إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الجمعة، 2 مايو 2014

1428 قصة الحضارة ( ول ديورانت ) قصة الحضارة -> بداية عصر العقل -> صراع العقائد على الس -> هنري الرابع -> الحب والزواج الفصل الرابع عشر هنري الرابع 1553-1610 1- الحب والزواج




1428


قصة الحضارة ( ول ديورانت )

 قصة الحضارة -> بداية عصر العقل -> صراع العقائد على الس -> هنري الرابع -> الحب والزواج

الفصل الرابع عشر


هنري الرابع


1553-1610


1- الحب والزواج


كانت أم هنري في العماد مارجريت أنجوليم، أميرة فالوا ونافار، والأخت التقية الحساسة، المحبوبة، لفرانسيس الأول، الجريء، الأنيق، عاشق النساء. أما أمه فجان دالبير المهرطقة، العنيدة، المتمردة، وأما أبوه أنطوان بوربون حفيد القديس لويس فكان وسيماً، شجاعاً، كيساً، مغروراً، ميالاً إلى التذبذب من مذهب إلى مذهب. ولا بد أن هنري حمل بين جنبيه-وهو يخرج إلى النور (14 ديسمبر 1553) في مدينة بو بإقليم بيارن-كل صفات أسلافه إلا التقوى. وقد أقنع جده السعيد أمه جان وهي في المخاض بأن، ترتل للعذراء ترتيلة، لثقته بأنها ستكون فألا حسناً، ثم دعك شفتي الوليد بالثوم وسقاه النبيذ على سبيل العماد في بيارن. أما البطل فقد استنفد لبن ثماني مرضعات.
لم يستطب التعليم، فقد كره الكتابة، وهرب من النحو، ولكنه تعلم كيف يكتب بأسلوب ساحر. وقرأ بلوتارخ كأنه إنجيل البطولة. وربى أكثر وقته في الخلاء، وبرز في الجري والوثب والمصارعة والركوب والملاكمة، وأكل الخبز الأسود والجبن والبصل، واستمتع بالصيف والشتاء بلذة سخرت من التشاؤم. نشئ هيجونوتيا، ولكنه لم يسمح قط للدين بأن يعطل الحياة. وحين دعي في التاسعة للعيش في البلاط وتعلم آدابه وأخلاقه، اعتنق الكاثوليكية في غير تردد، ولما عاد إلى بيارن في الثالثة عشرة استأنف العقيدة الهيجونوتية كأنه يغير ملابسه وفقاً لتغير المناخ.


?
    صفحة رقم : 9909    

وكان ينتقل بيسر أعظم من غرام إلى غرام-فأحب تجنوتفبيل الصغيرة، والآنسة مونتاجو، وأرنودين، ولاجارس (البغي)، وكترين دلوك، وآن دكاميفور. لقد كان يطرح العقائد والخليلات دون أن يعذب ضميره أو يغير هدفه.
فأما هدفه فهو أن يتربع على عرش فرنسا. فلما ناهز التاسعة عشرة، أصبح ملكاً على نافار بعد أن مات ابوه، ولكن هذا لم يكن سوى لقمة أثارت شهيته للملكية دون أن تشبعها، وذهب إلى باريس ليزف إلى مارجريت فالوا، فاستقبل استقبال وريث العرش لا يسبقه في خط الوراثة غير دوق أنجو ودوق النسون. وعندما وقعت المذبحة عقب زواجه، تمالك جأشه وأنقذ رأسه بالارتداد المؤقت عن مذهبه.
وأما عروسه »مارجو« فكانت أعظم نساء فرنسا فتنة وألينهن عريكة. فجمالها لا يرقى إليه شك، وقد تغنى به رونسار، ورتل برونتوم قصائد الغزل المشبوب في بشرتها الطرية الناعمة، وشعرها المتموج أو باروكاتها المتنوعة، وعينيها اللتين ترشقان المرح أو الغضب أو الشيطنة، وقوامها الممشوق كقوام محظية من محظيات القصور، المهيب كقوام ملكة، وقدميها الرشيقتين تقودان رقصات البلاط، وفيض حيويتها في جيل كله صراع وكآبة، كل هذه المفاتن اجتذبت العدد الوفير من العشاق إلى مخدعها، واتهمتها الشائعات بالاستسلام اللبق للغرام بل ولعشق المحارم(1) ولم يكن في وسع هنري أن يشكو وهو ذو العين الزائغة بين الحسان، ولكن حين استأنفت مارجو ذبذباتها-وكانت تزوجته على غير إرادتها-بعد انحناءة قصيرة منه لزواج المرأة الوحيدة، بدأ يتساءل من ترى سيكون أباً لأطفاله. واتخذ له خليلة، ثم مرض، فلم تدخر جهداً في تمريضه، وإن عزت علته إلى »إفراطه مع النساء« ولكن سرعان ما باعدت بينهما الشكوك المتبادلة حتى لقد كتبت تقول »لم نعد ننام معاً، ولا يكلم أحدنا الآخر(2)«.


?
    صفحة رقم : 9910    

وظل في البلاط ثلاث سنوات على كره منه. وذات ليلة (1575) بينما كان يصيد، رمح بجواده خارج الحدود، ثم هرب متنكراً عبر فرنسا، وشق طريقه وسط الأخطار إلى نيراك، وحكم بيارن وجبيين حكماً تميز بالعدل والذكاء. وهجر الكثلكة، ورد للبروتستنت سلطانهم في بيارن، وحماهم في جيين. وبعد ثلاث سنوات لحقت به مارجو، وأعانها الملك الشاب-في أوقات فراغه من الصيد أو قتال الكاثوليك- على جعل مباهج بلاطها الصغير تغطي على خياناتهما. وفي عام 1582 وبعد أن تعبت من تقديم العون لخليلاته في مخاضهن، عادت إلى باريس، ولكن مغامراتها هناك كانت صارخة بحيث أمرها هنري الثالث بأن تعجل بالعودة إلى زوجها. وبعد أن قضت عامين آخرين في بيارن اعتكفت في آجن. ووافق الملكان-»الهنريان« الآن-على أن تعيش اشبه بالحبيسة في قصر أوسون الريفي، وقررا لها معاشاً طيباً (1587-1605). وحولت سجنها صالوناً، واستقبلت فيه الشعراء والفنانين والعلماء والعشاق، وألفت مذكراتها الحافلة بالقيل والقال. وقد أطرى ريشليو أسلوبها، وأهداها مونتيني بعض مقالاته، وأثنى الوعاظ على برها بالفقراء. وبعد اغراءات لا يستهان بها وافقت على فسخ زواجها، وسمح لها بالعودة إلى باريس والبلاط (1601). فاستأنفت هناك غرامياتها وصالونها، ثم غدت بدينة، وتابت، واتخذت فانسان ديول قسيساً لها، وبنت ديراً، ثم ماتت في سلام وتقوى (1615) بالغة من العمر اثنين وستين عاماً. وهكذا اختتمت حياتها، كما قال معاصر لها، »مرجريت، البقية الباقية من سلالة فالوا، أميرة كلها... نيات طيبة... لم تؤذ أحداً إلا نفسها(3)«.

    صفحة رقم : 9911    

يتبع
 يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق