إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الأربعاء، 27 يوليو 2016

266 الكامل في التاريخ ( ابن الاثير ) الجزء السابع والاخير ذكر ملك شمس الدولة زبيد وعدن وغيرهما من بلاد اليمن



266


الكامل في التاريخ ( ابن الاثير ) الجزء السابع والاخير

ذكر ملك شمس الدولة زبيد وعدن وغيرهما من بلاد اليمن

قد ذكرنا قبل أن صلاح الدين يوسف بن أيوب صاحب مصر وأهله كانوا يخافون من نور الدين محمود أن يدخل إلى مصر فيأخذها منهم فشرعوا في تحصيل مملكة يقصدونها ويتملكونها تكون عدة لهم إن أخرجهم نور الدين من مصر ساروا إليها وأقاموا بها فسيروا شمس الدولة تورانشاه بن أيوب وهو أخوا صلاح الدين الأكبر إلى بلد النوبة فكان ما ذكرناه‏.‏

فلما عاد إلى مصر استأذنوا نور الدين في أن يسير إلى اليمن لقصد عبد النبي صاحب زبيد لأجل قطع الخطبة العباسية فأذن في ذلك‏.‏

وكان بمصر شاعر اسمه عمارة من أهل اليمن فكاك يحسن لشمس الدولة قصد اليمن ويصف البلاد له ويعظم ذلك في عينه فزاده قوله رغبة فيها فشرع يتجهز ويعد الأزواد والروايا والسلاح وغيره من الآلات وجند الأجناد فجمع وحشد وسار عن مصر مستهل رجب فوصل إلى مكة أعزها الله تعالى ومنها إلى زبيد وفيها صاحبها المتغلب عليها المعروف بعبد النبي فلما قرب منها رآه أهلها فاستقلوا من معه فقال لهم عبد النبي‏:‏ كأنكم بهؤلاء وقد حمي عليهم الحر فهلكوا وما هم إلى أكلة رأس فخرج إليهم بعسكره فقاتلهم شمس الدولة ومن معه فلم يثبت أهل زبيد وانهزموا ووصل المصريون إلى سور زبيد فلم يجدوا عليه من يمنعهم فنصبوا السلالم وصعدوا السور فملكوا البلد عنوة ونهبوه وأكثروا النهب واخذوا عبد النبي أسيرًا وزوجته المدعوة بالحرة وكانت امرأة صالحة كثيرة الصدقة لا سيما إذا حجت فإن فقراء الحاج كانوا يجدون عندها صدقة دارة وخيرًا كثيرًا ومعروفًا عظيمًان وسلم شمس الدولة عبد النبي إلى بعض أمراءه يقال له سيف الدولة مبارك بن كامل من بني منقذ أصحاب شيزر وأمره أن يستخرج منه الأموال فأعطاه منها شيئًا كثيرًا ثم إنه دلهم على قبر قكان قد صنعه لوالدهن وبنى عليه بنية عظيمة وله هناك دفائن كثيرة فأعلمهم بها فاستخرجت الأموال من هناك وكانت جليلة المقدار وأما الحرة فإنها أيضًا تدلهم على ودائع لها فأخذ منها مالًا كثيرًا‏.‏

ولما ملكوا زبيد واستقر الأمر لهم بها ودان أهلها وأقيمت فيها الخطبة العباسية اصلحوا حالها وساروا إلى عدن وهي على البحر ولها مرسى عظيم وهي فرضة الهند والزنج والحبشة وعمان وكرمان وكيس وفارس وغير ذلك وهي من جهة البر من أمنع البلاد وأحصنها وصاحبها إنسان اسمه ياسر فلو أقام بها ولم يخرج عنها لعادوا خائبين وإنما حمله جهله وانقضاء مدته على الخروج إليهم ومباشرة قتالهم فسار إليهم وقاتلهم فانهزم ياسر ومن معه وسبقهم بعض عسكر شمس الدولة فدخلوا البلد قبل أهله فملكوه وأخذوا صاحبه ياسر أسيرًا وأرادوا نهب البلد فمنعهم شمس الدولة وقال‏:‏ ما جئنا لنخرب البلاد وغنما جئنا لنملكها ونعمرها وننتفع بدخلها فلم ينهب منها أحد شيئًا فبقيت على حالها وثبت ولما مضى إلى عدن كان معه عبد النبي صاحب زبيد مأسورًا فلما دخل إلى عدن قال‏:‏ سبحان الله‏!‏ كنت قد علمت أنني ادخل إلى عدن في موكب كبير فأنا انتظر ذلك وأسر به ولم أكن أعلم أنني أدخلها على هذه الحال‏.‏

ولما فرغ شمس الدولة من أمر عدن عاد إلى زبيد وملك أيضًا قلعة التعكر والجند وغيرها من المعاقل والحصون واستناب بعدن عز الدين عثمان بن الزنجيلي وبزبيد سيف الدولة مبارك ابن منقذ وجعل في كل قلعة نائبًا من أصحابه وألقى ملكهم باليمن جرانه ودام وأحسن شمس الدولة إلى أهالي البلاد واستصفى طاعتهم بالعدل والإحسان وعادت زبيد إلى أحسن أحوالها من العمارة والأمن‏.‏



 يتبع

( ان دراسة التاريخ تضيف الى الاعمار اعمارا ... و امة بلا تاريخ فهي بلا ماضي و لا حاضر و لا مستقبل )

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق