1395
قصة الحضارة ( ول ديورانت )
قصة الحضارة -> بداية عصر العقل -> ابتهاج غامر في إنجلت -> الثورة الكبرى -> البرلمان الطويل
8- البرلمان الطويل
اجتمع البرلمان في وستمنستر في 3 نوفمبر 1640. وكان مجلس العموم يضم نحو 500 عضو هم "زهرة الطبقة العليا والعامة المتعلمين.... مجلس أرستقراطي لا شعبي(69)"، يمثلون ثروة إنجلترا أكثر مما يمثلون شعبها، ولكنهم يناضلون من أجل المستقبل ضد الماضي. وأعيدت أغلبية أعضاء البرلمان القصير، متحفزين للانتقام. وتبوأ سلدن وهامدن وبيم أماكنهم من جديد. وكان كرومول رجلاً مرموقاً، ولو أنه لم يرق إلى الزعامة بعد.
إنه ليتعذر، على بعد الشقة، أن نصور كرومول تصويراً موضوعياً. فان المؤرخين منذ ظهر حتى اليوم، يصفونه بأنه منافق طموح(70)، أو قديس سياسي(71).... إنه شخصية متناقضة، ربما جمع-وربما وفق في بعض
?
صفحة رقم : 9661
الأحيان- في خلقه بين الصفات التي أدت إلى اختلاف الناس في تقديرهم له. وهذا هو مفتاح سيرة كرومويل.
كان كرومويل من ملاك الأرض من غير ذوي الحسب والنسب، الذين لم يتمتعوا ببريق الوظائف الحكومية، ولو أنه أسهم عن غير طيب نفس الإنفاق عليها. ومع ذلك فانه كان له أسلافها. فكان والده روبرت كرومويل يملك ضيعة متواضعة في هنتنجدون تدر 300 جنيه في العام. وكان جده الأكبر ريتشارد وليامز ابن أخي توماس كرومويل أحد قساوسة هنري الثامن، فغير اسمه إلى كرومويل، وحصل بوصفه كاهناً، أو من الملك، على شيء من الضياع والموارد المصادرة من الكنيسة الكاثوليكية(72)، وكان أوليفير واحداً من بين عشرة أطفال، وهو الوحيد الذي عمر، على حين مات الباقون في سن الطفولة وكان معلمه في المدرسة الثانوية واعظاً متحمساً، كتب رسالة يثبت فيها أن البابا عدو المسيح، وأخرى يعدد فيها العقوبات الإلهية للخاطئين المعروفين بسوء السمعة. والتحق أوليفر (1616) بكلية سدني سسكس في كمبردج، وكان ناظرها صمويل وارد الذي مات في السجن (1643) لاتخاذه موقفاً بيوريتانيا عنيداً ضد بدع لود و "إعلان الألعاب" الذي أصدره شارل. والظاهر أن أوليفر كمبردج قبل التخرج. وأخيراً في 1638 اتهم نفسه بمقارفة شيء من طيش الشباب ونزقه:
تعلمون أية حياة كنت أعيشها. آه لقد عشت في ظلام محبب
إلى نفسي، وكرهت النور. كنت زعيماً، ولكن زعيم
الخاطئين الآثمين. إن هذا الحق: كان التقي بغيضاً إلى قلبي،
ولكن الله حباني رحمته، آه ببركات رحمته سبحانه، احمدوه
واشكروه وأثنوا عليه من أجلي- وتوجهوا إليه من أجلي
بالدعاء، لعل من أسدى هذا الصنيع الجليل أن يتمه يوم
المسيح، أو يوم الحساب(73).
ومارس كرومويل كل ضروب الندم، وانتابه هذيان الموت وكل مظاهر القلق العقلي، مما بقي معه مكتئباً باستمرار، وتحدث بقية حياته بأسلوب الورع البيوريتاني.
?
صفحة رقم : 9662
ثم أستقر وتزوج وأنجب تسعة أطفال، وأصبح مواطناً نموذجياً، إلى حد أنه في 1628، وهو سن الثامنة والعشرين، انتخب ليمثل هنتنجدون في البرلمان. وباع ممتلكاته في هنتنجدون بمبلغ 1800 جنيه (1631) وانتقل إلى سانت إيف St. Ives، ثم بعدها إلى Ely. وعندما أعادته كمبردج إلى البرلمان (1640) وصفه عضو آخر بقوله: "يرتدي بشكل عادي جداً حلة من قماش بسيط.... ولم تكن ملابسه الداخلية نظيفة كل النظافة.. تلطخ ياقته الصغيرة بقعة أو بقعتان من الدم".. وكان وجهه منتفخاً يميل إلى الحمرة، وصوته حاداً مجرداً من التناغم-وكان طبعه منتقداً إلى حد بعيد، ولكن مع القدرة على ضبط النفس(74)،-وكان يتحين الفرصة الملائمة، ويخاطب الرب. وكان له قوة عشرة رجال. ومهما يكن من أمر، فان الله حتى هذه اللحظة، اصطفى أدوات أخرى.
إن جون بيم هو الذي كشف عن الغضب الذي ساد البرلمان باتهامه سترافورد بأنه يناصر البابوية سراً، وأنه يدبر قدوم جيش من إيرلندة للإطاحة بالبرلمان، و "تغيير القانون والديانة(75)". وفي 11 نوفمبر 1640 اتهم مجلس العموم إرل سترافورد، حيث لم يغفر له المجلس قط تخليه عن الملك-بالخيانة وأمر بإيداعه السجن. وفي 16 ديسمبر، وبعد أن أعلن المجلس أن القوانين الأنجليكيانية الجديدة باطلة قانوناً، اتهم رئيس الأساقفة لود "بالكثلكة" والخيانة، وأمر بإيداعه السجن كذلك، واعترف سلدن فيما بعد بقوله: "إننا نعلم أنهم لم يرتكبوا جريمة من هذا القبيل(76)". أما شارل فقد أصابه الذهول والحيرة إزاء هذه الخطوات العنيدة القاسية، إلى حد أنه لم يتخذ أي إجراء لحماية معاونيه. وبررت الملكة مخاوف البرلمان حين طلبت إلى كاهن الاعتراف الخاص بها أن يلتمس العون من البابا(77).
وعادت موجة التأثر والانفعال لدى الفريقين كليهما. وظهر بين المتطرفين في لندن حزب Root and Branch (استئصال الأصل والفرع)-وكان يضم ملتون-وتقدم إلى البرلمان بملتمس يطلب فيه إلغاء الحكومة الأسقفية، واستعادة حكومة الكنيسة إلى الشعب، ويستنكر فيه ما يقول به بعض الأساقفة من "أن البابا ليس
?
صفحة رقم : 9663
عدو المسيح، وأن الخلاص يمكن تحقيقه في العقيدة الكاثوليكية(78)". ورفض المجلس هذا الملتمس. ولكنه أقر تحريم ممارسة العمال التشريعية والقضائية على رجال الكنيسة. ووافق اللوردات شريطة احتفاظ الأساقفة بمقاعدهم في مجلس اللوردات. وهذا، على أية حال، هو ما كان يريده بالضبط أعضاء مجلس العموم، لأنهم توقعوا أن الأساقفة في مجلس اللوردات سوف يصوتون دائماً إلى جانب الملك. وزاد النار اشتعالاً، تلك النشرات التي انهالت، دفاعاً عن حكومة الأساقفة أو هجوماً عليها. وذهب جوزيف هول إلى أن لحكومة الأساقفة حقاً إلهياً، على أن الرسل، أو المسيح، هم الذين أسسوها. فرد عليه خمسة من المعلقين المشيخيين، في نشرة مشهورة ممهورة باسم مستعار Smectymnuus مكون من الأحرف الأولى لأسمائهم، وأعقبها خمسة هجمات عنيفة شنها ملتون. وفي 17 مايو 1641 عاد كرومويل فاقترح إلغاء حكومة الأساقفة إلغاء تاماً. وأقر مجلس العموم المشروع ورفضه مجلس اللوردات. وفي أول سبتمبر قرر أن تزال من كل الكنائس الإنجليزية كل "الصور الخليعة" وأن يمنع في "يوم الرب" (يوم الأحد) الرقص والألعاب الأخرى. واجتاحت إنجلترا موجة أخرى من تحطيم الصور المقدسة والقضاء على المعتقدات التقليدية، فأزيلت أسيجة المذبح وأستاره، وحطمت النوافذ ذات الزجاج الملون، ومزقت الصور إرباً(79). وعاد مجلس العموم فأقر مشروعاً بإقصاء الأساقفة في 23 أكتوبر. فأهاب الملك باللوردات، معلناً أنه قرر الاستشهاد في سبيل المحافظة على مبدأ الكنيسة الأنجليكانية ونظامها، وقد كان.. وضمن تدخله عدم إقرار المشروع. ولكن الجموع المعادية منعت الأساقفة من دخول البرلمان. ووقع إثنا عشر منهم احتجاجاً أعلنوا فيه أن أي تشريع يقر في غيبتهم يعتبر باطلاً عقيماً. فأدانهم البرلمان وأودعهم في السجن. وأخيراً أقر مجلس اللوردات قانون إقصاء الأساقفة (5 فبراير 1642). ولم يعد الأساقفة يتخذون مقاعدهم في البرلمان.
وتابع مجلس العموم تدعيم سلطانه، فاقترض من مدينة لندن المال اللازم لتغطية نفقاته. وأقر مشروعات قوانين تنص على أن تكون مدة البرلمان ثلاث
?
صفحة رقم : 9664
سنوات، وتحرم حل أي برلمان قبل مضي خمسين يوماً من بدء اجتماعه، وحل البرلمان الحالي دون موافقته. وأصلح نظام الضرائب والقضاء، وألغى محكمة قاعة النجم ومحكمة اللجنة العليا. وقضى على الاحتكارات وعلى ضريبة السفن. وألغى الحكم الصادر ضد هامدن. ومنع الملك حق جمع رسوم الصادرات والواردات، إلا لفترات يحددها البرلمان وحده. ووافق شارل على هذه الإجراءات، ولكن البرلمان جاوز الإصلاح إلى الثورة.
وفي مارس 1641 قدم المجلس ارل سترافورد إلى المحاكمة، وأدانه بتهمة الخيانة، وأرسل الحكم إلى الملك لتوقيعه. وخلافاً لما نصح به لود، شخص شارل إلى مجلس اللوردات، وأعلن أنه على الرغم من استعداده لعزل سترافورد من منصبه، فإنه لن يوافق قط على إدانته بالخيانة. فأعلن أعضاء مجلس العموم أن في حضور الملك انتهاكاً لحرمة البرلمان وإهداراً لحريته وفي اليوم التالي تجمعت "حشود ضخمة حول مجلس اللوردات وقصر الملك وهي تهتف "العدالة، العدالة": وتطالب بإعدام سترافورد. وتوسل مجلس الشورى الذي تولاه الجزع، إلى الملك أن يذعن، فأبى. وضم رئيس أساقفة يورك رجاءه إلى رجائهم في أن يوقع الملك على الحكم، وأنذره النبلاء بأن حياته وحياة الملكة وحياة أطفالهما في خطر، ولكنه أصر على الرفض. وأخيراً أرسل إليه نفس الرجل المحكوم عليه بالإعدام رسالة ينصحه فيها بالتوقيع، الذي هو البديل الوحيد "لعنف الرعاع(80)". فوقع شارل، ولكنه لم يغتفر لنفسه هذا العمل قط.. وفي 12 مايو 1641 سيق سترافورد إلى ساحة الإعدام، ومد لود يديه بين قضبان الزنزانة ليباركه أثناء مروره. ومات "الرجل الكامل" دون أنين أو تشنج، أمام أعين جمهور معاد.
ووسع إعدام سترافورد هوة الخلاف في المجلس وانقسامه إلى ما عرف فيما بعد بحزبي الأحرار والمحافظين-أولئك الذين أيدوا، والذين عارضوا انتقال سلطة بين الملك إلى البرلمان إلى حد أبعد، إن رجالاً مثل لوسيوس كاري (فيكونت
?
صفحة رقم : 9665
فوكلاند) وإدوارد هايد (ارل كلارندون فيما بعد) وكان كلاهما يساندان البرلمان-نقول إن هؤلاء الرجال تساءلوا: أولاً يكون الملك، بعد تأديبه وتهذيبه بمثل هذه القسوة، حصناً مرغوباً فيه ضد حكم الرعاع في لندن، وضد تحكم البيوريتانيين في الدين، وضد برلمان جامح يمكن أن يقوض أركان الكنيسة، ويهدد الملكية الخاصة، ويعرض للخطر الكيان الطبقي في الحياة الإنجليزية بأسره؟. وربما سلم بيم وهامدن وكرومويل بهذه الأخطار، ولكن كان ثمة خطر آخر كان يعتلج في نفوسهم، ألا وهو خوفهم على حياتهم هم أنفسهم إذا استعاد الملك قوته وسلطانه. إن الملك قد يأتي في أية لحظة بجيش نصف كاثوليكي من إيرلندة، كما اقترح سترافورد من قبل. وقرر البرلمان، من أجل سلامته وحمايته، الاحتفاظ بالجيش الاسكتلندي الموالي له في شمال إنجلترا، وأرسل إلى الاسكتلنديين منحة مبدئية قدرها 300 ألف جنيه، ووعد بدفع إعانة شهرية قدرها 25 ألفاً من الجنيهات(81).
وازدادت مخاوف البرلمان باندلاع ثورة عنيفة فجأة في إيرلندة (أكتوبر 1641). ودعا فليم أونل وروري أومرو الثالث، وغيرهم من الزعماء، إلى حرب التحرير-تحرير ألستر من مستعمريها الإنجليز، وتحرير الكاثوليك من ربقة الظلم، وتحرير إيرلندة من نير إنجلترا. وألهبت الثوار ذكريات الاضطهادات الفظيعة، وانتزاع الملكية وطرد الأهالي بصورة أليمة، فقاتلوا قتالاً عنيفاً وحشياً. أما الإنجليز في إيرلندة-دفاعاً عما بدا لهم آنذاك أنه ممتلكات شرعية لهم، وعن حياتهم-فانهم قابلوا الضراوة بأشد منها، وغدا كل انتصار بمثابة مذبحة. واشتبه البرلمان الإنجليزي خطأ في أن الملك أذكى نار الثورة لاستعادة الكثلكة إلى إيرلندة، ثم بعد ذلك إلى إنجلترا، فرفض طلب الملك مالاً لحشد جيش لإنقاذ الإنجليز في شرق إيرلندة، خشية أن يوجه مثل هذا الجيش ضد البرلمان ذاته. واستمرت ثورة إيرلنده في غمرة ثورة إنجلترا.
واشتدت الثورة حين رفع شارل إلى مرتبة أعلى، اثنين من الأساقفة المبعدين الذين حوكموا، فاقترح النواب الناقمون "الاحتجاج الأعظم" يلخصون فيه قضيتهم
?
صفحة رقم : 9666
ضد الملك ويعلنون عنها، ويمكن أن يرغم الملك على منح البرلمان حق الاعتراض على التعيينات في الوظائف الكبرى. وأحس كثير من المحافظين أن مثل هذا الإجراء سوف ينقل السلطة التنفيذية إلى البرلمان ويشل يد الملك. وازداد الانقسام الحزبي حدة، والمناقشات عنفاً، واستل الأعضاء سيوفهم ليؤكدوا وجهات نظرهم. وصرح كرومويل فيما بعد بأنه لو كان هذا الاقتراح رفض لركب البحر إلى أمريكا(82). ولكنه أقر بأغلبية 11 صوتاً. وفي أول ديسمبر 1641 قدم إلى الملك. وبدأ "الاحتجاج الأعظم" بتوكيد ولاء البرلمان للتاج، ومضى يعدد بالتفصيل إساءات الملك إلى البرلمان، والأضرار التي ألحقها بالبلاد، واستعرض العيوب التي عالجتها الإصلاحات البرلمانية، واتهم "الكاثوليك... والأساقفة، والقسم الفاسد من رجال الدين" والمستشارين ورجال الحاشية الأنانيين، بالتآمر على تحويل إنجلترا إلى الكاثوليكية. وأشار إلى تكرار خرق "ملتمسي الحقوق" وتكرار حل البرلمانات المنتخبة حلاً تعسفياً استبدادياً. وطالب الملك بالدعوة إلى عقد جمعية من علماء اللاهوت لإعادة المذهب الأنجليكاني إلى ما كان عليه قبل قوانين لود، واقترح على الملك أن يعزل من مجلس الشورى كل المناوئين لسياسة البرلمان، وأن يستخدم فقط منذ الآن. "مستشارين وسفراء ووزراء ممن يرى البرلمان مبرراً للوثوق بهم. وبدون هذا لن يستطيع الأعضاء أن يقدموا لجلالته الإمدادات اللازمة له، أو المساعدات للبروتستانت فيما وراء البحار، كما أراد جلالته(83)".
وتمهل شارل في الرد على هذا الإنذار النهائي. فتخطاه البرلمان إلى الشعب، وأمر بنشر "الاحتجاج الأعظم" ثم رد شارل فوافق على دعوة مجمع كنسي ليقمع كل "غزوات كاثوليكية"، ورفض حرمان الأساقفة من حق التصويت في البرلمان، وأصر على حقه في أن يختار لمجلس الشورى الملك أو للوظائف العامة كل من يرى أنه صالح. ثم طلب مرة أخرى اعتمادات مالية. ولكن البرلمان بدلاً من هذا، اقترح "قانون الميليشيا" الذي يخوله حق السيطرة على الجيش.
?
صفحة رقم : 9667
ولكن شارل، في غمرة الحيرة والتردد، كما هو شأنه دائماً، عمد إلى توجيه ضربة جريئة إلى البرلمان الذي شجبها على أنها عمل من أعمال الحرب. ذلك أنه في 3 يناير 1642 اتهم النائب العام، باسم الملك، أمام اللوردات، خمسة أعضاء من مجلس العموم-بيم، هامدن، هوللز، هسلريج، سترود-اتهمهم بالخيانة لعملهم على أن يشق الجيش عصا الطاعة على الملك، وتشجيعهم "دولة أجنبية" (إسكتلندة) على غزو إنجلترا وشن الحرب على الملك. وفي اليوم الثاني دخل شارل، تظاهره قوة من ثلاثمائة جندي تركهم عند الباب، إلى مجلس العموم للقبض على الرجال الخمسة، فلم يجدهم هناك. فقال الملك الحائر المرتبك، وقد صار في مأمن، "أرى أن كل الجبناء، قد هربوا"، وشيعته وهو في طريقه إلى الخروج صيحات الاستنكار والتوبيخ "الحصانة". لأن مثل هذا الغزو الملكي المسلح للبرلمان كان غير مشروع بشكل واضح صريح. وخشية الاعتقال بالجملة، انتقل النواب إلى دار البلدية "جلد هول" تحت حماية المواطنين. وعندما غادر شارل لندن إلى هامبتون كورت، عاد النواب، بما فيهم الخمسة المتهمون إلى وستمنستر. وهربت هنريتا سراً إلى فرنسا ومعها مجوهرات التاج لتشتري بها العون للملك. وسافر شارل إلى الشمال ومعه أختامه. وحاول أن يدخل هل لتأمين المؤن العسكرية هناك، ولكن المدينة أبت عليه ذلك. فغادرها إلى يورك. وأصدر البرلمان أوامره إلى جميع القوات المسلحة بألا تمتثل إلا للبرلمان وحده (5 مارس 1642). وانسحب من البرلمان خمسة وثلاثون من اللوردات وخمسة وستون من النواب، وانضموا إلى الملك في يورك، وأصبح إدوارد هايد آنذاك كبير مستشاري الملك.
وفي الثاني من يونية نقل البرلمان إلى شارل تسعة عشر اقتراحاً رأى أن قبولها ضروري للصلح. منها أن عليه أن يخول للبرلمان سلطة الإشراف على الجيش وجميع المواقع المحصنة. وأن يكون له حق تعديل الطقوس الدينية وحكومة الكنيسة، وتعيين وعزل وزراء التاج وحراس أبناء الملك، وأن يكون له سلطة إقصاء الإشراف الذين يعينون فيما بعد ذلك، عن مجلس اللوردات، ورفض شارل هذه
صفحة رقم : 9668
المقترحات، على أنها، عملياً، تقويض للملكية. وعين البرلمان-كأنما كان يتدرب على دور الثورة الفرنسية-لجنة "الأمن العام"، وأمر بأن "يحشد جيش على الفور، (12 يوليه)" وسافر كرومويل وآخرين إلى مواطنهم لجمع المتطوعين وتنظيمهم. وفي نداء إلى الأمة (2 أغسطس) أسس البرلمان ثورته، لا على رغبته في السيادة البرلمانية، بل على تفاقم الكاثوليكية في إنجلترا، وحذر البلاد من أن انتصار الملك لا بد أن يعقبه مذبحة عامة للقضاء على البروتستانت(84). أو في 17 أغسطس استولى وكلاء البرلمان على المخازن العسكرية في هل. وفي 27 أغسطس 1642 نشر شارل رايته فوق نوتنجهام، وبدأت الحرب الأهلية الأولى.
صفحة رقم : 9669
يتبع
يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق