1445
موسوعة اليهود واليهودية و الصهيونية
للدكتور عبد الوهاب المسيري
المجلد الخامس: اليهودية.. المفاهيم والفرق
الجزء الثاني: المفاهيم والعقائد الأساسية في اليهودية
الباب الخامس: الأنبياء والنبوة
إرميــــا (حوالي 626-586 ق0م)
Jeremiah
«إرميا» أو «إيرمياهو»، وهي عبارة عبرية تعني «الإله يؤسس» أو «الإله يثبت» أو «الإله يُعلِّي». وإرميا ثاني الأنبياء الكبار، وكان من أسرة من الكهنة ناصبته العداء بسبب موقفه.
بدأ في التنبؤ عام 627 ق.م أثناء ملك يوشيا، فأعلن أن القدس ستسقط في يد البابليين، وحذر من الثورة ضدها. وقد اتهمه الكهنة بمحاولة الانضمام إلى العدو وسجنوه في قبو ليموت جوعاً، ولكن الملك رأف بحاله ونقله إلى سجن آخر وقدَّم له فيه الطعام. وظل إرميا على هذه الحال إلى أن سقطت القدس في يد البابليين على يد نبوختنصر، وتحوَّلت بعدها الدولة الجنوبية إلى دويلة تابعة. وبعد سقوط القدس، قام الموظفون البابليون بحمايته، بسبب موقفه الممالئ لبابل. ولكن بعد مقتل جداليا، وبعد أن نال الذعر من الثوار العبـرانيين، فرَّ العبرانيون إلى مصر واضطر إرميا إلى الفرار معهم، حيث استــمر في التنبــؤ هــناك. وكانت آخــر نبوءاته أن اللعنة ستـحل على يهود مصر لعبادتهم الأوثان (43، 44).
اتصفت نبوءته بالآلام والمرارة، ولكنه يطرح رؤية جديدة تماماً للتجربة الدينية يتجاوز بها الحلولية المادية الوثنية ويصل بها إلى التوحيدية الحقة إذ ينقلها من عالم الظاهر إلى عالم الباطن، ومن عالم القرابين إلى عالم القلب والحياة، ومن عالم المسئولية الجماعية إلى عالم المسئولية الأخلاقية الفردية. فالإله لا يطلب الذبائح فحسب، بل يطلب الطاعـة الداخليـة، فهو يريد من البشر حياة أخلاقية رفيعة (7/21 ـ 23): «محرقاتكم غير مقبولة وذبائحكم لا تلذ لي» 6/20). والإله لا يرضى إلا عن ذبائح المستمع المطيع (17/24 ـ 27). وسيأتي وقت لا يُذكَر التابوت فيه (3/16)، وإنما ينظر الإله إلى القلب وحسب (17/10، 20/12). وقد تنبأ إرميا بالعهد الجديد، حين يكون للشعب قلب جديد، وتُكتَب شريعة الرب في هذا القلب (24/7). غير أن ما يتوَّج سفر إرميا هو ما جاء في الإصحاح 31 في الفقرتين 31 ـ 33 إذ يقطع يهوه عهداً جديداً مع شعبه حيث يجعل شريعتهم في نفوسهم ويكتبها على قلوبهم، وليس على ألواح حجرية (لوحى الشريعة) كما حدث في عهد آبائهم. ومن هنا يعلن مبدأ المسئولية الفردية.
وقد ارتفع إرميا بفكرة الإله من مستوى الفكر القومي الضيق إلى مستوى الفكر العالمي، حيث تصبح العقيدة ديانة شخصية يعتنقها الفرد بعد أن يتوب إلى الإله ويرجع إليه، وتصبح الأساس الذي ينبني عليه العهد الجديد. وتصبح عبادة عالمية تتبعها كل الشعوب (3/17)، وسيعترفون بأن آلهتهم أكاذيب لا قيمة لها (16/19 ـ 20).
يتبع
يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق