183
الكامل في التاريخ ( ابن الاثير ) الجزء الثالث
ذكر غزو الترك
لما ولي سعيد خراسان استضعفه الناس وسموه خذينة وكان قد استعمل شعبة على سمرقند
ثم عزله فطمعت الترك فجمعهم خاقان ووجههم إلى الصغد وعلى الترك كور صول فأقبلوا حتى نزلوا بقصر الباهلي.
وقيل: أراد عظماء الدهاقين أن يتزوج امرأة من باهلة كانت في ذلك القصر فأبت استجاش ورجوا أن يسبوا من في القصر فأقبل كورصول حتى حصر أهل القصر وفيه مائة أهل بيت بدرايهم وكان على سمقند عثمان بن عبد الله بن مطرف بن الشخير قد استعمله سعيد بعد شعبة فكتبوا إليه وخافوا أن يبطئ عنهم المدد فصالحوا الترك على أربيعين ألفًا وأعطوهم سبعة عشر رجلًا رهينةً وندب عثمان الناس فانتدب المسيب بن بشر الرياحي وانتدب معه أربعة آلاف من جميع القبائل وفيهم سعبة بن ظهير وثابت قطنة وغيرهما الفرسان فلما عسكروا قال لهم المسيب: إنكم تقدمون على حلبة الترك عليهم خاقان والعوض إن صبرتم الجنة والعقاب إن فررتم النار فمن أراد الغزو والصبر فليقدم فرجع عنه ألف وثلاثمائة فلما سار فرسخًا رجع بمثل مقالته الأولى فاعتزله ألف ثم سار فرسخًا أخر فقال لهم مثل ذلك فاعزله ألف ثم سار فلما كان على فرسخين منهم نزل فأتاهم ترك خاقان ملك قي فقال: لم يبق ها هنا دهقان إلا وقد بايع الترك غيري وأن في ثلاثمائة مقاتل فهم معك وعندي الخبر قد كانوا صالحوهم وأعطوهم سبعة عشر رجلًا يكونون رهينة في أيديهم حتى يأخذوا صلحهم فلما بلغهم مسيركم إليهم فبعث المسيب رجلين رجلًا من العرب ورجلًا من العجم ليعلما علم القوم فأقبلا في ليلة مظلمة وقد أخذت الترك في نواحي القصر فليس يصل إليه أحد ودنوا من القصر فصاح بهما الربيئة فقالا له: اسكت وادع لنا عبد الملك بن دثار.
فدعاه فأعلماه بقرب المسيب منهم وقالا: هل عندكم امتناع الليلة وغدًا قالزا: قد أجمعنا على تقديم نسائنا للموت أمامنا حتى نموت جيمعا غدًا.
فرجعا إلى المسيب فأخبراه فقال لمن معه: إني سائر إلى هذا العدو فمن أحب أن يذهب فليذهب فلم يفارقه أحد وبايعوه على الموت.
فأصبح وسار وقد ازداد القصر تحصينًا بالماء الذي أجراه الترك فلما صار بينه وبين الترك نصف فرسخ نزل وقد أجمع على بيانهم فلما أمى أمر أصحابه بالصبر وحثهم عليه وقال: ليكن شعاركم يا محمد ولا تتبعوا موليًا وعليكم بالدواب فاعقروها فإنها إذا عقرت كانت أشد عليهم منكم وليست بكم قلة فإن سبعمائة سف لا يضرب بها في عسكر إلا أوهنوه وإن كثر أهله.
وجعل على ميممنته كثيرًا الدبوسي وعلى ميسرته ثابت قطنة وهو من الأزد فلما دنوا منهم كبروا وذلك في السحر وثار الترك وخالطهم المسلمون فعقروا الدواب وترجل المسيب في رجال معه فقاتلوا قتالًا شديدًا وانقطعت يمين البختري المرائي فاخذ السيف بشماله فقطعت فجعل يذب بيديه حتى استشهد.
وضرب ثابت قطنة عظيمًا من عظماء الترك فقتله وانهزمت الترك ونادى منادي المسيب: لا تتبعوهم فإنهم لا يدرون من الرعب أبتعتموهم أم لا واقصدو القصر ولا تحملوا إلا الماء ولا تحملوا إلا من يقدر على المشي ومن حمل امرأة أو صبيًا أو ضعيفًا حسبة فأجره على الله ومن أبى فله أربعون درهمًا وإن كان في القصر أحد من أهل عهدكم فاحملوه.
فحملوا من القصر وأتوا ترك خاقان فأنزلهم قصره وأتاهم بطعام ثم ساروا إلى سمرقند.
ورجعت الترك من الغد فلم يروا في القصر أحدًا ورأوا قتلاهم فقالوا: لم يكن الذي جاءنا من الإنس فقال ثابت قطنة: فدت نفسي فوارس من تميمٍ غداة الروع في ضنك المقام فدت نفسي فوارس أكنفوني على الأعداء فر رهج القتام بقصر الباهلي وقد رأوني أحامي حيث ضربه المحامي بسيفي بعد حطم الرمح قدمًا أذودهم بذي شطب حسام أكر عليهم اليحموم كرًا ككر الشرب آنية المدام أكر به لدى الغمرات حتى تجلت لا يضيق به مقامي فلولا الله ليس له شريك وضربي قونس الملك الهمام إذًا لسعت نساء بني دثار أمام الترك بادية الخدام وعور تلك الليلة معاوية بن الحجاج الطائي وشلت يده وكان قد ولي ولاية قبل سعيد فأخذه سعيد بشيء بقي عليه فدفعه إلى شداد بن خليد الباهلي ليستأديه فضيق عليه شداد فقال معاوية: يا معشر قيس سرت إلى قصر الباهلي وأنا شديد البطش حديد البصر فعورت وشلت يدي وقاتلت حتى استقذناهم بعدما أشرفوا على القتل والأسر والسبي وهذا صاحبكم يصنع بي ما يصنع فكفوه عني فخلاه.
قال بعض من كان بالقصر: لما التقوا ظنا أن القيامة قد قامت لما سمعنا من هماهم القوم ووقع الحديد وصهيل الخيل.
يتبع
( ان دراسة التاريخ تضيف الى الاعمار اعمارا ... و امة بلا تاريخ فهي بلا ماضي و لا حاضر و لا مستقبل )
يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق