2335
تاريخ ابن خلدون ( ابن خلدون )
من تاريخ العلامة ابن خلدون
المجلد الخامس
صفحة 179 حتى صفحة 342
الخبر عن دولة بني أرتق وملكهم لماردين وديار بكر ومبادي أمورهم وتصاريف أحوالهم:
كان أرتق بن أكسك ويقال اكست، والأول أصح. كلمة أولها همزة ثم كافان الأولى ساكنة بينهما سين، من مماليك السلطان ملك شاه بن ألب ارسلان ملك السلجوقية، وله مقام محمود في
دولتهم وكان على حلوان وما إليها من أعمال العراق. ولما بعث السلطان ملك شاه عساكره إلى حصار الموصل مع فخر الدولة بن جهير سنة سبع وسبعين وأربعمائة أردفة بعسكر آخر مع أرتق فهزمه مسلم بن قريش فحاصره بآمد. ثم داخله في الخروج من هذا الحصار على مال اشترطه، ونجا إلى الرقة. ثم خشي أرتق من فعلته تلك فلحق بتتش حتى سار إلى حلب طامعاً في ملكها فلقيه تتش وهزمه. وكان لأرتق في تلك الواقعة المقام المحمود. ثم سار تتش إلى حلب وملكها، واستجار مقدمها ابن الحسين بأرتق فأجاره من السلطان تتش. ثم هلك ارتق سنة ثلاث وثمانين وأربعمائة بالقدس. وملك من بعد ابنا ارتق ابن أخيهما أبو الغازي وسقمان. وكان لهما معه الرها وسروج. ولما ملك الإفرنج أنْطاكِية سنة إحدى وتسعين وأربعمائة اجتمعت الأمراء بالشام والجزيرة وديار بكر وحاصروها. وكان لسقمان في ذلك المقام المحمود. ثم تخاذلوا وافترقوا وطمع أهل مصر في ارتجاع القدس منهم. وسار إليها الملك الأفضل المستولي على دولتهم فحاصرها أربعين يوما وملكها بالأمان. وخرج سقمان وأبو الغازي ابنا ارتق وابن أخيهما ياقوتي وابن عمهما سونج، وأحسن إليهم الأفضل وولى على بيت المقدس ورجع إلى مصر. وجاء الإفرنج فملكوها كما تقدم في أخبار الدولة السلجوقية. ولحق أبو الغازي بالعراق فولي شحنة بغداد، وسار سقمان إلى الرها فأقام بها وكان بينه وبين كربوقا صاحب الموصل فتن وحروب أسر في بعضها ياقوتي ابن أخيه. ثم توفي كربوقا سنة خمسة وتسعين وولي الموصل بعده موسى التركماني وكان نائباً بحصن كيفا فزحف إليه جكرمس صاحب جزيرة ابن عمر وحاصره بالموصل واستنجد موسى سقمان على أن يعطيه حصن كيفا فانجده وسار إليه وأفرج عنه جكرمس وخرج موسى للقاء سقمان فقتله مواليه غدراً، ورجع سقمان إلى حصن كيفا فملكه ثم كانت الفتنة بين أبي الغازي وكمستكين القيصري لما بعثه بركيارق شحنة على بغداد وكان هو شحنة من قبل السلطان محمد فمنع القيصري من الدخول واستنجد أخاه سقمان فجاء إليه
من حصن كيفا في عساكره ونهب تكريت وخرج إليه أبو الغازي، واجتمع معهم صدقة بن مزيد صاحب الحلة، وعاثوا في نواحي بغداد وفتكوا بنفر من أهل البلد وبعث إليهم الخليفة في الصلح على أن يسير القيصري إلى واسط فسار إليها ودخل أبو الغازي بغداد، ورجع سقمان إلى بلده وقد مرّ ذلك في أخبارهم ثم استولى مالك بن بهرام أخي سقمان على عامّة الخرمية سنة سبع وتسعين، وكان له مدينة سروج فملكها منه الإفرنج، وسار إلى غانة فملكها من بني يعيش بن عيسى بن خلاط. واستصرخوا بصدقة بن مزيد، وارتجعها لهم منه، وعاد إلى الحلة فعاد مالك فملكها واستقرّت في ملكه. ثم اجتمع سقمان وجكرمس صاحب الموصل على جهاد الإفرنج سنة سبع وتسعين، وهم محاصرون حران فتركوا المنافسة بينهم وقصدوهم وسقمان في سبعة آلاف من التركمان فهزموا الإفرنج، وأسروا القمص بردويل صاحب الرها، أسره أصحاب سقمان فتغلب عليهم أصحاب جكرمس وأخذوه، وافترقوا بسبب ذلك وعادوا إلى ما كان بينهم من الفتن، والله أعلم.
يتبع
يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق