2367
تاريخ ابن خلدون ( ابن خلدون )
من تاريخ العلامة ابن خلدون
المجلد الخامس
صفحة 179 حتى صفحة 342
مسير الروم إلى الشام وملكهم مراغة:
ولما استنجد الافرنج ببغدوين ملك أمم النصرانية كما مرّ، جمع ملك الروم بالقسطنطينية، وركب البحر سنة إحدى وثلاثين ولحقته أساطيله وسار إلى مدينة قيقية فحاصرها، وصالحوه
بالمال وسار عنها إلى أدنة والمصيصة، وهما لابن ليون الأرمني صاحب قلاع الدروب فحاصرهما وملكهما. وسار إلى عين زربة فملكها عنوة، وملك تل حمدون، ونقل أهله إلى جزيرة قبرص. ثم ملك مدينة أنْطاكِية في ذي القعدة من السنة، وبها رغيد من ملوك الافرنج فصالحه، ورجع إلى بفراس ودخل منها بلاد ابن ليون فصالحه بالأموال ودخل في طاعته. ثم خرج إلى الشام أول سنة اثنتين وثلاثين، وحاصر مراغة على ستة فراسخ من حلب، وبعثوا بالصريخ إلى الاتابك زنكي فبعث بالعساكر إلى حلب لحمايتها، وقاتل ملك الروم مراغة فملكها بالأمان منتصف السنة. ثم غدر بهم واستباحهم، ورحل إلى حلب فنزل بدابق ومعه الافرنج ورجعوا من الغد إلى حلب وحاصروها ثلاثاً فامتنعت عليهم وقتل عليها بطريق كبير منهم. ورحل عنها إلى قلعة الاتاود في شعبان من السنة فهرب عنها أهلها، ووضع الروم بها الأسرى والسبي ، وأنزلوا بها حامية. وبعث إليهم أسوار نائب حلب عسكراً فقتلوا الحامية، وخلصوا الأسرى والسبي ورحل الاتابك من حصن الأثارب بعد فتحه إلى سلمية وقطع الفرات إلى الرقة. واتبع الروم فقطع عنهم الميرة وقصد الروم قلعة شيزر، وبها سلطان بن علي بن مقلد بن نصر بن منقذ الكناني فحاصروها، ونصبوا المجانيق عليها. واستصرخ صاحبها بالأتابك زنكي فسار إليه، ونزل نهر العاصي بين شيزر وحماة. وبعث السرايا تختطف من حول معسكر الروم. وبعث إلى الروم يدعوهم إلى المناجزة والنزول إلى البسيط فخافوا عن ذلك، فرجع إلى التضريب بين الروم والافرنج يحذر أحد الفريقين من الآخر، حتى استراب كل بصاحبه فرحل ملك الروم في رمضان من السنة بعد حصار شيزر أربعين يوماً وأتبعه الاتابك فلحقهم واستلحمهم واستباحهم. ثم أرسل القاضي كمال الدين محمد بن عبد الله الشهرزوري إلى السلطان مسعود يستنجده على العدو ويحذره الروم واستيلاءهم على حلب، وينحدرون من الفرات إلى بغداد فوضع القاضي كمال الدين في جامع القصر من ينادي بصريخ المسلمين والخطيب على المنبر، وكذا في جامع السلطان فعظم الصراخ والبكاء، وتسايلت العوام من كل جانب، وجاؤا إلى دار السلطان في تلك الحالة، وقد وقع العويل والصراخ فعظم الهول على السلطان مسعود وجهز عسكراً عظيماً. وخاف القاضي كمال الدين غائلته ثم وصل الخبر برحيل ملك الروم فأخبر القاضي السلطان مسعود بذلك ومن مسيرالعسكر والله تعالى أعلم.
يتبع
يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق