إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الجمعة، 26 ديسمبر 2014

953 تاريخ ابن خلدون ( ابن خلدون ) تاريخ ابن خلدون المجلد الرابع ص 3-55 القسم الأول من تاريخ العلامة ابن خلدون الدولة العلوية وصول المهدي إلى المغرب واعتقاله بسجلماسة ثم خروجه من الاعتقال وبيعته:


953

تاريخ ابن خلدون ( ابن خلدون )

تاريخ ابن خلدون

المجلد الرابع

ص 3-55

القسم الأول

من تاريخ العلامة ابن خلدون

الدولة العلوية


وصول المهدي إلى المغرب واعتقاله بسجلماسة ثم خروجه من الاعتقال وبيعته:

 ولما توفي محمد الحبيب بن جعفر بن محمد بن إسمعيل الإمام، عهد إى ابنه عبيد الله وقال له: أنت المهدي وتهاجر بعدي هجرة بغيدة، وتلقى محنا شديدة. واتصل خبره بسائر دعاته في إفريقية واليمن، وبعث إليه أبو عبد الله رجالا من كتامة يخبرونه بما فتح الله عليهم، وانهم في انتظاره. وشاع خبره، واتصل بّالعباسيّين ،فطلبه المكتفي ففر، من أرض الشام إلى العراق. ثم لحق بمصر ومعه ابنه أبو القاسم غلاما حدثا وخاصته ومواليه، بعد أن كان أراد قصد اليمن فبلغه ما أحدث بها عليّ بن الفضل من بعد ابن حوشب، وانه أساء السيرة فانثنى عن ذلك، واعتزم على اللحاق بابي عبد الله الشيعي بالمغرب فارتحل من مصر إلى الإسكندرية، ثم خرج من الإسكندرية في زي التجّار. وجاء كتاب المكتفي إلى عامل مصر، وهو يومئذ عيسى النوشري بخبرهم، والقعود لهم بالمراصد، وكتب نعته وحليته فسرح في طلبهم حتى وقف عليهم، وامتحن أحوالهم فلم بقف على اليقين في شيء منها فخلى سبيلهم.

وجدّ المهدي في السير، وكان له كتب في الملاحم منقولة عن آبائه سرقت من رحله في 



طريقه، فيقال إن ابنه أبا القاسم استردّها من برقة حين زحف إلى مصر، ولما انتهى إلى طرابلس وفارقه التجّار أهل الرفقة بعث معهم أبا العباس أخا أبي عبد الله الشيعي إلى أخيه بكتامة، ومرّ بالقيروان، وقد سبق خبرهم إلى زيادة الله، وهو يسأل عنهم فقبض على أبي العباس، وساءله فانكر فحبسه. وكتب إلى عامل طرابلس بالقبض على المهدي ففاته، وسار إلى قسنطينة. ثم عدل عنها خشية على ابم العبّاس، أخي الشيعي المعتقل بالقيروان فذهب إلى سجلماسة، وبها اليسع بن مدرار فأكرمه.

ثم جاء كتاب زيادة الله، ويقال كتاب المكتفي بأنه المهدي الذي داعيته في كتامة فحبسه اليسع، ثم إن أبا عبد الله الشيعي بعد مهلك أبي خوال الذي كان مضايقاً لهم اجتمعت إليه سائركتامة، وزحف إلى سطيف فحاصرها مدة، وكان بها علي بن جعفر بن عسكوجة صاحبها، وأخوه أبو حبيب فملكها وكان بها ايضا داود بن جاثة من كبار لهيعة، لحق بها فيمن لحق من وجوه كتامة فقام بها من بعد علي وأخيه، واستأمن أهل سطيف فأمّنهم أبو عبد الله ودخلها فهدمها، وجهز زيادة الله العساكر إلى كتامة مع قريبه إبراهيم بن حشيش، وكانوا أربعين ألفا فانتهى إلى قسنطينة، فأقام بها وهم متحصنون بجبلهم. ثم زحف إليهم وواقعهم عند مدينة يلزمة فانهزم إلى باغاية، ولحق بالقيروان. وكتب الشيعي بالفتح إلى المهدي مع رجال من كتامة، اخفوا أنفسهم حتى وصلوا إليه وعرّفوه بالخبر. ثم زحف الشيعي إلى طبنة فحاصرها وقتل فتح بن يحيى المساكتي، ثم افتتحها على الأمان. ثم زحف إلى يلزمة فملكها عنوة.

وجهّز زيادة الله العساكر مع هارون الطبني عامل باغاية فانتهوا إلى مدينة أزمول، وكانوا في طاعة الشيعي فهدمها هارون وقتل أهلها، وزحف إليه عروبة بن يوسف من أصحاب الشيعي فهزمه وقتله. ثم فتح الشيعي مدينة ينجبت كلّها على يد يوسّف الغساني، ولحق عسكرها بالقيروان. وشاع عن الشيعي وفاؤه بالأمان فافنه الناس، وكثر الارجاف بزيادة الله فجهز العساكر وأزاح العلل، وأنفق ما في خزائنه وذخائره، وخرج بنفسه سنة خمس وتسعين، ونزل الأريس.

ثم حاد عن اللقاء، وأشار عليه أصحابه بالرجوع إلى القيروان، ليكون ردءاً للعساكر فرجع، وقدم على العساكر إبراهيم بن أبي الأغلب من قرابته، وأمره بالمقام هنالك. ثم زحف الشيعي إلى باغاية فهرب عاملها وملكها صلحاً، وبعث إلى مدينة قرطاجنة فافتتحها عنوة، وقتل عاملها، وسرح عساكره في إفريقية فردّدوا فيها الغارات على قبائل البربر من نفزة وغيرهم. ثم استأمن إليه أهل



 تيفاش فأمّنهم، واستعمل عليهم صواب بن أبي القاسم السكتاني فجاء إبراهيم بن الأغلب واقتحمها عليه. ثم نهض الشيعي في احتفال من العساكر إلى باغاية، ثم إلى سكتانة، ثم إلى تبسة ففتحها كفها على الأمان. ثم إلى القصرين من قمودة فأمّن أهلها وأطاعوه، وسار يريد رقادة فخشي إبراهيم بن أبي الأغلب على زيادة الله لقلة عسكره، فنهض إلى الشيعي واعترضه في عساكره واقتتلوا، ثم تحاجزوا، ورجع الشيعي إلى ايكجان، وإبراهيم إلى الأريس.

ثم سار الشيعي ثانية بعساكره إلى قسنطينة فحاصرها، واقتحمها على الأمان، ثم إلى قفصة كذلك، ثم رجع إلى باغاية فأنزل بها عسكراً مع أبي مكدولة الجيلي. ثم سار إلى إيكجان، وخالفه إبراهيم إلى باغاية، وبلغ الخبر إلى الشيعي فسرح لقتاله أبا مديني بن فروخ اللهيمي، ومعه عروبة بن يوسف الملوشي، ورجاء بن أبي قنة في اثني عشر ألفاً فقاتلوا ابن أبي الاغلب، ومنعوه من باغاية فرحل عنها، واتبعوه إلى فجّ العرعر ورجعوا عنه. ثم زحف أبو عبد الله الشيعي سنة ست وتسعين في مائتي الف من العساكر إلى إبراهيم بن أبي الاغلب بالاريس. ثم اقتتلوا أياما، ثم انهزم إبراهيم، واستبيح عسكره، وفرّ إلى القيروان، ودخل الشيعي الأريس فاستباحها، ثم سار فنزل قمودة، واتصل الخبر بزيادة الله وهو برقادة ففرّ إلى المشرق، ونهبت قصوره. وافترق أهل رقادة إلى القيروان وسوسة. ولما وصل إبراهيم بن أبي الاغلب إلى القيروان نزل قصر الإمارة، وجمع الناس، وأرادهم على البيعة له على أن يعينوه بالاموال فاعتدوا، وتصايحت به العامّة ففر عنها، ولحق بصاحبه. وبلغ أبا عبد الله الشيعي خبر فرارهم بسبيبة فقدّم إلى رقادة، وقدم بين يديه عروبة بن يوسف وحسن بن أبي خنزير فساروا، وأمّنوا الناس، وجاء على أثرهم.

وخرج أهل رقادة والقيروان للقائه فأفمّهم وأكرمهم، ودخل رقادرة في رجب سنة ست وتسعين، ونزل قصرها، وأطلق أخاه أبا العبّاس من الاعتقال ونادى بالأمان فتراجع الناس، وفر العمّال في النواحي. وطلب أهل القيروان فهربوا، وقسّم دور البلد، على

كتامة فسكنوها، وجمع أموال زيادة الله وسلاحه فأمر بحفظها وحفظ جواريه، واستأذنه الخطباء لمن يخطبون فلم يعين أحداً. ونقش على السكة من أحد الوجهين بلغت حجة الله، ومن الآخرّ تفرق أعداء الله، وعلى



 السلاح عدة في سبيل الله، وفي وسم الخيل، الملك لله. ثم ارتحل إلى سجلماسة في طلب المهدي، واستخلف على إفريقية أخاه أبا العبّاس، وترك معه أبا زاكي تمام بن معارك الألجائي، واهتزّ المغرب لخروجه، وفرت زناتة من طريقه. ثم بعثوا إليه بالطاعة فقبلهم، وأرسل إلى اليسع بن مدرار صاحب سجلماسة يتلطفه فقتل الرسل، وخرج للقائه. فلمّا تراءى الجمعان انفض معسكره، وهرب هو وأصحابه وخرج أهل البلد من الغد للشيعي، وجاؤوا معه إلى محبس المهدي وابنه فأخرجهما وبايع للمهدي، ومشى للمهدي، ومشى مع رؤساء القبائل بين أيديهما وهو يبكي من الفرح ويقول: هذا مولاكم، حتى أنزله بالمخّيم، وبعث في طلب اليسع فأدرك ،وجيء به فقتل، وأقاموا بسجلماسة اربعين يوماً، ثم ارتحلوا إلى إفريقية، ومروا بأيكجان، فسلم الشيعي ما كان بها من الاموال للمهدي.

ثم نزلوا رقادة في ربيع سبع وتسعين، وحضر أهل القيروان، وبويع للمهدي البيعة العامة، واستقام أمره، وبث دعاته في الناس فأجابوا إلا قليلا عرض عليهم السيف، وقسم الأموال والجواري في رجال كتامة، واقطعهم الأعمال، ودوّن الدواوين وجبى الأموال، وبعث العفال على البلاد فبعث على طرابلس ماكنون بن ضبارة الألجائي، وعلى صقلية الحسن بن احمد بن أبي خنزير، فسار إليها ونزل البحر، ونزل مازر في عيد الأضحى من سنة سبع وتسعين، فاستقضى إسحاق بن المنهال، وولّى اخاه على كريت. ثم أجاز البحر سنة ثمان وتسعين إلي العدوة الشمالية، ونزل بسيط قلورية من بلاد الافرنج فاثخن فيها، ورجع إلى صقلّية فاساء السيرة في أهلها فثاروا به وحبسوه، وكتبوا إلى المهدي فقبل عذرهم، وولّى عليهم مكانه علي بن عمر البلويّ فوصل خاتم تسع وتسعين.


يتبع 

يارب الموضوع يعجبكم 
تسلموا ودمتم بود 
عاشق الوطن 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق