إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الأربعاء، 27 يوليو 2016

273 الكامل في التاريخ ( ابن الاثير ) الجزء السابع والاخير ذكر وصول أسطول صقلية إلى الإسكندرية وانهزامه عنها



273


الكامل في التاريخ ( ابن الاثير ) الجزء السابع والاخير

ذكر وصول أسطول صقلية إلى الإسكندرية وانهزامه عنها

في هذه السنة في المحرم ظفر أهل الإسكندرية وعسكر مصر بأسطول الفرنج من صقلية وكان سبب ذلك ما ذكرناه من إرسال أهل مصر إلى ملك الفرنج بساحل الشام وإلى صاحب صقلية ليقصدوا ديار مصر ليثوروا بصلاح الدين ويخرجوه من مصر فجهز صاحب صقلية أسطولًا كثيرًا عدته مائتا شيني تحمل الرجالة وست وثلاثون طريدة تحمل الخيل وستة مراكب تحمل آلة الحرب وأربعون مركبًا تحمل الأزواد وفيها من الراجل خمسون ألفًا ومن الفرسان ألف وخمسمائة منها خمسمائة تركبلي‏.‏

وكان المقدم عليهم ابن عم صاحب صقلية وسيره إلى الإسكندرية من ديار مصر فوصلوا إليها في التاسع والعشرين من ذي الحجة سنة تسع وستين على حين غفلة من أهلها وطمأنينة فخرج أهل الإسكندرية بعدتهم وسلاحهم ليمنعوهم من النزول وابعدوا عن البلد فمنعهم الوالي من ذلك وأمرهم بملازمة السور ونزل الفرنج إلى البر مما يلي البحر والمنارة وتقدموا إلى المدينة ونصبوا عليها الدبابات والمجانيق وقاتلوا أشد قتال وصبر لهم أهل البلد ولم يكن عندهم من العسكر إلا القليل ورأى الفرنج من شجاعة أهل الإسكندرية وحسن سلاحهم ما راعهم وسيرت الكتب بالحال إلى صلاح الدين يستدعونه لدفع العدو عنهم ودام القتال أول يوم إلى آخر النهار ثم عاود الفرنج القتال في اليوم الثاني وجدوا ولازموا الزحف حتى وصلت الدبابات إلى قرب السور ووصل ذلك اليوم من العساكر الإسلامية كل من كان له في أقطاعة وهو قريب من الإسكندرية فقويت بهم نفوس أهلها وأحسنوا القتال والصبر فلما كان اليوم الثالث فتح المسلمون باب البلد وخرجوا منه على الفرنج من كل جانب وهم غارون وكثر الصياح من كل الجهات فارتاع الفرنج واشتد القتال فوصل المسلمون إلى الدبابات فأحرقوها وصبروا للقتال فأنزل الله نصره عليهم وظهرت أماراته ولم يزالوا مباشرين القتال حتى أخر النهار ودخل أهل البلد إليه وهم فرحون مستبشرون بما رأوا من تباشير الظفر وقوتهم وفشل الفرنج وفتور وأما صلاح الدين فإنه لما وصله الخبر سار بعساكره وسير مملوكًا له ومعه ثلاث جنائب ليجد السير عليها إلى الإسكندرية يبشر بوصوله وسير طائفة من العسكر إلى دمياط خوفًا عليها واحتياطًا لها فسار ذلك المملوك فوصل الإسكندرية من يومه وقت العصر والناس قد رجعوا من القتال فنادى في البلد بمجيء صلاح الدين والعساكر مسرعين فلما سمع الناس ذلك عادوا إلى القتال و قد زال ما بهم من تعب وألم الجراح وكل منهم يظن ان صلاح الدين معه فهو يقاتل قتال من يريد أن يشاهد قتاله‏.‏

وسمع الفرنج بقرب صلاح الدين في عساكره فسقط في أيديهم وازدادوا تعبًا وفتورًا فهاجمهم المسلمون عند اختلاط الظلام ووصلوا إلى خيامهم فغنموها بما فيها من الأسلحة الكثيرة والتحملات العظيمة وكثر القتل في رجالة الفرنج فهرب كثير منهم إلى البحر وقربوا شوانيهم إلى إلى الساحل ليركبوا فيها فسلم بعضهم وركب وغرق بعضهم وغاص بعض المسلمين بالماء وخرق بعض شواني الفرنج فغرقت فخاف الباقون من ذلك فولوا هاربين واحتمى ثلاثمائة من فرسان الفرنج على رأس تل فقاتلهم المسلمون إلى بكرة ودام القتال إلى أن أضحى النهار فغلبهم أهل البلد وقهروهم فصاروا بين قتيل وأسير كفى الله المسلمين شرهم وحاق بالكافرين مكرهم‏.‏

في أول هذه السنة خالف الكنز بصعيد مصر واجتمع إليه من رعية البلاد والسودان والعرب وغيرهم خلق كثير وكان هناك أمير من الصلاحية في أقطاعه وهو أخو الأمير أبو الهيجاء السمين فقتله الكنز فعظم قتله على أخيه وهو من أكبر الأمراء وأشجعهم فسار إلى قتال الكنز وسير معه صلاح الدين جماعة من الأمراء وكثيرًا من العسكر ووصلوا إلى مدينة طود فاحتمت عليهم فقاتلوا من بها وظفروا بهم وقتلوا منهم كثيراُ وذلوا بعد العز وقهروا واستكانوا‏.‏

ثم سار العسكر بعد فراغهم من طود إلى الكنز وهو في طغيانه يعمه فقاتلوه فقتل هو ومن معه من الأعراب وغيرهم وأمنت بعده البلاد واطمأن أهلها‏.‏




 يتبع

( ان دراسة التاريخ تضيف الى الاعمار اعمارا ... و امة بلا تاريخ فهي بلا ماضي و لا حاضر و لا مستقبل )

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق