رحل الكامل بن العادل عن ماردين كما ذكرناه سنة خمس وتسعين وخمسمائة عف عنها وأبقاها على صاحبها ولو قصدها وحصرها لم يكن فيها قوة الامتناع لأن من كانوا بها كانوا قد هلكوا وضجروا ولم يبق لهم رمق فأبقاها على صاحبها.
ولما ملك استغاث به إنسان من التجار فسأل عن حاله فقيل إنه قد أدخل قماشه إلى البلد ليبيعه فلم يتم له البيع ويريد إخراجه وقد منع من ذلك فقال: من منعه فقيل: ضامن البز يريد منه ما جرت به العادة من المكس وكان القيم بتدبير مملكته مجاهد الدين قايماز وهو إلى جانبه فسأله عن العادة كيف هي فقال: إن اشترط صاحبه إخراج متاعه مكن من العادة مدبرة إنسان لا يبيع متاعه لأي شيء يؤخذ منه ماله فقال مجاهد الدين: لا شك في فساد العادة مدبة إنسان لا يبيع متاعه لأي شيء يؤخذ منه ماله فقال مجاهد الدين: لا شك في فساد هذه العادة مدبرة إنسان لا يبيع متاعه لأي شيء يؤخذ منه ماله فقال مجاهد الدين: لا شك في فساد هذه العادة فقال: إذا قلت أنا وأنت إنها عادة فاسدة فما المانع من تركها وتقدم بإخراج مال الرجل وأن لا يؤخذ إلا ممن باع.
وسمعت أخي مجد الدين أبا السعادات رحمه الله وكان من أكثر الناس اختصاصًا به يقول: ما قلت له يومًا في فعل خير فامتنع منه بل بادر إليه بفرح واستبشار واستدعى في بعض الأيام أخي المذكور فركب إلى داره فلما كان بباب الدار لقيته امرأة وبيدها رقعة وهي تشكو وتطلب عرضها على نور الدين فأخذها فلما دخل إليه جاراه في مهم له فقال: قبل كل شيء تقف على هذه الرقعة وتقضي شغل صاحبتها فقال: لا حاجة إلى الوقوف عليها عرفنا إيش فيها.
فقال: والله لا أعلم إلا أنني رأيت امرأة بباب الدار وهي متظلمة شاكية.
فقال: نعم عرفت حالها ثم انزعج فظهر منه الغيظ والغضب وعنده رجلان هما القيمان بأمور دولته فقال لأخي: أبصر إلى أي شيء قد دفعت مع هذين.
هذه المرأة كان لها ابن وقد مات من مدة في الموصل وهو غريب وخلف قماشًا ومملوكين فاحتاط نواب بيت المال على القماش وأحضروا المملوكين إلينا فبقيا عندنا ننتظر حضور من يستحق التركة ليأخذها فحضرت هذه المرأة ومعها كتاب حكمي بأن المال الذي مع ولدها لها فتقدم منا بتسليم مالها إليها وقلت لهذين: اشتريا المملوكين منها وأنصفاها في الثمن فعادا وقالا: لم يتم بيننا بيع لأنها طلبت ثمنًا كبيرًا فأمرتهما بإعادة المملوكين إليها من مدة شهرين وأكثر وإلى الآن ما عدت سمعت لها حديثًا وظننت أنها أخذت مالها ولا شك أنها لم يسلما المملوكين إليها وقد استغاثت بهما فلم ينصفاها فجاءت إليك وكل من رأى هذه المرأة تشكو وتستغيث يظن أني أنا منعتها أن تتسلم أنت المملوكين وتسلمها إليها فأخذت المرأة مالها وعادت شاكرة داعية وله من هذا الجنس كثير لا نطول بذكره.
يتبع
( ان دراسة التاريخ تضيف الى الاعمار اعمارا ... و امة بلا تاريخ فهي بلا ماضي و لا حاضر و لا مستقبل )
يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق