949
تاريخ ابن خلدون ( ابن خلدون )
تاريخ ابن خلدون
المجلد الرابع
ص 3-55
القسم الأول
من تاريخ العلامة ابن خلدون
الدولة العلوية
ظهور الأطروش العلوي وملكه طبرستان:
الأطروش هذا من ولد عمر بن زين العابدين الذي كان منهم داعي الطالقان أيام المعتصم، وقد مر ذلك. واسم الأطروش الحسن بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن عمر، دخل إلى الديلم بعد مقتل محمد بن زيد وأقام فيهم ثلاث عشرة سنة، يدعوهم إلى الإسلام ويأخذ من العشر، ويدافع عنهم ملكهم ابن حسّان فأسلم منهم خلق كثير، واجتمعوا عليه وبنى في بلادهم المساجد، وحملهم على رأي الزيدية فدانوا به. ثم دعاهم إلى المسير معه إلى طبرستان. وكان عاملها محمد بن نوح، من قبل أحمد بن إسمعيل بن سامان، وكان كثير الإحسان إليهم فلم يجيبوا الأطروش إلى البغي عليه. ثم عزل ابن سامان عن طبرستان ابن نوح، وولىّ عليها غيره فأساء السيرة فأعاد إليها ابن نوح، ثم مات فاستعمل عليها أبا العبّاس محمد بن إبراهيم، صعلوكاً فأساء السيرة وتنكر لرؤساء الديلم، فدعاهم الحسن الأطروش للخروج معه فأجابوه فسار إليهم صعلوك، ولقيهم بشاطئ البحر على مرحلة من سالوس فانهزم وقتل من أصحابه نحو من أربعة آلاف، وحصر الأطروش بقيتهم في سالوس حتى استأمنوا إليه فأمنهم ونزل آمد.
وجاء صهره الحسن بن قاسم بن عليّ بن عبد الرحمن بن القاسم بن محمد البطحاني بن القاسم بن الحسن بن زيد والي المدينة، وقد مر ذكره فلم يحضر قتل أولئك المستأمنين، واستولى الأطروش على طبرستان وتسمى الناصر، وذلك سنة إحدى وثلاثمائة، ولحق صعلوك بالري، وسار منها إلى بغداد.
ثم زحف الناصر سنة اثنتين [وثلثمائة] فخرج عن آمد، ولحق بسالوس، وبث إليه صعلوك العساكر فهزمهم الحسن الداعي، وهو الحسن بن زيد. ثم زحفت إليه عساكر خراسان وهي للسعيد نصر بن أحمد فقتلوه سنة أربع وثلاثمائة، وولى صهره وبنوه، وكانت بينهم حروب بالديلم كما نذكره. وكان له من الولد أبو القاسم وأبو الحسن، وكان قواده من الديلم جماعة منهم ليلى بن النعمان، وولاه صهره الحسن بعد ذلك جرجان، وما كان بن كالي، وكانت له ولاية استراباذ، ويقرأ من كتاب الديلم، وكان من قواده الديلم جماعة أخرى منهم أسفار بن شيرويه من أصحاب ما كان ومرداويج من أصحاب أسفار
والسيكري من أصحابه أيضا، ومولويه من أصحاب مرداويح، ويأتي الخبر عن جميعهم.
وكان الحسن بن قاسم صهر الأطروش، وكان رديفه في الأمر حتى كان يعرف بالداعي الصغير، واستعمل على جرجان سنة ثمان وثلاثمائة ليلى بن النعمان من كبار الديلم، وكان له مكان في قومه، وكان الأطروش وأولاًده يلقّبونه المؤيد لدين الله، المنتصر لآل رسول الله، وكانت خراسان يومئذ لنصر بن أحمد من بني سامان.
وكان الدامغان ثغرها من ناحية طبرستان، وكان بها فراتكين من موالي ابن سامان فوقعت بينه وبين ليلى حروب، وهزمه ليلى، واستفحل أمره، ونزع إليه فارس مولى فراتكين فأكرمه وأصهر إليه بأخته واستأمن إليه أبو القاسم بن حفص وهو ابن أخت أحمد بن سهل قائد السامانية عندما نكب خاله أحمد فأمّنه وأجاره. ثم حرضه الحسن بن قاسم الداعي الصغير على المسير إلى نيسابور، فسار إليها، ومعه أبو القاسم بن حفص فملكها من يد فراتكين، سنة ثمان وثلاثمائة ،وخطب بها للداعي0 وأنفذ السعيد نصر عساكره إليه من بخارى مع قائده حمويّه بن عليّ، ومعه محمد بن عبيد الله البلعي وأبو جعفر صعلوك، وخوارزم شاه وسيجور الدواني ويقراخان فلقيهم ليلى بطوس، وقاتلوه فانهزم إلى آمد، ولم يقدر على الحصار، ولحقه يقراخان فقبض عليه، وبعث حمويه من قتله، واستأمن الديلم إليهم فأمّنوهم، وأشار حمويه بقتلهم فاستجاروا بالقواد، وبعث برأس ليلى إلى بغداد، وذلك في ربيع من سنة تسع وبقي فارس مولى فراتكين بجرجان.
يتبع
يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق