إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الجمعة، 26 ديسمبر 2014

972 تاريخ ابن خلدون ( ابن خلدون ) تاريخ ابن خلدون المجلد الرابع صفحة 56 - 267 بقية أخبار الحاكم:



972

تاريخ ابن خلدون ( ابن خلدون )

تاريخ ابن خلدون

المجلد الرابع

صفحة 56 - 267


بقية أخبار الحاكم:

كان الحسن بن عمّار زعيم كتامة مدّبر دولته كما ذكرناه، وكان برجوان خادمه وكافله، وكان بين الموالي والكتاميين في الدولة منافسة. وكان كثيراً ما يفضي إلى القتال. واقتتلوا سنة سبع وثمانين. وأركب المغاربة ابن عمّار، والموالي برجوان، وكانت بينهم حروب شديدة. ثم تحاجزوا واعتزل ابن عمّار الأمور، وتخلّى بداره عن رسومه وجراياته، وتقدّم برجوان بتدبير الدولة. وكان كاتب بن فهر بن إبراهيم يربع، وينظر في الظلامات، ويطالعه. وولّى على برقة يانس صاحب الشرطة مكان صندل. ثم قتل برجوان سنة تسع وثمانين، ورجع التدبير إلى القائد أبي عبد الله الحسين بن جوهر، وبقي ابن فهر على حاله. وفي سنة تسعين انقطعت طرابلس عن منصور بن بلكين بن زيري صاحب أفريقية، وولّى عليها يأنس العزيزي، من موالي العزيز، فوصل إليها، وأمكنه عامل المنصور منها، وهو عصولة بن بكّار.وجاء إلى الحاكم بأهله وولده وماله وأطلق يد يأنس على مخلّفه بطرابلس، يقال كان له من الولد نيف وستون بين ذكر وأنثى، ومن السراري خمس وثلاثون فتلقيّ بالمبّرة وهُيّيء له القصور، ورُتّب له الجراية وقلّده دمشق وأعمالها ،فهلك بها لسنة من ولايته. وفي سنة إثنتين وتسعين وصل الصريخ من جهة فلفول بن خزرون المُغراوي في ارتجاع طرابلس إلى منصور بن بلكين، فجهزّت العساكر مع يحيى بن علي الأندلسي الذي كان جعفر أخوه عامل الزاب للعبيديين، ونزع إلى بني أمية وراء البحر. ولم يزل هو وأخوه في تصريفهم إلى أن قتل المنصور بن أبي عامر جعفراً منهما، ونزع أخوه يحيى إلى العزيز بمصر فنزل عليه، وتصرّف في خدمته وبعثه الآن الحاكم في العساكر لما قدّمناه، فاعترضه بنو قُرَّة ببرقة ففضّوا جموعه. ورجع إلى مصر وسار يانس من برقة إلى طرابلس، فكان من شأنه مع عصولة ما ذكرناه.وبعد وفاة عصولة وليَ على دمشق مفلح الخادم، وبعده عليّ بن فلاح سنة ثمان وتسعين. وبعد مسير يانس ولى على برقة صندل الأسود. وفي سنة ثمان وتسعين عزل الحسين بن جوهر القائد، وقام 



بتدبير الدولة صالح بن علي بن صالح الروباذيّ. ثم نكب حسين القائد بعد ذلك وقتل، ثم قتل صالح بعد ذلك، وقام بتدبير الدولة الكافي بن نصر بن عبدون، وبعده زُرعة بن عيسى بن نسطورس، ثم أبو عبد الله الحسن بن طاهر الوزّان. وكثر عيث الحاكم في أهل دولته، وقتْلِهِ إيّاهم مثل الجرجراي وقطعه أيديهم، حتى أنّ كثيراً منهم كانوا يهربون من سطوته، وآخرون يطلبون الأمان فيكتب لهم به السجلاّت. وكان حاله مضطرباً في الجور والعدل، والإخافة والأمن، والنسك والبدعة. وأمّا ما يرمى به من الكفر، وصدور السجلات بإسقاط الصلوات فغير صحيح، ولا يقوله ذو عقل، ولو صدر من الحاكم بعض ذلك لقتل لوقته. وأمّا مذهبه في الرافضة فمعروف. ولقد كان مضطرباً فيه مع ذلك، فكان يأذّن في صلاة التراويح ثم ينهى عنها. وكان يرى بعلم النجوم ويؤثره، وينقل عنه أنه منع النساء من التصرّف في الأسواق، ومنع من أكل الملوخيّا. ورفع إليه أنّ جماعة من الروافض تعرّضوا لأهل السُنَّة في التراويح بالرجم، وفي الجنائز فكتب في ذلك سجلاً قرىء على المنبر بمصر كان فيه:أمّا بعد، فإن‍ّ أمير المؤمنين، يتلو عليكم آية من كتاب الله المبين،{ لا إكراه في الدين }[ الآية]. مضى أمس بما فيه، وأتى اليوم بما يقتضيه. معاشر المسلمين نحن الأئمة، وأنتم الأمّة. لا يحلّ قتل من شهد الشهادتين ولا يحلّ عروة بين إثنين، تجمعها هذه الأخوّة، عصمَ الله بها من عصمْ، وحرّم لها ما حرّم، من كل محرّم، من دم ومال ومنكح، الصلاح والأصلح بين الناس أصلح، والفساد والإفساد من العبّاد يستقبح. يطوى ما كان فيما مضى فلا يُنْشَر، ويعرض عما انقضى فلا يُذْكَر. ولا يقبل على ما مرّ وأدبر من إجراء الأمور على ما كانت عليه في الأيام الخالية أيام آبائنا الأئمة المهتدين، سلام الله عليهم أجمعين، مهديهم بالله، وقائمهم بأمر الله، ومنصورهم بالله، ومعزّهم لدين الله، وهو إذ ذاك بالمهديّة والمنصوريّة، وأحوال القيروان تجري فيها ظاهرة غير خفيّة، ليست بمستورة عنهم ولا مطويّة. يصوم الصائمون على حسابهم ويفطرون، ولا يعارض أهل الرؤية فيما هم عليه صائمون ومفطرون، صلاة الخمس للدين بها جاءهم فيها يصلون، وصلاة الضحى وصلاة التراويح لا مانع لهم منها ولا هم عنها يدفعون. يخمّس في التكبير على الجنائز 



المخمّسون، ولا يمنع من التكبير عليها المربّعون. يؤذّن بحيّ على خير العمل المؤذّنون، ولا يؤذى من بها لا يؤذّنون. لا يسبّ أحد من السلف، ولا يحتسب على الواصف فيهم بما يوصف، والخالف فيهم بما خلف. لكل مسلم مجتهد في دينه اجتهاده وإلى الله ربّه ميعاده، عنده كتابه، وعليه حسابه. ليكن عباد الله على مثل هذا عملكم منذ اليوم، لا يستعلي مسلم على مسلم بما اعتقده، ولا يعترض معترض على صاحبه فيما اعتمده. من جميع ما نصّه أمير المؤمنين في سجلّه هذا، وبعد قوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضرّكم من ضلّ إذا اهتديتم إلى الله مرجعكم جميعاً فينبئكم بما كنتم تعملون } والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. كتب في رمضان سنة ثلاث وتسعين وثلاثمائة.


يتبع 

يارب الموضوع يعجبكم 
تسلموا ودمتم بود 
عاشق الوطن 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق