إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الخميس، 1 مايو 2014

1397 قصة الحضارة ( ول ديورانت ) قصة الحضارة -> بداية عصر العقل -> ابتهاج غامر في إنجلت -> الثورة الكبرى -> المتطرفون 10- المتطرفون 1646-1648




1397


قصة الحضارة ( ول ديورانت )

 قصة الحضارة -> بداية عصر العقل -> ابتهاج غامر في إنجلت -> الثورة الكبرى -> المتطرفون

10- المتطرفون


1646-1648


وراود شارل الأمل في أن يعامله الاسكتلنديون، وكأنه لا يزال ملكاً عليهم، ولكنهم آثروا أن يعتبروه سجيناً لديهم. وعرضوا عليه أن يعاونوه على استرداد عرشه، إذا قبل التوقيع على "التحالف والميثاق المقدسين" وبمقتضى ذلك. يكون مذهب المسيحية المشيخية إجبارياً في كل الجزر البريطانية، ولكنه أبى عليهم ذلك. وبعث


?
    صفحة رقم : 9676    


البرلمان الإنجليزي بمندوبيه إلى الاسكتلنديين في نيو كاسل يعرض عليهم ارتضاء شارل ملكاً، شريطة أن يقبل الميثاق، ويوافق على إقصاء زعماء الملكيين، ويسمح بسيطرة البرلمان على كل القوات المسلحة، وتعيين كبار موظفي الدولة، ولكن الملك رفض. وعرض البرلمان على الاسكتلنديين مبلغ 400 ألف جنيه لتسديد متأخراتهم ونفقاتهم، إذا عادوا إلى إسكتلندة وسلموا الملك إلى المندوبين الإنجليز. ووافق برلمان إسكتلندة، وقبل المال، لا على أنه ثمن الملك، بل على أنه تعويض عن نفقات الحرب. وأحس شارل، على أية حال، بأنهم قايضوا عليه بالذهب. ونقل إلى هولمبي هاوس في نورثمبتو نشير (يناير 1647) على أنه سجين البرلمان البريطاني.
واستعرض الجيش الإنجليزي المعسكر آنذاك في سافرون والدن، على بعد أربعين ميلاً من لندن، استعرض انتصاراته، وطالب بمكافآت متساوية. إن الاحتفاظ بجيش يبلغ ثلاثة وثلاثين ألف رجل، اضطر البرلمان إلى رفع الضرائب إلى ضعف أعلى معدل لها أيام شارل، ومع هذا تأخر للجند رواتب ما بين أربعة إلى عشرة شهور. وفوق ذلك فإن البيوريتانيين الذين انهزموا في البرلمان، كانت لهم اليد الطولى في الجيش، وحامت الشبهات حول زعيمهم كرومويل في أن له أطماعاً لا تتفق مع سيادة البرلمان. وأسوأ من هذا كله، أنه كان في فرقته "أنصار المساواة Levelers" الذين يرفضون أي تمييز بين المرتب في الدولة وفي الكنيسة، والذين نادوا بحق الاقتراع للبالغين وبالحرية الدينية. وكان نفر قليل منهم شيوعيين وفوضويين. وأعلن وليم والوين أن كل شيء يجب أن يكون مشاعاً مشتركاً، ومن ثم لن تعود هناك حاجة لقيام حكومة، لأنه لن يكون هناك حينذاك لصوص ولا مجرمون(92)" وكان جون للبورن Lilburne أعظم دعاة أنصار المساواة يزداد، بعد كل اعتقال وعقاب، شعبية في لندن (1646)(93). وهوجم كرومويل على أنه من "أنصار المساواة" ولكنه برغم تعاطفه معهم، كان يعارض آرائهم، إحساساً منه بأن إنجلترا آنذاك لا بد أن تؤدي فيها الديموقراطية إلى الفوضى.


?
    صفحة رقم : 9677    


واستاء البرلمان؛ وهو آنذاك "مشيخي". لما ينطوي عليه من خطر، وجود جيش عرمرم مزعج، في مكان قريب، وهو جيش مستقل ذو قوة. فأقر مشروعاً بتسريح نصفه، وتسجيل الباقي متطوعين للخدمة في إيرلندة. فطالب الجنود بمتأخر رواتبهم، فأقر البرلمان صرف جزء منها والباقي وعوداً. ورفض الجنود أن يتفرقوا إلا إذا دفعت استحقاقاتهم ورواتبهم كاملة. وجدد البرلمان المفاوضات مع الملك، وكاد أن يصل معه إلى اتفاق على إعادته إلى العرش، شريطة قبوله "الميثاق" لمدة ثلاثة أعوام. وحذر الملك من قبول هذا العرض، ولكن جماعة من الفرسان هاجمت هولمبي هاوس وأسرت الملك، واقتادته إلى نيوماركت (3-5 يونية 1647)، وأسرع كرومويل إلى نيوماركت، وجعل من نفسه رئيساً "لمجلس من الجيش"، وفي 10 يناير بدأ الجيش مسيرة غير متعرجة إلى لندن.. وفي الطريق أرسل إلى البرلمان أعلاناً صاغه أساساً صهر كرومويل القدير، هنري أيرتون Ireton، ندد فيه باستبداد البرلمان الذي لم يكن خيراً من استبداد الملك، وطالب بانتخاب برلمان جديد مع توسع في حق الانتخاب. ووقع البرلمان بين نارين، فإن التجار والصناع وأهل لندن كانوا يخشون احتلال الجيش للمدينة، وطالبوا، في صخب شديد بعودة الملك، وفق أية شروط كانت، تقريباً. وفي 26 يولية اقتحمت الجموع البرلمان وأرغموه على دعوة الملك إلى لندن، ووضع المليشيا تحت قيادة المشيخيين. وترك سبعة وستون من "المستقلين" البرلمان إلى جيش.
ودخلت القوات لندن في 6 أغسطس، وأتوا بالملك معهم، وأعيد "المستقلون" السبعة والستون إلى أماكنهم في البرلمان، الذي سيطر عليه الجيش منذ تلك اللحظة إلى أن قبض كرومويل على زمام الأمور. ولم تشب تصرفات الجيش شائبة من الفوضى أو التشويش، ولم تكن مجردة من المبادئ، بل حافظ على النظام في المدينة، وفي القوات المسلحة نفسها؛ بل إن الأجيال التالية أجازت مطالبه التي يحتمل أنها كانت غير عملية في أوانها. وفي نشرة بعنوان "قضية الجيش مدونة بصدق وأمانة" (9 أكتوبر 1647) طالب بحرية التجارة وإلغاء الاحتكارات، وإعادة الأراضي العامة إلى الفقراء، وألح على ألا يرغم إنسان على الشهادة ضد نفسه


?
    صفحة رقم : 9678    

في المحكمة(94). وفي "اتفاقية الشعب" (30 أكتوبر) أعلن "أن كل السلطة أصلاً وأساساً في مجموع الشعب بأسره"، وأن الحكومة العادلة الوحيدة هي التي تكون عن طريق ممثلين ينتخبون انتخاباً حراً يتوفر فيه حق الاقتراع للبالغين، وأنه بناء على هذا، فإن الملوك واللوردات، إذا سمح لهم بالبقاء فيجب أن يكونوا خاضعين لمجلس العموم، وأنه لا يجوز إعفاء أحد من سلطة القانون، وأنه يجب تمتع الجميع بالحرية الدينية الكاملة(95). قال الكولونيل رينزيورو "إن كل من ولد في إنجلترا، الفقير أو أحط الناس في المملكة، يجب أن يكون له صوت في اختيار أولئك الذين يضعون قوانين البلاد، تلك القوانين التي يعيش ويموت في ظلها(96)."
وخفف كرومويل من حدة المناقشة بدعوة زعمائها إلى الصلاة. واتهمه "أنصار المساواة" بالنفاق والتفاوض سراً لإعادة الملك، واعترف بأنه لا يزال يؤمن بالملكية، وأوضح لهم أن معارضة مقترحاتهم ستكون شديدة إلى حد لا يمكن معه التغلب عليها، "بقوة العضلات" وحدها. وبعد نقاش طويل أقنع الزعماء بأن يخففوا من مطالبتهم بالاقتراع العام إلى طلب التوسع في حق الانتخاب. ورفض بعض الجنود هذا الحل الوسط، وعلقوا "اتفاقية الشعب" في قبعاتهم، وتجاهلوا أمر كرومويل بالانصراف. وقبض على ثلاثة من زعماء الفتنة، وحوكموا أمام محكمة عسكرية قضت بإعدامهم. فأمرهم كرومويل بإجراء القرعة على حياتهم، ومن يخسر يعدم. وعاد النظام سيرته.
وفي الوقت نفسه تمكن الملك من الهرب من سجانيه العسكريين، واتخذ طريقه إلى الشاطئ وإلى جزيرة وايت حيث وجد مأوى أميناً في قلعة كارسبروك (14 نوفمبر 1648). وشدد من عزيمته ما ترامى إليه من أنباء ثورة الملكيين ضد البرلمان في الريف وفي الأسطول، وعرض عليه المندوبون الاسكتلنديون في لندن سراً، أن يمدوه بجيش يعيده إلى عرشه إذ قبل النصرانية المشيخية وإبطال ما عداها من المذاهب المسيحية. وارتضى الملك هذا "الارتباط" ولكنه حدده



    صفحة رقم : 9679    


بثلاث سنوات. وغادر المندوبون لندن ليحشدوا جيشاً. واعتمد البرلمان الاسكتلندي خطتهم لغزو إنجلترا، وأصدر في 3 مايو 1648 بياناً يطالب كل الإنجليز بالالتزام "بالميثاق"، ويحظر كل الأشكال الدينية فيما عدا المشيخية، ويأمر بحل جيش "المستقلين" ورأى البرلمان الإنجليزي أن تنفيذ هذه الاقتراحات لا يعي شيئاً إلا القضاء عليه وإخضاع إنجلترا لإسكتلندة. وأسرع بمصالحة كرومويل، وأقنعه بأن يقود قواته ضد الاسكتلنديين. ولا ريب أن البرلمان سر لإبعاد كرومويل، والإلقاء به إلى التهلكة، وبعد ثلاثة أيام من الأخذ والرد أقنع الجيش بأن يتبعه إلى ميدان المعركة. وتبعه الجيش على كره منه، وأقسم بعض الزعماء أنهم إذا قدر لهم إنقاذ إنجلترا فلسوف يكون من "واجبهم أن يستعدوا رجل الدم، شارل ستيوارت، ليقدم حساباً على الدماء التي سفكها(97)."


    صفحة رقم : 9680    

يتبع

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق