إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الجمعة، 26 ديسمبر 2014

955 تاريخ ابن خلدون ( ابن خلدون ) تاريخ ابن خلدون المجلد الرابع ص 3-55 القسم الأول من تاريخ العلامة ابن خلدون الدولة العلوية بقية أخبار المهدي بعد الشيعي:



955

تاريخ ابن خلدون ( ابن خلدون )

تاريخ ابن خلدون

المجلد الرابع

ص 3-55

القسم الأول

من تاريخ العلامة ابن خلدون

الدولة العلوية


بقية أخبار المهدي بعد الشيعي:

ولما استقام أمر المهدي بعد الشيعي، جعل ولاية عهده لابنه أبي القسم نزار، وولى على برقة وما إليها حباسة بن يوسف. وعلى المغرب أخاه عروبة، وأنزله باغاية فسار إلى تاهرت فاقتحمها، وولّى عليها دواس بن صولات اللهيص. ثم انتقضت عليه كتامة بقتله أبا عبد الله الشيعي، ونصبوا طفلاً لقبوه المهدي، وزعموا أنه نبيّ، وأن أبا عبد الله الشيعي لم يمت فجهز ابنهّ أبا القاسم لحربهم فقاتلهم وهزمهم، وقتل الطفل



 الذي نصبوه، وأثخن فيهم ورجع 0ثم انتقض أهل طرابلس سنة ثلاثمائة وأخرجوا عاملهم ماكنون فبعث إليهم ابنه أبا القاسم فحاصرها طويلاً، ثم فتحها وأثخن فيهم وأغرمهم ثلاثمائة ألف دينار. ثم أغزى ابنه أبا القاسم وجموعه كتامة سنة إحدى وثلاثمائة إلى الإسكندرية ومصر، وبعث أسطوله في البحر في مائتين من المراكب، وشحنها بالإمداد، وعقد عليها لحباسة بن يوسف، وسارت العساكر فملكوا برقة ثم الإسكندرية والفيوم.

وبعث المقتدر العساكر من بغداد مع سبكتكين ومؤنس الخادم فتواقعوا مّرات، وأجلاهم عن مصر فرجعوا إلى المغرب. ثم عاد حباسة في العساكر في البحر سنة اثنتين إلى الإسكندرية فملكها، وسار يريد مصر فجاء مؤنس الخادم من بغداد لمحاربته فتواقعوا مّرات، وكان الظهور آخراً لمؤنس، وقتل من أصحابه نحو من سبعة آلاف. وانصرف إلى المغرب فقتله المهدي وانتقض لذلك أخوه عروبة بالمغرب، واجتمع إليه خلق كثير من كتامة والبربر. وسرح إليهم المهدي مولاه غالبا في العساكر فهزمهم، وقتل عروبة وبني عمه في أمم لا تحصى. ثم انتقض أهل صقلية وتقبضوا على عاملهم عليّ بن عمرو، وولوا عليهم أحمد بن قهرب فدعا للمقتدار العبّاسي، وذلك سنة أربع وثلاثمائة، وخلع طاعة المهديّ وجهز إليه الأسطول مع الحسن بن أبي خنزير فلقيه أسطول بن قهرب فغلبه، وقتل ابن أبي خنزير.

ثم راجع أهل صقلية أمرهم وكاتبوا المهدي وثاروا بابن قهرب فخلعوه، وبعثوا به إلى المهدي فقتله على قبر ابن أبي خنزير، وولّى على صقلية علي بن موسى بن أحمد، وبعث معه عساكركتامة، ثم اعتزم المهدي على بناء مدينة على ساحل البحر يتخّذها معصماً لاهل بيته لما كان يتوقعه على الدولة من الخوارج.

(ويحكى عنه) أنه قال: بنيتها لتعتصم بها الفواطم ساعة من نهار، وأراهم موقف صاحب الحمار بساحتها فخرج بنفسه يرتاد موضعاً لبنّائها، ومربتونس وقرطاجنة حتى وقف على مكانها جزيرة متصلة بالبر كصورة كف اتصلت بزند، فاختطّ المهدية بها، وجعلها دار ملكه، وأدار بها سوراً محكماً، وجعل لها أبواباً من الحديد وزن كل مصراع مائة قنطار، وابتدأ ببنائها آخر سنة ثلاث. ولما ارتفع السور رمى من فوقه بسهم إلى ناحية المغرب، ونظر إلى منتهاه وقال: إلى هذا الموضع يصل صاحب الحمار يعني أبا يزيد. ثم أمر أن يبحث في الجبل لإنشاء السفن تسعمائة سفين، وبحث في أرضها



 أهراء للطعام ومصانع للماء، وبنى فيها القصور والدور فكملت سنة ست، ولما فرغ منها قال :اليوم أمنت على الفواطم.

ثم جهز إبنه أبا القاسم بالعساكر إلى مصر مرّة ثانية سنة سبع وثلاثمائة فملك الإسكندرية، ثم سار فملك الجيزة والاشمونين وكثيراً من الصعيد. وكتب إلى أهل مكة بطلب الطاعة فلم يجيبوا إليها، وبعث المقتدر مؤنساً الخادم في العساكر وكانت بينه وبين أبي القاسم عدة وقعات ظهر فيها مؤنس، وأصاب عسكر أبي القاسم الجهد من الغلاء والوباء فرجع إلى إفريقية، وكانت مراكبهم قد وصلت من المهدّية إلى الإسكندرية في ثمانين اسطولاً مدداً لأبي القاسم، وعليها سليمان الخادم ويعقوب الكتامي، وكانا شجاعين، وسار الأسطول من طرسوس للقائهم في خمسة وعشرين مركباً والتقوا على رشيد وظفرت مراكب طرسوس، واحرقوا وأسروا سليمان ويعقوب فمات سليمان في حبس مصر، وهرب يعقوب من حبس بغداد إلى إفريقية.

ثم اغزى المهدي سنة ثمان مضالة بن حبوس في رجالات مكناسة إلى بلاد المغرب، فأوقع بملك فاس من الأدارسة، وهو يحيى بن إدريس بن إدريس بن عمرو، واستنزله عن سلطانه إلى طاعة المهدي فأعطى بها صفقته، وعقد لموسى بن أبي العافية المكناسى من رجالات قومه على أعمال المغرب ورجع. ثم عاود غزو المغرب سنة تسع فدوخّه ومهد جوانبه، وأغراه قريبه عامل المغرب موسى بن أبي العافية بيحيى بن إدريس صاحب فاس، فتقبّض عليه، وضم فاس إلى أعمال موسى، ومحا دعوة الإدريسيّة من المغرب، وأجهضهم عن أعماله فتحيزوا إلى بلاد الريف وغمارة واستجدّوا بها ولاية كما نذكره في أخبار غمارة.

ومنهم كان بنو حمود العلويون المستولون على قرطبة عند انقراض ملك الأمويين في سنة ثلاث وأربعمائة، كما نذكر هنالك ثم صمد مضالة إلى بلاد سجلماسة فقتل أميرها من آل مدرار المكناسيين المنحرف عن طاعة الشيعة، وعقد لابنّ عمه كما نذكر في أخبارهم. وسار في أتباعه زناتة في نواحي المغرب فكانت بينه وبينهم حروب، هلك مضالة في بعضها على يد محمد بن خرز. واضطرب المغرب فبعث المهدي ابنه أبا القاسم غازيا إلى المغرب في عساكره كتامة وأولياء الشيعة سنة خمس عشرة وثلاثمائة ففرّ



محمد بن خزر، وأصحابه إلى الرمال.

وفتح أبو القاسم بلد مزاتة ومطماطة وهوّارة 



وسائر الإباضيّة والصفريّة ونواحي تاهرت قاعدة المغرب الأوسط إلى ما وراءها ثم عاج إلى الريف فافتتح بلد لكور من ساحل المغرب الأوسط. ونازل صاحب جراوة من آل إدريس وهو الحسن بن أبي العيش، وضيّق عليه ودوخ أقطار المغرب، ورجع ولم يلق كيداً. ومر بمكان بلد المسيلة وبها بنو كملان من هوّارة، وكان يتوقع منهم الفتنة فنقلهم إلى فجّ القيروان، وقضى الله أن يكونوا أولياء لصاحب الحمار عند خروجه. ولما نقلهم أمر ببناء المسيلة في بلدهم وسمّاها المحمّديّة، ودفع علي بن حمدون الاندلسي من صنائع دولتهم إلى بنائها، وعقد له عليها وعلى الزاب بعد اختطاطها فبناها وحصّنها وشحنها بالأقوات ،فكانت مددا للمنصور في حصار صاحب الحمار كما يذكر.

ثم انتقض موسى بن أبي العافية عامل فاس والمغرب، وخلع طاعة الشيعة، وانحرف إلى الأمويّة من وراء البحر، وبثّ دعوتهم في أقطار المغرب فنهض إليه أحمد ابن بصلين المكناسيّ قائد المهدي، وسار في العساكر فلقيه ميسور وهزمه، وأوقع به وبقومه بمكناسة، وأزعجه عن الغرب إلى الصحارى وأطراف البلاد، ودوّخ المغرب، وثقف أطرافه ورجع ظافراً.


يتبع 

يارب الموضوع يعجبكم 
تسلموا ودمتم بود 
عاشق الوطن 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق