إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الأربعاء، 27 أغسطس 2014

525 موسوعة اليهود واليهودية و الصهيونية للدكتور عبد الوهاب المسيري المجلد الثانى: الجماعات اليهودية.. إشكاليات الجزء الرابع: عداء الأغيار الأزلي لليهود واليهودية الباب الثالث: معاداة اليهود والتحيز لهم كُره اليهودي لنفسه Jewish Self-Hate


525

موسوعة اليهود واليهودية و الصهيونية

للدكتور عبد الوهاب المسيري

المجلد الثانى: الجماعات اليهودية.. إشكاليات

الجزء الرابع: عداء الأغيار الأزلي لليهود واليهودية

الباب الثالث: معاداة اليهود والتحيز لهم

كُره اليهودي لنفسه

Jewish Self-Hate

«كُره اليهودي لنفسه» مصطلح يُستخدَم لوصف اليهودي الذي يكره نفسه من حيث هو يهودي، ويود لو أنه كان من «الأغيار». وهذه ظاهرة شائعة بين بعض أعضاء الأقليات والمقهورين، فيتمنى الأسود لو كان من البيض، ويتمنى العربي لو كان غربياً، وهو شكل من أشكال التوحد مع المعتدي. ويعتقد اليهودي الذي يكره نفسه، شأنه في هذا شأن الصهاينة وأعداء اليهود، بوجود جوهر يهودي ثابت لا علاقة له بالملابسات التاريخية والاجتماعية، وبوجود صفات يهودية ثابتة وخصوصية يهودية لا تتغيَّر، الأمر الذي يعوقه عن الاندماج الكامل في عالم الأغيار. وهو يصب جام غضبه على اليهود الذين تتجلى فيهم هذه الصفات اليهودية الافتراضية، معتقداً أن صفاته اليهودية هي سبب شقائه، وأن اليهود مسئولون عما يحدث لهم وله. ويبدو أن الظاهرة تفاقمت في أوربا بين اليهود مع حركة الإعتاق والتنوير، حين ضعف الانتماء الديني لليهود فوجدوا أنفسهم في عالم أوربا العلماني الجميل الرائع الذي اكتسحهم تماماً، وصبوا جام غضبهم على الجيتو وعلى أهلهم وأنفسهم. ولكن أول من صاغ المصطلح هو تيودور لسنج في كتابه كُره اليهودي لنفسه (برلين 1930 ).

ويتبدَّى كُره اليهودي لنفسه في عدة أشكال، منها محاولة إخفاء الأصول. ويحرص بعض اليهود الكارهين ليهوديتهم على عدم الإنجاب كليـةً حـتى لا يزيد عـدد اليهود، بل إن بعضهم يضع حداً لحياته بالانتحار. وقد يكون التنصُّر للحصول على تأشيرة دخول إلى الحضارة الغربية (على حد قول هايني) تعبيراً عن الظاهرة نفسها.

وقد يأخذ كُره اليهودي لنفسه شكل إعداد المشاريع المختلفة لإبادة اليهود والتخلص منهم كما لو كانوا حشرات طفيلية ضارة. ومن المعروف أن كثيراً من اليهود اشتركوا مع النازي في عملية الإبادة والإعداد لها، ومن أشهرهم ألفريد نوسيج الذي أعد للجستابو خطة لإبادة اليهود والذي اكتشف أمره يهود جيتو وارسو فألقوا القبض عليه وأعدموه.

ويمكن أن يأخذ كُره اليهودي لنفسه شكلاً جماعياً، فيكن يهود ألمانيا البغضاء والاحتقار ليهود اليديشية من شرق أوربا، ويرفض اليهود الأرثوذكس اليهود الإصلاحيين والمحافظين بل يكفرونهم، ويُعبِّر اليهود الإشكناز عن كُرههم للسفارد والشرقيين. ومن أهم أشكال كُره اليهود وأكثرها تركيباً ظاهرة اليهودي الذي يحقق النجاح في عالم الأغيار حسب شروطهم ثم يعود إلى جماعته اليهودية متسلحاً بشرعيته الجديدة وكفاءاته ويتولى قيادة جماعته اليهودية بدلاً من القيادة التقليدية ويبدأ في دمجها في المجتمع وفي تخليصها من سماتها اليهودية المفترضة كافة.

ويُستخدم المصطلح في الأدبيات الصهيونية للإشارة إلى اليهودي الذي يأخذ موقـفاً معـادياً للصهيونية، وذلك من قبـيل إرهابهم أو تهميشهم. وتطرح الصهيونية نفسها باعتبارها العقيدة التي حررت اليهود من كُرههم لأنفسهم وزادت احترام الشعوب لهم، وزادت، من ثم، احترامهم لأنفسهم. ولكن الدارس المدقق سيكتشف أن الصهيونية إنما هي تعبير عن كُره اليهودي لذاته:

1 ـ فالصهيونية تَصدُر عن نقد عميق لما يُسمَّى «الشخصية اليهودية التقليدية»، فهي تحاول إصلاحها وتخليصها مما يتصوره الصهاينة هامشيتها وخضوعها بل تحاول تطبيعها، بحيث يصبح اليهود مثل الأغيار وبحيث تصبح الدولة الصهيونية دولة مثل كل الدول.

2 ـ كان واضعا الأطروحات الصهيونية الأولى (هرتزل ونوردو)، وهما من اليهود الألمان المندمجين، يفكران في الصيغة الصهيونية خوفاً من توافد يهود اليديشية لا حباً فيهم، وكانت الصهيونية منذ البداية صهيونية توطينية بالنسبة ليهود الغرب المندمجين واستيطانية بالنسبة ليهود شرق أوربا الذين سيُصدَّرون إلى خارج أوربا حتى يتم التخلص منهم، وحتى يحافظ يهود الغرب على مواقعهم الطبقية ومكانتهم الاجتماعية.

3 ـ لم يحقق المشروع الصهيوني النجاح إلا بعد أن ظهرت قيادات صهيونية مندمجة تسلمت قيادة الجماعات اليهودية وحلَّت محل القيادات الحاخامية التقليدية و« باعت» المشروع الصهيوني للحضارة الغربية. ولم تنجح هذه القيادة في فرض نفسها إلا بعد أن وافقت عليها السلطات الاستعمارية الغربية، أي أنها قيادة شبه يهودية تستند إلى شرعية غير يهودية!

4 ـ المشروع الصهيوني هو في جوهره مشروع لمساعدة أوربا على التخلص من فائضها اليهودي. وتوجد في الكتابات الصهيونية العديد من الإشارات إلى اليهود باعتبارهم باكتريا وحيوانات طفيلية. ويتم التخلص من اليهود بالطريقة البلفورية في معظم الأحيان، أي عن طريق شحن اليهود إلى فلسطين بدلاً من معسكرات الاعتقال والغاز. ولكن ثمة حالات تعاون فيها الصهاينة في التخلص من اليهود على الطريقة النازية، ومن هؤلاء رودولف كاستنر، وكذلك ألفريد نوسيج الذي سبقت الإشارة إليه، وهو من مؤسسي الحركة الصهيونية.

ومن ثم، يمكن اعتبار الحركة الصهيونية تعبيراً عن كُره اليهودي لنفسه لا تقبلاً للهويات اليهودية المختلفة. لكن هذا المفهوم، مثل معظم المفاهيم النفسية التي تُستخدَم لتفسير ظواهر اجتماعية، ليست له مقدرة تفسيرية عالية، فكُره اليهودي لنفسه ليس سبباً وإنما هو تعبير عن عوامل حضارية واجتماعية أكثر عمقاً.

ويُستخدَم المصطلح الآن للإشارة لأي فنان أو مفكر يهودي يوجه نقداً لأعضاء الجماعة اليهودية، ومن ثم يُشار إلى وودي ألين وفيليب روث باعتبار أنهما يعانيان من مرض كُره اليهودي لنفسه.





يتبع

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق