إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

السبت، 29 نوفمبر 2014

420 زاد المعاد في هدي خير العباد ( ابن قيم الجوزية ) الجزء الثالث فصل


420

   زاد المعاد في هدي خير العباد ( ابن قيم الجوزية ) الجزء الثالث

 فصل

         وفى هذه الغزوة، قدم عليه  صلى الله عليه وسلم  ابن عمه جعفرُ ابنُ أبى طالب وأصحابه، ومعهم الأشعريون: عبدُ الله بنُ قيس أبو موسى، وأصحابُه، وكان فيمن قَدِمَ معهم أسماءٍ بنت عميس.

قال أبو موسى: بلغنا مَخْرَجُ النبى صلى الله عليه وسلم ونحن باليمن، فخرجنا مُهاجرين أنا وأخوانِ لى:أنا أصغرُهما، أحدهُما أبو رُهْم، والآخر أبو بُردة، فى بِضع وخمسين رجلاً من قومى، فركبنا سفينةً، فألقتنا سفينتُنا إلى النجاشىِّ بالحبشة، فوافَقْنَا جَعْفَرَ بنَ أبى طالب وأصحابَه عنده، فقال جعفر: إنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم بعثنا، وأَمَرَنَا بالإقامة، فأقيمُوا معنا، فأقمنا معه حتى قدمنا جميعاً، فَوَافَقْنَا رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم حينَ افتَتَحَ خيبر، فأسهم لنا، وما قسم لأحدٍ غابَ عن فتح خيبر شيئاً إلا لمن شهد معه، إلا لأصحابِ سفينتنا مع جعفر وأصحابه، قسم لهم معهم، وكان ناس يقولون لنا: سبقناكم بالهِجرة، قال: ودَخَلَتْ أسماءُ بِنتُ عميس على حفصة، فدخل عليها عمر، فقال: مَنْ هذِهِ ؟ قالت: أسماءُ. فقال عُمَرُ: سبقناكم بالهجرة، نحن أحقُّ برسول الله صلى الله عليه وسلم مِنكم، فَغَضِبَتْ، وقالت: يا عُمَرُ؛ كلا واللهِ، لقد كنتم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، يُطعِمُ جائعكم، ويَعِظُ جاهِلَكُم، وكنا فى أرض البُعداء البُغضاء، وذلك فى اللهِ، وفى رسوله، وايمُ اللهِ، لا أطعَمُ طَعَاماً، ولا أشربُ شراباً حتى أذكر ما قلتَ لِرسول الله صلى الله عليه وسلم، ونحن كنا نُؤذى ونخاف، وسأذكر ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم، والله لا أكذب ولا أزيغ ولا أزيدُ على ذلك، فلما جاء النبىُّ صلى الله عليه وسلم قالت: يا رسول الله؛ إن عمر قال كذا وكذا. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( ما قلتِ له )) ؟ قالت: قلت له كذا وكذا. فقال: (( لَيْسَ بِأَحَقَّ بى مِنْكُم، ولَهُ ولأَصْحابه هِجْرَةٌ وَاحِدَةٌ، ولَكُمْ أَنْتُمْ أَهْلَ السَّفِينَةِ هِجْرَتَان ))، وكان أبو موسى وأصحابُ السفينة يأتون أسماء أرسالاً يسألونها عن هذا الحديث، ما مِن الدنيا شىء، هم به أفرحُ ولا أعظمُ فى أنفسهم مما قال لهم رسولُ الله صلى الله عليه وسلم  )).
         ولما قَدِمَ جعفرٌ على النبىِّ صلى الله عليه وسلم، تلقاه وقبَّل جبهته، وقال: (( واللهِ ما أدرى بأَيِّهما أفْرَحُ، بِفَتْحِ خَيْبَر أَمْ بِقُدُومِ جَعْفَر )) ؟.
         وأما ما رُوى فى هذه القِصة، أن جعفراً لما نظر إلى النبىِّ صلى الله عليه وسلم، حجَل  يَعنى: مشى على رِجل واحدةٍ  إعظاماً لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وجعله أشباهُ الدِّباب الرَّقَّاصُون أصلاً لهم فى الرقص، فقال البيهقى  وقد رواه مِن طريق الثورى عن أبى الزبير، عن جابر :  وفى إسناده إلى الثورى مَن لا يُعرف.
         قلت: ولو صح، لم يكن فى هذا حُجة على جواز التشبُّه بالدّباب، والتكسر والتخَنُّث فى المشى المنافى لهَدْى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإن هذا لعله كان من عادة الحبشة تعظيماً لِكبرائها، كضرب الجُوك عند الترك ونحو ذلك، فجرى جعفر على تلك العادة وفعلها مرة، ثم تركها لِسُّـنَّة الإسلام،  فأين هذا من القفز والتكسر، والتثنى والتخنُّث.. وبالله التوفيق.
         قال موسى بن عقبة: كانت بنو فَزارة ممن قدم على أهلِ خيبر ليعينوهم، فراسلهم رسولُ الله صلى الله عليه وسلم ألا يُعينوهم، وأن يخرجوا عنهم، ولكم من خيبر كذا وكذا، فأبَوْا عليه، فلما فتح اللهُ عليه خيبَر، أتاهُ مَن كان ثَمَّ من بنى فزارة، فقالوا: وعدك الذى وعدتنا، فقال: (( لكم ذو الرُّقيبة جبل من جبال خيبر )) فقالوا: إذاً نُقاتلك. فقال: (( مَوْعِدُكم كذا ))، فلما سَمِعُوا ذلك مِن رسول الله صلى الله عليه وسلم، خرجوا هاربين.
          وقال الواقدى: قال أبو شُييم المزنى  وكان قد أسلم فحسن إسلامه : لما نفرنا إلى أهلنا مع عيينة بن حصن، رجع بنا عُيينة، فلما كان دون خيبر، عرَّسنا من اللَّيل، ففزِعنا، فقال عُيينة: أبشروا، إنى أرى الليلة فى النوم أننى أُعطيت ذا الرُّقيبة جبلاً بخيبر قد واللهِ أخذتُ برقبة محمد، فلما قدمنا خيبر،  قدم عُيينة، فوجد رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قد فتح خيبر. فقال: يا محمد؛ أعطنى ما غنمتَ من حُلفائى، فإنى انصرفتُ عنك، وقد فرغنا لك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( كَذَبْتَ ولكِنَّ الصِّيَاحَ الَّذِى سَمِعْتَ نَفَّرَكَ إلى أهْلِكَ )). قال: أجزنى يا محمد ؟ قال: (( لك ذو الرقيبة )). قال: وما ذو الرقيبة ؟
قال: (( الجبلُ الذى رأيتَ فى النوم أنك أخذته )). فانصرف عُيينة، فلما رجع إلى أهله، جاءه الحارث بن عوف، فقال: ألم أقل لك: إنك تُوضِع فى غير شىء، واللهِ لَيَظْهَرَنَّ محمد على ما بين المشرق والمغرب، يهود كانوا يُخبروننا بهذا، أشَهد لسمِعْتُ أبا رافع سلام بن أبى الحُقيق يقول: إنَّا نحسُد محمداً على النبوة حيث خرجت من بنى هارون، وهو نبى مرسل، ويهود لا تُطاوعنى على هذا، ولنا منه ذبحان، واحد بيثرب وآخر بخيبر، قال الحارث: قلت لسلام: يملِكُ الأرض جميعاً ؟ قال: نعم والتوراةِ التى أنزلت على موسى، وما أُحِبُّ أن تعلم يهودَ بقولى فيه. 





يتبع

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق