إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الأربعاء، 6 أغسطس 2014

16 موسوعة اليهود واليهودية و الصهيونية للدكتور عبد الوهاب المسيري المجلد الأول: الإطـار النظــرى الجزء الأول: إشكاليات نظرية الباب الثانى: مفـردات المعنى والهدف والغاية



16


موسوعة اليهود واليهودية و الصهيونية

للدكتور عبد الوهاب المسيري

المجلد الأول: الإطـار النظــرى

الجزء الأول: إشكاليات نظرية

الباب الثانى: مفـردات

المعنى والهدف والغاية

«المعنى» هو «ما يُقصَد بشيء»، و«معنى الكلام» فحواه ومضمونه وما يدل عليه القول أو اللفظ أو الرمز أو الإشـارة. ومن هنا تُستخدَم عبارة «معنى الوجود» أو «معنى الحياة»، أي أن الوجود له هدف وغاية (باليونانية: تيلوس)، و«الغائية» هي الإيمان بأن العالم له معنى وغاية (وعكسها هو «العدمية»)، وهذا ما تفترضه الديانات التوحيدية ("ربنا ما خلقت هذا باطلاً سبحانك" آل عمران 191) فإن كان للوجود معنى، فحياة كل إنسان لها معنى، ولا يمكن تصوُّر معنى لعالم تسود فيه الصدفة، وتتم عملية خلقه بالصدفة المحضة، أو تكون حركته حركة مادية آلية مثل حركات الذرة. فإذا كانت حركة الإنسان هي نفسها حركة المادة، وكانت حركة المادة حتمية وتتم خارج وعي الإنسان وخارج أية غائية إنسانية، فإن كل ما يحدث سيحدث، ولا يمكن أن تنطبق عليه معايير خارجة عنه، أي أن كل الأمور تصبح نسبية بل حتمية وتتم تسوية الإنسان بالأشياء. والعلم الطبيعي الذي يتعامل مع الأشياء أو مع الإنسان بمنطق الأشياء ينتج معرفة منفصلة عن القيم الأخلاقية، بل إن تَقدُّم العلم مرتبط تمام الارتباط بانفصاله عن القيمة والغائية (إلى أن تنفصل النزعة التجريبية عن النزعة العقلانية تماماً). ومن هنا التمييز بين «المعنوي» و«المادي»، فالمعنوي مرتبط بالهدف والغاية وهما يتجاوزان المادة، أما المادي فلا هدف له ولا غاية. ونلاحِظ أنه في الحضارات المادية (سواء الوثنية القديمة أو العلمانية الحديثة) التي تعلي شأن المادة وترى أسبقيتها على الإنسان، أي ترى أسبقية المادي على المعنوي، يظهر ما يُسمَّى «أزمة المعنى» التي يعبَّر عنها بتعبيرات مثل «الاغتراب» أو «اللامعيارية (الأنومي)» و«التشيؤ» و«التسلع» وغيرها. ويعبِّر الأدب الحداثي عن أزمة المعنى التي يواجهها الإنسان الغربي.

ويُلاحَظ أن النسبية الحديثة تأخذ شكلاً جديداً تماماً، فهي لا تنكر إمكانية الوصول إلى المعنى، وإنما تطرح إمكانية الوصول إلى معان كثيرة كلها متساوية في الشرعية. وهي تنكر من ثم فكرة الحقيقة الكلية، فالكل بطبيعته، مادياً كان أم روحياً متجاوز للأجزاء، ومن ثم يشير إلى ما وراء الأجزاء وما وراء المادة. فوجود الكل المتجاوز للأجزاء يعني أن الأجزاء خاضعة للكل، وهي خاضعة له حسب فكرة ما ومعنى ما، لوجوس ثابت متجاوز، مطلق، وفي نهاية الأمر ميتافيزيقا، أي الإله، وهنا لا يمكن الاستمرار في إنكار القصد والغاية والمعنى وهرمية الواقع. وفكر ما بعد الحداثة هو تعبير عن هذا الاتجاه الذي يشكل في واقع الأمر إذعاناً كاملاً لأزمة المعنى وعملية تطبيع اللامعيارية التي يواجهها الإنسان الحديث.



يتبع

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق