2364
تاريخ ابن خلدون ( ابن خلدون )
من تاريخ العلامة ابن خلدون
المجلد الخامس
صفحة 179 حتى صفحة 342
فتنة الراشد مع السلطان مسعود ومسيره إلى الموصل وخلعه:
كان كثير من أمراء السلجوقية قد اجتمعوا على الانتقاض على السلطان مسعود والخروج عليه. ولحق داود ابن السلطان محمود من أذربيجان ببغداد في صفر سنة اثنين وثلاثين، فأنزل بدار السلطنة، وراسله أولئك الأمراء. وقدم عليه بعضهم مثل صاحب قزوين، وصاحب أصبهان، وصاحب الأهواز وصاحب الأبلة وصاحب الموصل الاتابك زنكي. وخرجت إليهم العساكر من بغداد، وولي داود شحنية بغداد وخرج موكب الخليفة مع الوزير جلال الدين الرضي، وكان الخليفة قد تغير عليه وعلى قاضي القضاة الزينبي، فسمع بهم الاتابك. ثم وقعت العزيمة من الراشد والسلطان داود والأتابك زنكي، وحلف كل منهم لصاحبه وبعث الراشد إلى الاتابك بمائتي ألف دينار. ووصل سلجوق شاه إلى واسط وقبض على الامير بك آبه، ونهب ماله فانحدر الاتابك زنكي لمدافعته فاصطلحا، وعاد زنكي إلى بغداد، ومر على جميع العساكر لقتال السلطان مسعود. وخرج على طريق خراسان، وبلغهم أن السلطان مسعودا سار إلى بغداد
فعاد إليها ثم عاد الملك داود، وجاء السلطان مسعود فنزل على بغداد وحاصرهم نيفا وخمسين يوما، وارتحل إلى النهروان. ثم قدم عليه طرنطاي صاحب واسط بالسفن فرجع إلى بغداد، وعبر إلى الجانب الغربي. ثم اختلف العسكر ببغداد، ورجع الملك داود إلى ولايته بأذربيجان. وافترق الأمراء الذين معه، ولحق الراشد بالاتابك زنكي في نفر من أصحابه، وهو بالجانب الغربي. وسار معه إلى الموصل، ودخل السلطان مسعود إلى بغداد منتصف ذي القعدة سنة سنة ثلاثين واستقر بها وسكن الناس. وجمع القضاة والفقهاء، وعرض عليهم يمين الراشد بخطه، بأنه متى جمع أو خرج لحرب السلطان فقد خلع نفسه فأفتوا بخلعه. ثم وقعت الشهادات من أهل الدولة وغيرهم إلى الراشد بموجبات العزل وكتبت، وأفتى الفقهاء عقبها باستحقاق العزل، وحكم به القاضي المعين حينئذ لغيبة قاضي القضاة بالموصل مع الراشد، ونصب للخلافة ابن المستظهر. وجاء رسول الاتابك زنكي إلى بغداد، وهو القاضي كمال الدين محمد بن عبد الله الشهرزوري وبايع - بعد أن ثبت عنده الخلع، وانصرف إلى الاتابك باقطاع من خاص الخليفة، ولم يكن ذلك لأحد قبله. وعاد كمال الدين إلى الاتابك، وحمل كتب الخلع فحكم بها قاضي القضاة بالموصل. وانصرف الراشد عن الموصل إلى أذربيجان كما مرّ في أخبار الخلفاء والسلجوقية، والله تعالى ولي التوفيق.
يتبع
يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق