526
موسوعة اليهود واليهودية و الصهيونية
للدكتور عبد الوهاب المسيري
المجلد الثانى: الجماعات اليهودية.. إشكاليات
الجزء الرابع: عداء الأغيار الأزلي لليهود واليهودية
الباب الثالث: معاداة اليهود والتحيز لهم
أوتّــو فينينجـــر (1880-1933)
Otto Weininger
فيلسوف وعالم نفس نمساوي وُلد في فيينا. ودرس علم النفس وعلوم الأحياء والطبيعة والرياضة، إلى جانب دراسته الفلسفة في جامعة فيينا. وتبنَّى في بداية حياته الفلسفة الوضعية والمذهب العقلي، إلا أنه تخلى عنهما متأثراً بمثالية كانط وأفلاطون وصوفية سانت أوغسطين وفاجنر، كما تأثر بفيلسوف العنصرية هيوستون تشامبرلين. وقد ساعد ذلك على اعتناقه المسيحية البروتستانتية، وذلك في اليوم نفسه الذي نال فيه درجة الدكتوراه عام 1902.
وفي عام 1903، كتب فينينجر عمله الكبير الجنس والشخصية الذي تضمن رؤية فلسفية معادية للمرأة ولليهود. وتتلخص نظريته في أن هناك علاقة أساسية بين الجنس والشخصية. فقد اعتبر أن الرجل يضم العناصر الإيجابية والأخلاقية والروحية والفكرية القادرة على الخلق والإبداع، أما المرأة فتضم العناصر الإدراكية (المادية والحسية واللا أخلاقية) وهي غير قادرة على أية فضيلة أو إبداع. واعتبر أن مأساة البشر تكمن في أنهم يجمعون بين عناصر الذكورة الطيبة والعناصر الأنثوية الشريرة. كما رأى أن علاقة الرجل بالمرأة تؤدي إلى تدهوره وإذلاله، واعتبر أن التحرر الحقيقي للمرأة لا يكمن في التحرر السياسي بل في تخليها عن ذلك الجانب من طبيعتها الذي تسيطر عليه الرغبات الحسية، وبالتالي اعتبر أن الامتناع الجنسي هو السبيل الوحيد للنمو الروحي للرجل ولتحرُّر المرأة. وفي تناوله لليهودية ولليهود، اعتبر فينينجر أن اليهودية تمثل العنصر الأنثوي اللاأخلاقي وغير المقدَّس وهي أيضاً العدم، في حين أن المسيحية تمثل الذكورة الأسمى وهي الوجود وهي العنصر الآري. واعتبر فينينجر أن اليهودي أسوأ من المرأة لأنه لا يؤمن بشيء، وبالتالي فإنه ينجذب نحو الفكر الشيوعي والفوضوي والإلحادي والتجريبي. كما رأى أن خلاص اليهودي لا يأتي إلا من خلال تخلصه من يهوديته، ورأى أن الصهيونية أو القومية اليهودية هي نقيض العقيدة اليهودية، إلا أنها لن يُكتَب لها النجاح لأن اليهود لا يدركون مفهوم الأمة. وقد أعلن فينينجر أن هناك المخلِّص الحقيقي الذي سيخلص العالم من اليهودية والأنوثة معاً (هل هو هتلر؟).
وقد جمعت نظرية فينينجر عناصر من الرومانسية ومن فكر نيتشه ومن علم النفس وعلم الأحياء الحديث، ويجب فهم عمله في إطار الجدل الذي كان سائداً في عصره حول طبيعة الرجل والمرأة. غير أن فينينجر اتجه إلى استخلاص استنتاجات نهائية وعامة من خلال تجاربه الذاتية الخاصة والمحدودة. وقد اتجه كثير من مفكري النازية إلى الإشارة إلى أفكاره المعادية لليهود واليهودية كتبرير لآرائهم، ووصفه هتلر بأنه اليهودي الوحيد الذي يستحق الحياة. وكان الفيلسوف اشبنجلر يعتبره أهم ثلاثة قديسين انتجتهم اليهودية (مع إسبينوزا وبعل شيم طوف).
وقد أُصيب فينينجر باكتئاب شديد، دفعه في نهاية الأمر إلى الانتحار بعد بضعة أشهر من إصدار كتابه. وقد طُبع كتابه ثلاثين طبعة وتُرجم إلى عدد كبير من اللغات الأوربية (وهو ما يبيِّن مدى هيمنة الفكر النيتشوي والعرْقي على الوجدان الغربي). كما نُشر لفينينجر كتاب بعد موته بعنوان عن الأشياء الأخيرة (1918). وقد كتب الكاتب المسرحي يوهو شاوا سوبول مسرحية عن حياته بعنوان روح يهودي. ويُعتبَر فينينجر في الأدبيات اليهودية ظاهرة مرضية ومثالاً لليهودي الكاره لنفسه، ويُعتبَر انتحاره النتيجة الطبيعية لهذه الكراهية.
يتبع
يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق