إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الجمعة، 26 ديسمبر 2014

938 تاريخ ابن خلدون ( ابن خلدون ) المجلد الثالث القسم الخامس من تاريخ العلامة ابن خلدون ص 509 - حتى النهاية وفاة المستنصر وخلافة المستعصم آخر بني العباس ببغداد:


938

تاريخ ابن خلدون ( ابن خلدون )

المجلد الثالث

القسم الخامس

من تاريخ العلامة ابن خلدون

 ص 509 - حتى النهاية


وفاة المستنصر وخلافة المستعصم آخر بني العباس ببغداد:



لم يزل هذا الخليفة المستنصر ببغداد فالنطاق الذي بقي لهم بعد استبداد أهل النواحي كما قدمنا. ثم انحل أمرهم من هذا النطاق عروة، وتملك التتر سائر البلاد، وتغلبوا على ملوك النواحي ودولهم أجمعين، ثم زاحموهم في هذا النطاق وملكوا أكثره. ثم توفي المستنصر سنة إحدى وأربعين لست عشرة سنة من خلافته، وبويع بالخلافة ابنه عَبْد الله ولقب المستعصم، وكان فقيهاً محدثاً. وكان وزيره ابن العلقمي رافضيًّا، وكانت الفتنة ببغداد لا تزال متصلة بين الشيعة وأهل السنة، وبين الحنابلة وسائر أهل المذاهب، وبين العيارين والدعار والمفسدين مبدأ الأمراء الأول، فلا تتجدد فتنة بين الملوك وأهل الدول إلا ويحدث فيها بين هؤلاء ما يعني أهل الدولة خاصة زيادة لمّا يحدث منهم أيام سكون الدولة واستقامتها، وضاقت الأحوال على المستعصم فأسقط أهل الجند وفرض أرزاق الباقين على البياعات والأسواق، وفي المعايش فاضطرب الناس وصالت الإحوال وعظم الهرج ببغداد، ووقعت الفتن بين الشيعة وأهل السنة، وكان مسكن الشيعة بالكرخ في الجانب الغربي وكان الوزير ابن العلقمي منهم فسطوا بأهل السنة، وأنفذ المستعصم ابنه أبا بكر وركن الدين الدوادار، وأمرهم بنهب بيوتهم بالكرخ ولم يراع فيه ذمة الوزير فآسفه ذلك- وتربص بالدولة وأسقط معظم الجند يمّوه بأنه يدافع التتر بما يتوفر من أرزاقهم في الدولة. وزحف هلاكو ملك التتر سنة إثنتين وخمسين إلى العراق، وقد فقح الري وأصبهان وهمذان، وتتبع قلاع الإسماعيلية؛ ثم قصد قلعة الموت سنة خمس وخمسين فبلغه في طريقه كتاب ابن الموصلايا صاحب أربل، وفيه وصية ابن العلقمي وزير المستعصم إلى هلاكو يستحثه لقصد بغداد، ويهون عليه أمرها فرجع عن بلاد الإسماعيلية، وسار إلى بغداد واستدعى أمراء التتر فجاءه بنحو مقدم العسكر ببلاد الروم، وقد كانوا ملكوها. ولما قاربوا بغداد برز للقائهم أيبك الدوادار في العساكر فانكشف التتر أولاً ثم تذامروا فانهزم المسلمون واعترضهم دون بغداد أو حال مياه من بثوق انتفثت من دجلة، فتبعهم التتر دونها، وقتل الدوادار، وأسر الأمراء الذين معه.ونزل هلاكو بغداد، وخرج إليه الوزير مؤيد الدين بن العلقمي فاستأمن لنفسه ورجع







 بالأمان إلى المستعصم، وأنه يبقيه على خلافته كما فعل بملك بلاد الروم. فخرج المستعصم ومعه الفقهاء والأعيان فقبض عليه لوقته، وقتل جميع من كان معه. ثم قتل المستعصم شدخاً بالعمد ووطأً بالأقدام لتجافيه بزعمه عن دماء أهل البيت، وذلك سنة ست وخمسين. وركب إلى بغداد فاستباحها واتصل العيث بها أياماً، وخرج النساء والصبيان وعلى رؤوسهم المصاحف والألواح فداستهم العساكر وماتوا أجمعين. ويقال أن الذي أحصي ذلك اليوم من القتلى ألف ألف وستمائة ألف، واستولوا من قصور الخلافة وذخائرها على ما لا يبلغه الوصف ولا يحصره الضبط والعد، وألقيت كتب العلم التي كانت بخزائنهم جميعاً في دجلة، وكانت شيئاً لا يعبر عنه مقابلة في زعمهم بما فعله المسلمون لأول الفتح في كتب الفرس وعلومهم. واعتزم هلاكو على إضرام بيوتها ناراً فلم يوافقه أهل مملكته. ثم بعث العساكر إلى ميافارقين فحاصروها سنين، ثم جهدهم الحصار واقتحموها عنوة وقتل حاميتها جميعاً وأميرهم من بني أيوب، وهو الملك ناصر الدين محمد بن شهاب الدين غازي بن العادل أبي بكر بن أيوب وبايع له صاحب الموصل، وبعث بالهدية والطاعة وولاه على عمله. ثم بعث بالعساكر إلى إربل فحاصرها وامتنعت فرحل العساكر عنها، ثم وصل إليه صاحبها ابن الموصلايا فقتله واستولى على الجزيرة وديار بكر وديار ربيعة كلها، وتاخم الشام جميع جهاته حتى زحف إليه بعد كما يذكر، وانقرض أمر الخلافة الإِسلامية لبني العباس بغداد، وأعاد لها ملوك الترك رسماً جديداً في خلفاء نصبوهم هنالك من أعقاب الخلفاء الأولين، ولم يزل متصلاً لهذا العهد على ما نذكر الآن. ومن العجب أن يعقوب بن إسحاق الكندي فيلسوف العرب ذكر في ملاحمه وكلامه على القرآن الذي دل على ظهور الملة الإِسلامية العربية أن انقراض أمر العرب يكون أعوام الستين والستمائة فكان كذلك، وكانت دولة بني العباس من يوم بويع للسفاح سنة إثنتين وثلاثين ومائة إلى أن قتل المعتصم سنة خمس وستمائة خمسمائة سنة وأربعاً وعشرين وعدد خلفائهم ببغداد سبعة وثلاثون خليفة. والله وارث الأرض ومن عليها وهو خير الوارثين.




يتبع 

يارب الموضوع يعجبكم 
تسلموا ودمتم بود 
عاشق الوطن 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق