إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الأحد، 31 أغسطس 2014

606 موسوعة اليهود واليهودية و الصهيونية للدكتور عبد الوهاب المسيري المجلد الثالث :الجماعات اليهودية: التحديث والثقافة الجزء الأول: التحديث الباب الثالث: التحديث وأعضاء الجماعات اليهودية جـون تولانـد (1670- 1722) John Toland


606

موسوعة اليهود واليهودية و الصهيونية

للدكتور عبد الوهاب المسيري

المجلد الثالث :الجماعات اليهودية: التحديث والثقافة

الجزء الأول: التحديث

الباب الثالث: التحديث وأعضاء الجماعات اليهودية

جـون تولانـد (1670- 1722)

John Toland

مفكر إنجليزي ودبلوماسي وعالم إنجيلي، وُلد ونشأ كاثوليكياً، ولكنه هرب وهو في سن السادسة عشرة ودخل الكنيسة الأنجليكانية. كان نشيطاً للغاية في المناقشات الدينية والسياسية في عصره (في بداية القرن الثامن عشر). كما كان من أوائل المفكرين الذين اتخذوا موقفاً عقلانياً من الدين، ومن المدافعين عن فلسفة الربوبية، أي عن الإيمان بالرب دون حاجة إلى دين أو وحي إلهي، وهي أولى حلقات علمنة العقل الغربي. وفلسفته، في جوهرها، فلسفة حلولية. ورغم تأثره بالفلسفة التجريبية الإنجليزية (لوك)، إلا أنه ظل عقلانياً على نمط برونو (ترجم بعض أعماله) وديكارت وإسبينوزا (كتب تعليقات على أعماله) ولايبنتس (تعرَّف إليه وتراسلا بعض الوقت)، وسواء أكان تجريبياً أم عقلانياً، فإن تولاند كان حلولياً. ويُقال إنه هو الذي نحت كلمة «بانثيزم pantheism» الإنجليزية.

نشر تولاند عام 1696 كتابه المسيحية لا تحتوي على أية أسرار حيث يذهب فيه إلى أن المسيحية ديانة عقلية يستطيع العقل البشري أن يدركها دون حاجة إلى وحي إلهي، وهذه هي الربوبية. وقد اتُّهم الكتاب بمعاداة عقيدة التثليث وأثار ضجة في حينه ظهرت في عدد الردود عليه التي زادت عن الخمسين. وفي عام 1698، كتب تولاند حياة ملتون التي يثير فيها قضايا تتصل بالعهد الجديد (وهل نصه محرف أو لا؟). وفي العام الذي يليه، نشر كتاب أمينتورا أو الدفاع عن حياة ملتون (1699) طوَّر فيه أطروحته السابقة. ويمكننا رؤية تَصاعُد معدلات العلمنة في كتابه المنشور عام 1720 بعنوان تيترا ديموس الذي يتضمن مقالاً يُقدِّم تفسيرات علمية طبيعية للمعجزات التي وردت في العهد القديم.

وقد كان تولاند يعرف اللغة السلتية، فدرس العقائد الدينية البدائية في إنجلترا، كما قام بدراسة العقيدة اليهودية في مراحلها الأولى. واستناداً إلى هذا، ألَّف كتابه خطابات لسيرينا عن أصل الأديان، وحاول أن يُبيِّن فيه (على طريقة الربوبيين) أن الكهنة (القساوسة) هم الذين أفسـدوا الدين وتاريخ خلـود الروح بين الوثنيين وأصـل عبادة الأوثان.

وقد بدأ تولاند يتجه نحو الدعوة لما يُسمَّى «الدين الطبيعي» ويُفسِّر معجزات العهد القديم تفسيراً طبيعياً مادياً. وتعمَّقت اتجاهات المادية الواحدية لديه، فترجم أحد أعمال جيوردانو برونو عام 1514 عن العالم اللامتناهي والعوالم اللانهائية. وآخر كتب تولاند هو الحلولية (1720) وهو كتاب غامض يضم شرحاً لفلسفة الحلولية ولبعض الأناشيد الغنوصية التي تسخر من العقيدة المسيحية ومحاولة لتقديم عقائد الحركة الماسونية ودفاع عن الإلحاد.

ولا تنبع أهمية تولاند من كتاباته الحلولية وشبه الوثنية وحسب، وإنما من كتاباته الصهيونية أيضاً، فقد نشر عام 1714 كتاباً يُسمَّى الأسباب الداعية لمنح الجنسية البريطانية لليهود الموجودين في بريطانيا العظمى وأيرلندا. ويطالب الكتاب بمنح الجنسية البريطانية لليهود حتى يتم اجتذاب المزيد منهم ليستوطنوا في إنجلترا كعناصر نافعة. وبعد أربعة أعوام، نشر تولاند كتاباً آخر بعنوان نازارينوس عن الإبيونيين يضم ملحقاً يحتوي على أفكار صهيونية، فرؤية تولاند رؤية حلولية كمونية مادية تُهمِّش الإله أو تلغيه وتضع الإنسان في مركز الكون، ولذا فإن العالم بأسره يصبح بالنسبة له مادة نافعة استعمالية يمكن توظيفها. ولكن الإنسان هنا هو كائن لا حدود له ولا قيود عليه، هو مرجعية ذاته. ولذا، يتحول التمركز الإنساني الهيوماني حول الإنسان إلى تمركز عرْقي مادي حول الإنسان الغربي. وحينما يُطبِّق تولاند هذا على الآخر (اليهود)، فإنه يرفضـهم تماماً ويُعبِّر عن احـتقاره العـميق لهـــم ولتراثهم التلمودي، الذي يرى أنه لا جدوى من ورائه ويؤدي إلى تشوه ما يسميه «الشخصية اليهودية».

وكحل للمسألة اليهودية، يطرح تولاند حلاًّ علمانياً إمبريالياً، فهو ينظر لليهود باعتبارهم مادة نافعة أو على الأقل مادة يمكن إصلاحها لتصبح نافعة، وهنا تظهر الصهيونية كتطبيق عملي للرؤية المعرفية العلمانية الإمبريالية، إذ يقترح تولاند أن تقوم القوى العالمية (أي الغربية) بمساعدة اليهود على استرجاع أرضهم.

ويمكن أن نرى في كتابات تولاند كل عناصر المُركَّب الإدراكي الغربي الحديث للعالم ولليهود (مقابل المركب القديم الوسيط) وهي رؤية تدور في إطار رؤية حلولية كمونية.




يتبع

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق