إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الجمعة، 2 مايو 2014

1402 قصة الحضارة ( ول ديورانت ) قصة الحضارة -> بداية عصر العقل -> صراع العقائد على الس -> إيطاليا الأم الخيرة -> أيام إيطاليا ولياليه 4-أيام إيطاليا ولياليها






1402


قصة الحضارة ( ول ديورانت )

 قصة الحضارة -> بداية عصر العقل -> صراع العقائد على الس -> إيطاليا الأم الخيرة -> أيام إيطاليا ولياليه

4-أيام إيطاليا ولياليها


كتب مونتيني حين رأى أهل روما عام 1581 »إنهم يبدون أقل تديناً من أهل المدن الصالحة في فرنسا، ولكنهم أكثر ولعاً بالمراسم والطقوس(54)« وكانت احتفالات أسبوع الآلام تشمل مواكب من أفراد يجلدون انفسهم حتى تسيل دماؤهم، وإذاعة قرارات الحرم البابوي، وعرضاً للقناع الذي مسحت به فيرونيكا العرق من جبين المسيح. »رأيت في عشية القيامة بكنيسة القديس يوحنا لاتيران رأس القديسين بولس و بطرس، المعروضين هناك، والمحتفظين بلحمهما، وجلدهما، ولحيتهما، كأنهما حيان(55). وكان إخراج الأرواح النجسة يمارس بطقوس شديدة الوقع في النفوس، ربما كضرب من العلاج النفسي الجماعي. ولقد تجاهلت الكاثوليكية في إيطاليا عن عمد عقول الصفوة من الناس وقدمت لجماهير الشعب ناموساً خلقياً خيراً ولكن غير مرحب به، لف في الشعر والدراما والرمزية والتنفيس والرجاء.
وشهد مونتيني بتحسن عام في أخلاق الناس، ولكن ما زالت العلاقات بين الجنسين يشوبها كثير من التراخي القديم. فقد بلغ من خلاعة المسرح الإيطالي سواء في الحركة أو الحوار أن مجلس شيوخ البندقية طرد جميع الممثلين من أراضيه (1577)(56) مع أنه كان يغضي عن البغاء. وكان الأدب الفاجر يشترى في أي مدينة كبيرة كما هي الحال اليوم في أي مكان تقريباً من العالم المسيحي. وحين اعتبر البابا بيوس الخامس اللواط جريمة كبرى جزع للقرار شباب روما من النبلاء. وقد دخل ثمانية لواطيين


?
    صفحة رقم : 9728    

برتغاليين في زواج رسمي، فقبض عليهم وأحرقوا(57). كذلك أمر بيوس بطرد البغايا من الدويلات البابوية (1566). وشكا رجال الأعمال من أن المرسوم سيقفز المدينة، فأذن البابا لبعض المومسات بالبقاء في حي معزول، وقدم المعونة الكبيرة للنساء اللاتي حاولن الانتقال إلى مهنة أحدث عمراً. أما سيكستوس الخامس، ذلك الذي قهر قطاع الطرق، فلم يصب غير انتصارات باهظة الثمن على الغانيات، كما تشهد مراسيمه المتكررة في 1586 و 1588 و 1589.
وإذ كان الحب الرومانسي لا يزال نزوة خارج الرباط الزوجي، والزواج تزويج المال بالمال، والطلاق محظوراً بأمر الكنيسة، فقد انغمس الأزواج من أرباب الخيال في الزنى. وفكر بيوس الخامس في اعتبار الزنى جريمة كبرى. وقد ورد في تقرير بتاريخ 25 أغسطس 1568 »إن التهديد بتقرير الإعدام عقوبة على الزنى أمر متوقع، فإما أن يتمسك كل امرئ بالفضيلة أو يرحل عن المدينة.« على أن بيوس لان وقنع بعقوبات أخف: فصدر حكم على سيدة من أشراف روما بالسجن المؤبد، وجلد مصرفي بارز بالسوط علانية، ونفي الكثيرون من المذنبين غير هؤلاء.
وفي أواخر القرن السادس عشر دخلت عادة وصفاء الزوجات إلى إيطاليا من أسبانيا بطريق نابلي وميلان: فكان للزوج من علية القوم أن يأذن لصديق بان يكون وصيفا (تابعاً شريفاً) لزوجته، والظاهر أن هذه العادة نشأت في أسبانيا إبان الحروب المتكررة وطول غياب الزوج عن بيته. وكان الوصيف الفارس يخدم السيدة النبيلة منذ استيقاظها حتى نومها، ولكن العرف لم يكن قد أغضى بعد عن الزنى الذي كثيراً ما رافق هذه العادة في إيطالية القرن الثامن عشر.
أما الجريمة فقد أفرخت برغم المعوقات اللاهوتية. فكثر الفتاك في ببيوت النبلاء، ورجال العصابات في الطرق العامة، والقراصنة في البحر المتوسط، والاغتيالات السياسية والغرامية. من ذلك أن باولو جوردانوا


?
    صفحة رقم : 9729    

أورسيني خنق إيزابللا مديتشي في فراشها كما فعل عطيل بزوجته؛ وقتل بييرو مديتشي لشبهة الزنى، وقد رأينا كيف نقل جون وبستر عن قصة فيتوريا أكورامبوني الدامية روايته »الشيطان الأبيض«، ومثل هذا سيفعله شلي مع بياتريتشي تشنشي، التي كان أبواها فرانشسكو تشنشي مضرب المثل في الرذيلة والتوحش. وفي عام 1594 حوكم بتهمة اللواط، ولكنه افلت بغرامة قدرها 105.000 سكودي. وماتت زوجته الأولى بعد أن ولدت له اثني عشر طفلا. ثم تشاجر مع أبنائه، فغادر روما مع بياتريتشي وزوجته الثانية لوكريتسيا بتروني، وانتقل إلى قلعة منعزلة في الطرق إلى نابلي. هناك حبسهما في عليتين وعاملهما بمنتهى القسوة، ولو أننا لا نملك دليلا على وجود علاقة محرمة بينه وبين ابنته. ووجدت بياتريتشي وسيلة للدخول في علاقة غير شرعية بينها وبين حارس القلعة. وبتحريض بياتريتشي، وزوجة أبيها، وشقيقيها جاكومو وبرناردو، أو لقاء أجر دفعوه له، قتل الحارس الأب في فراشه (1598)، مستعيناً بأحد القتلة المحترفين. وقبض على المتآمرين وحكموا، فدفعوا بالاستفزاز الذي لا يحتمل، وتقدم مواطنون كثيرون بطلب الرأفة إلى كلمنت الثامن، ولكنه ابى. فقطع رأسا بياتريتشي ولوكريتسيا، وعذب جاكومو حتى الموت(58).
ومع ذلك أخذت الأخلاق تنصلح، وآداب السلوك ترق، وكان للمجتمع الإيطالي مفاتن ولطائف لا يباريه فيها غير الفرنسيين,. فاللباس عند الطبقات العليا بهاء ملون من المخمل والساتان والحرير. وحوالي هذه الفترة بدأت نساء النبلاء يؤطرون وجوههن، ويكللن رؤوسهن، ويطرحن على أكتافهن الحرير الأسود »المانتيليا« وكان زياً فاشياً في أسبانيا. وظل وجهاء القوم يلبسون الجوارب الطويلة. أما العوام والتجار الذين ألفوا الزي التركي فأخذوا يعتادون لبس السراويل. وهزأت المسرحيات الفكاهية الإيطالية بهذه العادة في شخص »بانتاليوني« الهزلي المألوف، الذي اشتق



    صفحة رقم : 9730    

منه لفظاً »بانتالونز« و »بانتز« (في الانجليزية).
أما الملاهي فكانت كثيرة كما هي الحال في معظم الأقطار اللاتينية. فكان لروما كرنفالها السنوي قبل الصوم الكبير، وكانت الشوارع كما شهدها إيفلين عام 1645 »تعج بالبغايا والمهرجين والغوغاء من كل شكل »لون«(59) وكانت هناك سباقات في الكورسو، ترى فيها الجياد المغربية الفارهة، لا يمتطيها فارس ولكن تدفعها مهامز تتدلى على جوانبها، وسباقات للحمير، والجواميس؛ والشيوخ؛ والرجال العرايا، والغلمان، وكانت المسرحيات تمثل على مسارح متنقلة في الهواء الطلق. وكانت فنون الرقص والحديث والغزل تزين البيوت والحدائق والشوارع. وهل كان هناك إيطالي يجهل الغناء؟.



    صفحة رقم : 9731    

يتبع

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق