2390
تاريخ ابن خلدون ( ابن خلدون )
من تاريخ العلامة ابن خلدون
المجلد الخامس
صفحة 179 حتى صفحة 342
حصار قلعة حارم وانهزام نور الدين إمام الإفرنج ثم هزيمتهم وفتحها:
ثم جمع نور الدين محمود عساكر حلب، وحاصر الإفرنج بقلعة حارم، وجمعوا لمدافعته ثم خاموا عن لقائه ولم يناجزوه ، وطال عليه أمرها فعاد عنها. ثم جمع عساكره وسار سنة ثمان وخمسين معتزماً على غزو طرابلس، وإنتهى إلى البقيعة تحت حصن الأكراد فكبسهم الإفرنج هنالك وأثخنوا فيهم. ونجا نور الدين في الفل إلى بحيرة مرس قريباً من حمص، ولحق به المنهزمون. وبعث إلى دمشق وحلب في الأموال والخيام والظهر، وأزاح علل العسكر. وعلم الإفرنج بمكان نور الدين من حمص فنكبوا عن قصدها. وسألوه الصلح فامتنع فأنزلوا حاميتهم بحصن الأكراد ورجعوا. وفي هذه الغزاة عزل نور الدين رجلا يعرف بابن نصري، تنصح له بكثرة خرجه بصلاته وصدقاته على الفقراء والفقهاء والصوفية والقراء إلى مصارف الجهاد فغضب وقال: والله لا أرجو النصر إلا بأولئك فإنهم يقاتلون عني بسهام الدعاء في الليل. وكيف أصرفها عنهم، وهي من حقوقهم في بيت المال ذلك شيء لا يحل لي. ثم أخذ في الإستعداد للأخذ بثأره من الإفرنج، وسار بعضهم إلى ملك مصر فأراد أن يخالفهم إلى بلادهم، فبعث إلى أخيه قطب الدين مودود صاحب الموصل، وإلى فخر الدين قرا ارسلان صاحب كيفا، وإلى نجم الدين ولي صاحب ماردين بالنجدة، فسار من بينهم أخوه قطب الدين. وفي مقدمته زين الدين علي كجك صاحب جيشه ثم نبعه صاحب كيفا. وبعث نجم الدين عسكره، فلما توافت الأمداد سار نور الدين نحو حارم سنة تسع وخمسين فحاصرها ونصب عليها المجانيق، وإجتمع من بقي بالساحل من ملوك الإفرنج، ومقدمهم البرنس سمند صاحب أنْطاكِية، والقمص صاحب طرابلس وابن جوسكين، واستنفر لهم أمم النصرانية وقصدوه فأفرج عن حارم إلى إرتاج. ثم خاموا عن لقائه وعادوا إلى حصن حارم، وسار في إتباعهم وناوشهم الحرب فحملوا على عساكر حلب، وصاحب كيفا في ميمنة المسلمين فهزموها ومروا في أتباعهم. وحمل زين الدين في عساكر الموصل على الصف فلقيه الرجل فأثخن فيهم واستلحمهم، وعاد الإفرنج من أتباع الميمنة فسقط في أيديهم. ودارت رحا الحرب على الإفرنج فانهزموا، ورجع المسلمون من القتل إلى الأسر فأسروا منهم امماً فيهم سمند صاحب أنْطاكِية والقمص صاحب طرابلس. وبعث السرايا في تلك الأعمال بقصد أنْطاكِية لخلوها من الحاميه فأبى وقال: أخشى أن يسلمها أصحابها لملك الروم فإن سمند ابن أخته
ومجاورته أحق إلى من مجاورة ملك الروم. ثم عاج على قلعة حارم فحاصرها وافتتحها ورجع مظفراً، والله يؤيد بنصره من يشاء من عباده.
يتبع
يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق