348
زاد المعاد في هدي خير العباد ( ابن قيم الجوزية ) الجزء الثالث
فصل
وكان يُشدِّدُ فى الغُلُولِ جداً، ويقول: ((هُوَ عارٌ ونَارٌ وشَنَارٌ عَلَى أَهْلِهِ يَوْمَ القِيَامَةِ)).
ولما أُصيبَ غلامهُ مِدْعَمٌ قالوا: هنيئاً لَهُ الجَنَّةُ قال: ((كَلا وَالَّذِى نَفْسى بِيَدِهِ إِنَّ الشَّمْلَةَ الَّتى أَخَذَهَا يَوْمَ خَيْبَر مِنَ الغَنَائِمِ، لَمْ تُصِبْهَا المَقَاسِمُ لَتَشْتَعِلُ عَلَيْهِ نارَاً)) فجاء رجل بِشرَاكٍ أو شِرَاكَيْنِ لما سمِع ذَلِكَ، فقال: ((شِرَاكٌ أَوْ شِرَاكَانِ مِن نارٍ))
وقال أبو هريرة: ((قَامَ فِينَا رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم فَذَكَرَ الغُلُولَ وعَظَّمهُ، وَعَظَّمَ أَمْرَهُ، فَقَالَ: ((لاَ أُلْفِيَنَّ أَحَدَكُم يَوْمَ القِيَامَةِ عَلَى رَقَبَتِهِ شَاةٌ لَهَا ثُغَاءٌ، عَلَى رَقَبتِهِ فَرَسٌ لَهُ حَمْحَمَةٌ يَقُولُ: يَا رَسُولَ الله أَغِثْنِى، فَأَقُولُ: لا أَمْلِكُ لَكَ شَيْئاً قَدْ أَبْلَغْتُكَ، عَلَى رَقَبَتِهِ صَامتٌ، فَيَقُولُ: يَارَسُولَ اللهِ أَغِثْنِى، فأَقُولُ: لا أَمْلِكُ لَكَ مِنَ الله شَيْئاً، قَدْ أَبْلَغْتُكَ، عَلَى رَقَبَتِهِ رِقَاعٌ تَخْفِقُ فَيَقُولُ: يَا رَسُولَ الله أَغِثْنِى، فَأَقُولُ: لاَ أَمْلِكُ لَكَ شَيْئاً قَدْ أَبْلَغْتُكَ)).
وقال لمن كانَ عَلَى ثَقَلِهِ وقد مَات: ((هُوَ فى النَّارِ)) فَذَهَبُوا يَنْظُرُونَ فَوَجَدوا عَبَاءَةً قَدْ غَلَّهَا.
وقالوا فى بعضِ غَزَواتِهم: ((فُلانٌ شَهِيدٌ، وفُلانٌ شَهِيدٌ حتَّى مرُّوا على رجُلٍ، فَقَالُوا: وفُلانٌ شَهِيدٌ، فقال: ((كَلا إِنَّى رَأَيْتُهُ فى النَّارِ فى بُرْدَةٍ غَلَّهَا أَوْ عَبَاءَة)) ثمَّ قالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: ((اذْهَبْ يَا ابنَ الخَطَّابِ، اذْهَبْ فَنَادِ فى النَّاسِ: إِنَّهُ لاَ يَدْخُلُ الجَنَّةَ إلا المُؤْمِنُونَ)).
وتُوفى رجلٌ يومَ خيبر، فذكُروا ذلكَ لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ((صَلُّوا عَلَى صَاحِبكُم)) فَتَغَيَّرَتْ وُجُوهُ النَّاسِ لذلِكَ، فَقَالَ: ((إنَّ صَاحِبَكُم غَلَّ فى سَبِيلِ الله شَيْئاً))، ففتَّشُوا متاعَه، فوجدُوا خَرزاً مِن خرزِ يَهودٍ لا يُساوى دِرْهَمَيْنِ)).
وكَانَ إذا أصابَ غَنِيمَةً أمرَ بِلالاً، فنادَى فى الناسِ، فيجيؤونَ بِغَنَائِمِهِم، فَيُخَمِّسُه، ويَقْسمُه، فجاء رجلٌ بعد ذلك بِزِمَامٍ مِن شَعر، فَقَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: ((سَمِعْتَ بِلاَلاً نَادىَ ثَلاَثَاً ؟)) قالَ: نَعَمْ، قَالَ: (( فَمَا مَنَعَكَ أَنْ تَجِىءَ بِهِ ؟)) فاعتذر، فقالَ: ((كُنْ أَنْتَ تَجِىءُ بِهِ يَوْمَ القِيَامَةِ فَلَنْ أَقْبَلَهُ مِنْكَ)).
يتبع
يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق