إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الثلاثاء، 26 يوليو 2016

244 الكامل في التاريخ ( ابن الاثير ) الجزء السابع والاخير ذكر وفاة المستنجد بالله



244


الكامل في التاريخ ( ابن الاثير ) الجزء السابع والاخير

ذكر وفاة المستنجد بالله

في هذه السنة تاسع ربيع الآخر توفي المستنجد بالله أبو المظفر يوسف ابن المقتفي لأمر الله أبي عبد الله محمد بن المستظهر بالله وقد تقدم باقي النسب في غير موضع وأمه أم ولد اسمها طاووس وقيل نرجس رومية ومولده مستهل ربيع الآخر سنة عشر وخمسمائة وكانت خلافته إحدى عشرة سنة وشهرًا وستة أيام وكان أسمر تام القامة طويل اللحية‏.‏

وكان سبب موته أنه مرض واشتد مرضه وكان قد خافه أستاذ الدار عضد الدين أبو الفرج بن رئيس الرؤساء وقطب الدين قايماز المقتفوي وهو حينئذ أكبر أمير ببغداد فلما اشتد مرض الخليفة اتفقا ووضعا الطبيب على أن يصف له ما يؤذيه فوصف له دخول الحمام فامتنع لضعفه ثم إنه دخل وأغلق الباب عليه فمات‏.‏

وهكذا سمعته من غير واحد ممن يعلم الحال وقيل إن الخليفة كتب إلى وزيره مع طبيبه ابن صفية يأمره بالقبض على أستاذ الدار وقطب الدين وصلبهما فاجتمع ابن صفية بأستاذ الدار وأعطاه خط الخليفة فقال له‏:‏ تعود وتقول إنني أوصلت الخط إلى الوزير ففعل ذلك وأحضر أستاذ الدار قطب الدين ويزدن وأخاه تنامش وعرض الخط عليهم فاتفقوا على قتل الخليفة فدخل إليه يزدن وقايماز الحميدي فحملاه إلى الحمام وهو يستغيث وألقياه وأغلقا الباب عليه وهو يصيح إلى أن مات رحمه الله‏.‏

وكان وزيره حينئذ أبا جعفر البلدي وبينه وبين أستاذ الدار عضد الدين عداوة مستحكمة لأن المستنجد بالله كان يأمره بأشياء تتعلق بهما فيفعلها فكانا يظنان أنه هو الذي يسعى بهما فلما مرض المستنجد وأرجف بموته ركب الوزير ومعه الأمراء والأجناد وغيرهم بالعدة فلم يتحقق عنده خبر موته فأرسل إليه عضد الدين يقول‏:‏ إن أمير المؤمنين قد خف مابه من مرض وأقبلت العافية فخاف الوزير أن يدخل دار الخلافة بالجند فربما أنكر عليه ذلك فعاد إلى داره وتفرق الناس عنه وكان عضد الدين وقطب الدين قد استعدا للهرب لما ركب الوزير خوفًا منه إن دخل الدار أن يأخذهما فلما عاد أغلق أستاذ الدار أبواب الدار وأظهروا وفاة المستنجد وأحضر هو وقطب الدين ابنه أبا محمد الحسن وبايعاه بالخلافة ولقباه المستضيئ بأمر الله وشرطا عليه شروطًا أن يكون عضد الدين وزيرًا وابنه كمال الدين أستاذ الدار ولم يتولى الخلافة من اسمه الحسن إلا الحسن بن علي بن أبي طالب والمستضيئبأمر الله واتفقا في الكنية والكرم فبايعه أهل بيته البيعة الخاصة يوم توفي أبوه وبايعه الناس في الغد في التاج بيعة عامة وأظهر من العدل أضعاف ما عمل أبوه وفرق أموالًا جليلة المقدار‏.‏

وعلم الوزير ابن البلدي فسقط في يده وقرع سنه ندمًا على ما فرط في عوده حيث لا ينفعه واتاه من يستدعيه للجلوس للعزاء والبيعة للمستضيئ فمضى إلى دار الخلافة فلما دخلها صرف إلى موضع وقتل وقطع قطعًا وألقي في دجلة رحمه الله وأخذ جميع ما في داره فرأيا فيها خطوط المستنجد بالله يأمره فيها بالقبض عليهما وخط الوزير قد راجعه في ذلك وصرفه عنه فلما وقفا عليهما عرفا براءته مما كانا يظنان فيه فندما حيث فرطا في قتله‏.‏

وكان المستنجد بالله من أحسن الخلفاء سيرة مع الرعية عادلًا فيهم كثير الرفق بهم وأطلق كثيرًا من المكوس ولم يترك بالعراق منها شيئًا وكان شديدًا على أهل العيث والفساد والسعاية بالناس‏.‏

بلغني أنه قبض على إنسان كان يسعى بالناس فأطال حبسه فشفع فيه بعض أصحابه المختصين بخدمته وبذل عنه عشرة آلاف دينار فقال‏:‏ أنا أعطيك عشرة آلاف دينار وتحضر لي إنسانًا آخر مثله لأكف شره عن الناس ولم يطلقه‏.‏

ورد كثيرًا من الأموال على أصحابها وقبض على القاضي ابن المرخم وأخذ منه مالًا كثيرًا فأعاده على أصحابه أيضًا وكان ابن المرخم ظالمًا جائرًا في أحكامه‏.‏


 يتبع

( ان دراسة التاريخ تضيف الى الاعمار اعمارا ... و امة بلا تاريخ فهي بلا ماضي و لا حاضر و لا مستقبل )

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق