1463
موسوعة اليهود واليهودية و الصهيونية
للدكتور عبد الوهاب المسيري
المجلد الخامس: اليهودية.. المفاهيم والفرق
الجزء الثاني: المفاهيم والعقائد الأساسية في اليهودية
الباب السادس: اليهودية الحاخامية (التلمودية)
كتب التفسير (مدراش)
Midrash
«مدراش» من الكلمة العبرية «درش»، أي «استطلع» أو «بحث» أو «درس» أو «فحص» أو «محص». والكلمة تُستخدَم للإشارة إلى ما يلي:
1 ـ منهـج في تفسير العهـد القديم يحاول التعمق في بعض آياته وكلماته، والتوسع في تخريج النصوص والألفاظ، والتوسع في الإضافات والتعليقات، وصولاً إلى المعاني الخفية التي قد تصل إلى سبعين أحياناً. وهناك قواعد مدراشية للوصول إلى هذه المعاني. ومثل هذه المعاني الخفية، تُذكَر دائماً مقابل الـ «بيشات» أي «التفسير الحرفي».
2 ـ ثمرة هذا المنهج من الدراسات والشروح، فالتلمود مثلاً يتضمن دراسات مدراشية عديدة، بمعنى أنها اتبعت المنهج المدراشي. ولكن هناك كتباً لا تتضمن سوى الأحكام والدراسات والتفسيرات المدراشية المختلفة ويُطلَق عليها أيضاً اسم «مدراش».
ويُفترَض أن مثل هذه الكتب المدراشية تعود إلى تواريخ قديمة شأنها في هذا شأن كل فروع الشريعة الشفوية. ويبدو أن العلماء المعروفين باسـم الكتبة (سـوفريم)، بدأوا بعد العـودة من بابل بزعامة عزرا، في دراسة التفسيرات التقليدية للشريعة المكتوبة، وأخذوا يطبقونها على الاحتياجات اليومية للجماعة اليهودية، واستمروا في ذلك حتى بداية ظهور معلمي المشناه (تنائيم).
وقد ازدهر الأدب المدراشي في عصر معلمي المشناه (تنائيم)، لكن البدء في تدوين كتب المدراش لم يحدث إلا بعد عدة قرون من إلقاء المواعظ. وهناك نحو أربع وعشرين مجموعة مدراشية يمكن تقسيمها إلى عدة أقسام حسب المرحلة التاريخية:
1 ـ الكتب المدراشية المبكرة (وتم جمعها في الفترة 400 ـ 600).
2 ـ كتب المرحلة الوسطى (640 ـ 1000).
3 ـ كتب المرحلة المتأخرة (1000 ـ 1200).
وهناك مختارات مدراشية من القرن الثالث عشر، إلى جانب مواعظ مدراشية يمكن أن ترد في مجموعات مدراشية مختلفة أو في الجماراه.
وتنقسم كتب المدراش إلى نوعين:
1- المدراش التشريعي الهالاخي (مشنوي)، وهي كتب المدراش التي تتضمن، أساساً، المبادئ الهادية إلى أحكام الشرع الديني (هالاخاه) - وهي تعليق على النصوص الشرعية، ومن أهمها:
أ) المخيلتا، وهذه كلمة آرامية تعني «المعيار» أو «المكيال» أو «الوعاء»، وتتضمن تسعة أبواب تُعالَج فيها أحكام شرعية موجودة في نص الكتاب المقدَّس (سفر الخروج) وتبدأ بالإصحاح رقم 12، وترجع المخيلتا إلى القرن الرابع أو القرن الخامس الميلادي.
ب) مخيلتا الحاخام شمعون بن يوحاي، وهي أيضاً تدور حول ما جاء في سفر الخروج من أحكام.
جـ) السفرا، أي «الكتابة» أو «الكتاب»، ويُسمَّى أيضاً «توراة الكهنة»، وهو تعليق على سفر اللاويين.
د) السفري (جمع سفرا)، وهو تعليق على سفر العدد، ابتداءً من إصحاحه الخامس، وعلى سفر التثنية بكامله.
هـ) سفر زوتا، وهو عن سفر العدد وحده.
ويختلف المخيلتا والسفري، عن بقية الكتب المدراشية، في المصطلح والمنهج. ويجب هنا أن نذكر ما يُسمَّى «مدراش معلمي المشناه (تنائيم)»، وهو تعليق على سفر التثنية ويتألف من فقرات مدراشية متفرقة وُجدت ضمن مختارات عُثر عليها في اليمن وتُسمَّى «مدراش هاجَّادول» أي «المدراش الأكبر».
ـ المدراش الأجادي، وهي التي كتبها الشراح (أمورائيم) وتتكون من المواعظ التي ألقوها في المعابد،واتبعوا فيها الأسلوب الأجادي أو الشرح القصصي على سبيل الوعظ.ومن أهم كتب المدراش الأجادية «مدراش رابا» (المدراش الكبير) الذي يتضمن أسفار موسى الخمسة، وتُدعى «بريشت (تكوين) راباه» و«شيموت (خروج) راباه» وهكذا في نشيد الأنشاد وراعوث وإستير وغيرها. وهناك مصنفات مدراشية أجادية أخرى مثل مدراش تنحوما ومدراش جالوت.
ويتكون التلمود أساساً، وخصوصاً المشناه، من أحكام مدراشية، ولكنه يتميَّز عن هذه الكتب المدراشية بأنه عبارة عن مناقشات وشروح تدور حول نصوص الأحكام الشرعية الناتجة من التفسير المدراشي بحيث لا يستند الشرح والتفسير إلى نصوص العهد القديم استناداً تاماً. فالمشناه تقدم الشريعة مجردة دون الأصل التوراتي، على عكس المدراش الذي يفسِّر نصاً أو نصوصاً توراتية. والاستخدام الشائع الآن لكلمة «مدراش» هو المدراش بالمعنى الأجادي أو القصصي الوعظي.
ويُقال إن يهود المدينة في عصر البعثة المحمدية كانوا لا يعرفون التلمود وكانوا يتداولون فيما بينهم بعض كتب المدراش.
يتبع
يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق