234
الكامل في التاريخ ( ابن الاثير ) الجزء السابع والاخير
ذكر حصر الفرنج دمياط
في هذه السنة في صفر نزل الفرنج على مدينة دمياط من الديار المصرية وحصروها وكان الفرنج بالشام لما ملك أسد الدين شيركوه مصر قد خافوه وأيقنوا بالهلاك وكاتبوا الفرنج الذين بصقلية والأندلس وغيرهما يستمدونهم ويعرفونهم ما تجدد من ملك الأتراك مصر وأنهم خائفون على البيت المقدس منهم فأدخلوا جماعة من القسوس والرهبان يحرضونهم على الحركة فأمدوهم بالأموال والرجال والسلاح واتعدوا للنزول على دمياط ظنًا منهم أنهم يملكونها ويتخذونها ظهرًا يملكون به الديار المصرية «ورد الله الذين كفروا بغيظهم لم ينالوا خيرًا» «الأحزاب:25» . فإلى أن دخلوا كان أسد الدين قد مات وملك صلاح الدين فاجتمعوا عليها وحصروها وضيقوا على من بها.
فأرسل إليها صلاح الدين العساكر في النيل وحشر فيها كل من عنده وأمدهم بالأموال والسلاح والذخائر وأرسل إلى نور الدين يشكو ما هم فيه من المخافة ويقول: إني إن تأخرت عن دمياط ملكها الفرنج وإن سرت إليها خلفني المصريون في أهلها وأموالها بالشر وخرجوا عن طاعتي وساروا في أثري والفرنج من أمامي فلا يبقى لنا باقية.
فسير نور الدين العساكر إليه أرسالًا يتلو بعضها بعضًا ثم سار هو بنفسه إلى بلاد الفرنج الشامية ونهبها وأغار عليها واستباحها فوصلت الغارات إلى ما لم تكن تبلغه قبل لخل البلاد من مانع.
فلما رأى الفرنج تتابع العساكر إلى مصر ودخول نور الدين إلى بلادهم ونهبها وتخريبها رجعوا خائبين لم يظفروا بشيء ووجدوا بلادهم خرابًا وأهلها بين قتيل وأسير فكانوا موضع المثل: «خرجت النعامة تطلب قرنين فرجعت بلا أذنين» .
وكانت مدة مقامهم على دمياط خمسين يومًا أخرج فيها صلاح الدين أموالًا لا تحصى.
حكي لي أنه قال: ما رأيت أكرم من العاضد أرسل إلي مدة لمقام الفرنج على دمياط ألف ألف دينار مصرية سوى الثياب وغيرها.
يتبع
( ان دراسة التاريخ تضيف الى الاعمار اعمارا ... و امة بلا تاريخ فهي بلا ماضي و لا حاضر و لا مستقبل )
يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق