إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

السبت، 29 نوفمبر 2014

447 زاد المعاد في هدي خير العباد ( ابن قيم الجوزية ) الجزء الثالث فصل ما فى هذه الغزوة من الفقه


447

زاد المعاد في هدي خير العباد ( ابن قيم الجوزية ) الجزء الثالث

    فصل

ما فى هذه الغزوة من الفقه

         وفى هذه الغزوة احتلم أميرُ الجيش عَمْرُو بن العاص، وكانت ليلةً باردة، فخاف على نفسه من الماء، فتيمَّمَ وصلَّى بأصحابه الصُّبح، فذكرُوا ذلك للنبى صلى الله عليه وسلم، فقال: ((يا عمرو؛ صَلَّيْتَ بِأَصْحَابِكَ وَأَنْتَ جُنُبٌ؟)). فأخبره بالذى منعه مِن الاغتسال، وقال: إنى سمعتُ اللهَ يقول: {وَلاَ تَقْتُلُواْ أَنْفُسَكُمْ، إنَّ اللهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمَاً}[النساء: 29]، فضَحِـكَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم ولم يَقُلْ شيئاً، وقد احتجَّ بهذه القِصَّةِ مَنْ قال: إنَّ التيممَ لا يرفعُ الحَدَث، لأن النبىَّ صلى الله عليه وسلم سماهُ جُنباً بعد تيممه، وأجابَ مَن نازعهم فى ذلك بثلاثة أجوبة:
         أحدها: أن الصحابة لما شَكَوْه قالوا: صلَّى بنا الصبحَ، وهو جُنُب، فسأله النبىُّ صلى الله عليه وسلم عن ذلك وقال: ((صَلَّيْتَ بِأَصحابِكَ وَأَنْتَ جُنُبٌ؟))، استفهاماً واستعلاماً، فلما أخبره بعُذره، وأنه تيمَّم للحاجة، أقرَّه على ذلك.
         الثانى: أن الرواية اختلفت عنه، فرُوى عنه فيها أنه غسل مغابِنه وتوضَّأ وضوءه للصلاة، ثم صلَّى بهم، ولم يذكر التيممَ، وكأن هذه الرواية أقوى مِن رواية التيمم، قال عبد الحق وقد ذكرها وذكر روايةَ التيمم قبلها، ثم قال: وهذا أوصلُ من الأول، لأنه عن عبد الرحمن بن جُبير المصرى، عن أبى القيس مولى عمرو، عن عمرو. والأُولى التى فيها التيمُم، من رواية عبد الرحمن بن جُبير، عن عمرو بن العاص، لم يذكر بينهما أبا قيس.
         الثالث: أن النبىَّ صلى الله عليه وسلم أراد أن يستعلِمَ فقهَ عمرو فى تركه الاغتسال، فقال له: ((صَلَّيْتَ بأصْحَابِكَ وَأَنْتَ جُنُبٌ؟)). فما أخبره أنه تيمَّم للحاجة علم فقهه، فلم يُنكر عليه، ويدل عليه أن ما فعله عمرو من التيمم  والله أعلم  خَشيةَ الهلاك بالبرد، كما أخبر به، والصلاة بالتيمم فى هذه الحال جائزة غيرُ منكر على فاعلها، فعُلِم أنه أراد استعلام فقهه وعلمه، والله أعلم.
         




يتبع
 يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق