إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الاثنين، 2 مايو 2016

230 الكامل في التاريخ ( ابن الاثير ) الجزء الثالث ذكر مقتل سورة بن الحر


230

الكامل في التاريخ ( ابن الاثير ) الجزء الثالث

ذكر مقتل سورة بن الحر
 

فلما اشتد القتال ورأى الجنيد شدة الأمر استشار أصحابه فقال له عبيد الله بن حبيب‏:‏ احترامًا أن تهلك أنت وسورة بن الحر‏.‏

قال‏:‏ هلاك سورة أهون علي‏.‏

قال‏:‏ فاكتب إليه فليأتك في أهل سمرقند فإنه إذا بلغ الترك إقباله توجهوا إليه فقاتلوه‏.‏

فكتب إليه الجنيد يأمره بالقدوم‏.‏

وقال حليس بن غالب الشيباني‏:‏ إن الترك بينك وبين الجنيد فإن خرجت كروا عليك فاختطفوك فكتب إلى الجنيد‏:‏ إني لا أقدر على الخروج‏.‏

فكتب إليه الجنيد‏:‏ يا ابن اللخناء تخرج وإلا وجهت إليك شداد بن خليد الباهلي وكان عدوه فاخرج الزم الماء ولا تفارقه فأجمع على المسير وقال‏:‏ إذا سرت على النهر لا أصل في يويمين وبيني وينه في هذا الوجه ليلة فإذا سكت الرجل سرت‏.‏

فجاءت عيون الأتراك فأخبروهم بمقالة يورة ورحل سورة واستخلف على سمر قند موسى بن أسود الحنظلي وسار في اثني عشر ألفًا فأصبح على رأس جبل فتلقاه خاقان حين أصبح وقد سار ثلاثة فراسخ وبينه وبين الجنيد فرسخ فقاتلهم فاشتد القتال وصبروا‏.‏

فقال غوزك لخاقان‏:‏ اليوم حار فلا نقاتلهم حتى يحمى عليهم السلاح فوافقهم وأشعل النار في الحشيش وحال بينهم وبين الماء فقال سورة لعبادة‏:‏ ما ترى يا أبا سليم فقال‏:‏ أرى أن الترك يريدون الغنيمة فاعقر الدواب واحرق المتاع وجر السيف فإنهم يخلون لنا الطريق وإن منعونا شرعنا الرماح ونزحف زحفًا وإنما هو فرسخ حتى نصل إلى العسكر‏.‏

فقال‏:‏ لا أقوى على هذا ولا فلان وفلان وعد رجالًا ولكن أجمع الخيل فأصكهم بها سلمت أم عطبت‏.‏

وجمع الناس وحملوا فانكشف الترك وثار الغبار فلم يبصروا من وراء الترك لهيب فسقطوا فيه وسقط العدو والمسلمون وسقط سوة فاندقت فخذه وتفرق الناس فقتلهم الترك ولم ينجح منهم غير ألفين وقال ألف وكان ممن نجا منهم عاصم بن عمير السمرقند واستشهد حليس بن غالب الشيباني وانحاز المهلب بن زياد العجلي في سبعمائة إلى رستاق يسمى المرغاب فنزلوا قصرًا هناك فأتاهم الأشكند صاحب نسف في خيل ومعه غوزك فأعطاهم غوزك الأمان‏.‏

فقال قريش بن عبد الله العبدي‏:‏ لا تثقوا بهم ولكن إذا جننا الليل خرجنا عليهم حتى نأتي سمرقند‏.‏

فعصوه فنزلوا بالأمان فساقهم إلى خاقان فقال‏:‏ لا أجيز أمان غوزك فقاتلهم الوجف بن خالد والمسلمون فأصيبوا غير سبعة عشر رجلًا فقتلوا غير ثلاثة‏.‏

وقتل سورة في اللهبن فلما قتل خرج الجنيد من الشعب يريد سمرقند مبادرًا فقال له خالد بن عبيد الله‏:‏ سر وأسرع‏.‏

فقال له المجشر‏:‏ انزل وخذ بلجام دابته فنزل ونزل الناس معه فلم يستتم نزولهم حتى طلع الترك فقال المجشر له‏:‏ لو لقونا ونحن نسير ألم يهلكونا فلما أصبحوا تناهضوا فجال الناس فقال الجنيد‏:‏ أيها الناس إنها النار فرجعوا ونادى الجنيد‏:‏ أي عبد قاتل فهو حر‏.‏

فقاتل العبيد قتالًا عجب منه الناس فسروا بما رأوا من صبرهم وصبر الناس حتى انهزم العدو ومضوا فقال موسى بن التعراء للناس‏:‏ تفرحون بما رأيتم من العبيد إن لكم منهم ليومًا أروزبان‏.‏

ومضى الجنيد إلى سمر قند فحمل عيال من كان مع سورة إلى مرو وأقام بالصغد أربعة أشهر‏.‏

وكان صاحب رأي خراسان في الحرب المجشر بن مزاحم وعبد الرحمن بن صبح الخرقي وعبيد الله بن حبيب الهجري وكان المجشر ينزل الناس على راياتهم ويضع المسالح ليس لأحد مثل رأيه في ذلك وكان المجشر ينزل الناس على راياتهم ويضع المسالح ليس لأحد مثل رأيه وكان عبيد الله على تعبية القتال‏.‏

وكان رجال من الموالي مثل هؤلاء في الرأي والمشورة والعلم بالحرب فمنهم‏:‏ الفضل بن بسام مولى ليث وعبد الله بن أي عبد الله مولى سليم والبختري بن مجاهد مولى شيبان‏.‏

فلما انصرف الترك بعث الجنيد نهار بن توسعة أحد بني تيم الللات وزبل بن سويد المري إلى هشام وكتب إليه‏:‏ إن سورة عصاني أمرته بلزوم الماء فلم يفعل فتفرق عنه أصحابه فأتتني طائفة إلى كش وطائفة إلى نسف وطائفة إلى سمرقند وأصيب سورة في بقية أصحابه‏.‏

فسأل هشام نهار بن توسعة عن الخبر فأخبره بما شهد فكتب هشام إلى الجنيد‏:‏ قد وجهت إليك عشرة آلاف من أهل البصرة وعشرة آلاف من أهل الكوفة ومن السلاح ثلاثين ألف رمح ومثلها ترسة فافرض فلا غاية لك في الفريضة لخمسة عشر ألفًا‏.‏

فلما سمع هشام مصاب سورة قال‏:‏ إنا لله وإنا إليه راجعون مصاب سورة بخراسان ومصاب الجراح بالباب‏.‏

وأبلى نصر بن سيار يومئذ بلاء حسنًا‏.‏

وأرسل الجنيد ليلة بالشعب رجلًا وقال له‏:‏ تسمع ما يقول الناس وكيف حالهم‏.‏

ففعل ثم رجع إليه فقال‏:‏ رأيتهم طيبة أنفسهم يتناشدون الأشعار ويقرأون القرآن‏.‏فسره ذلك‏.‏

قال عبيد بن حاتم بن النعمان‏:‏ رأيت فساطيط بين السماء والأرض فقلت‏:‏ لمن هذا فقالوا‏:‏ بعدب الله بن بسطام وأصحابه فقتلوا في غدٍ فقال رجل‏:‏ مررت في ذلك الموضع بعد ذلك بحين فشممت رائحة المسك‏.‏

وأقام الجنيد بسمرقند وتوجه خاقان إلى بخارى وعليها قطن بن قتيبة بن مسلم فخاف الجنيد الترك على قطن بن قتيبة فشاور أصحابه فقال قوم‏:‏ نلزم سمرقند‏.‏

وقال قوم‏:‏ نسير منها فنأتي ربنجين ثم كش ثم إلى نسف فنتصل منها إلى أرض زم ونقطع النهر وننزل آمل فنأخذ عليه بالطريق‏.‏

فاستشار عبد الله بن أبي عبد الله مولى بني سليم وأخبره بما قالوا فاشترط عليه أن لا يخالفه فيما يشير به عليه من ارتحال ونزول وقتال قال‏:‏ نعم‏.‏

قال‏:‏ فإن أطلب إليك خصالًا‏.‏

قال‏:‏ وما هي قال‏:‏ تخندق حيث ما نزلت فلا يفوتنك حمل الماء ولو كنت على شاطئ نهر وأن تعطيني في نزولك وارتحالك‏.‏

قال‏:‏ نعم‏.‏

قال‏:‏ أما ما أشاروا عليك في مقامك بسمرقند حتى يأتيك الغياث فالغياث يبطئ عنك وأما ما أشاروا من طريق كش ونسف فإنك إن سرت بالناس في غير الطريق فتت في أعضادهم وانكسروا عن عدوهم واجترأ عليك خاقان وهو اليوم قد استفتح بخارى فلم يفتحوا له فإن أخذت غير الطريق بلغ أهل بخارى ما فعلت فيستسلموا لعدوهم وإن أخذت الطريق الأعظم هابك العدو والرأي عندي أن تأخذ عيال من قتل مع سورة فتقسمهم على عشائرهم وتحملهم معك فإني أرجو بذلك أن ينصرك الله على عدوك وتعطي كل رجل تخلف بمسرقند ألف درهم فرسًا‏.‏

فأخذ برأيه وخلف بسمرقند عثمان بن عبد الله بن الشخير في أربعمائة فاس وأربعمائة راجل‏.‏

فشتم الناس عبد الله بن أبي عبد الله وقالوا‏:‏ ما أراد إلا هلاكنا‏.‏

فخرج الجنيد وحمل العيال معه وسرح الأشحب بن عبيد الحنظلي ومعه عشرة من الطلائع وقال‏:‏ كلما مضت مرحلة سرح إلي رجلًا يعلمني الخبر‏.‏

وسار الجنيد فأسرع السير فقال له عطاء الدبوسي‏:‏ انظر أضعف شيخ في العسكر فسلحه سلاحًا تامًا بسيفه ورمحه وترسه وجعبته ثم سر على قدر مشيه فإنا لا نقدر على سرعة المسير والقتال ونحن رجالة‏.‏

ففعل الجنيد ذلك ولم يعرض للناس عارض حتى خرجوا من الأماكن المخوفة ودنا من الطواويس وأقبل إليه خاقان بكرمينية أول يوم من رمضان واقتتلوا فأتاه عبد الله بن أبي عبد الله وهو يضحك فقال الجنيد‏:‏ ليس هذا يوم ضحك‏.‏

قال‏:‏ الحمد لله الذي لم يلقاك هؤلاء في جبال معطشة وعلى ظهر إنما أتوك وأنت مخندق آخر النهار كالين وأنت معك الزاد فقاتلوا قليلًا ثم رجعوا‏.‏

ثم قال للجنيد‏:‏ ارتحل فن خاقان وذأنك تقيم فينطوي عليك إذا شاء‏.‏

فسار وعبد الله على الساقة ثم أمره بالنزول فنزل واستقى الناس وباتوا فلما اصبحوا ارتحلوا فقال عبد الله‏:‏ إني أتوقع أن خاقان يصدم الساقة اليوم فشدوها بالرجال فقواهم الجنيد وجاءت الترك فمالت على الساقة فاقتتلوا فاشتد بينهم وقتل مسلم بن أحوز عظيمًا من عظماء الترك فتطيروا من ذلك وانصرفوا من الطواويس‏.‏

وسار المسلمون فدخلوا بخارى قال عبد المؤمن بن خالد‏:‏ رأيت عبد الله بن أبي عبد الله في المنام بعد موته فقال‏:‏ حدث الناس عني برأيي يوم الشعب‏.‏

وكان الجنيد يذكر خالد بن عبد الله فيقول‏:‏ زبدة من الزبد صنبور من صنبور قل من قل هيفة من الهيف‏.‏

والهيفة‏:‏ الضبع والقل‏:‏ الفرد الصنبور‏:‏ الذي لا أخ له وقيل الملصق‏.‏

وقدمت الجنود من الكوفة على الجنيد فسرح معهم حوثرة بن زيد العنبري فيمن انتدب معه‏.‏

وقيل‏:‏ إن وقعة الشعب كانت سنة ثلاث عشرة وقال نصر بن سيار يذكر يوم الشعب‏:‏ إني نشأت وحسادي ذوو عددٍ يا ذا المعارج لا تنقص لهم عددا إن تحسدوني على مثل البلاء لكم يومًا فمثل بلائي جر لي الحسدا يأبى الإله الذي أعلى بقدرته كعبي عليكم وأعطى فوقكم عددا أرمي العداة بأفراس مكلمةٍ حتى اتخذن على حسادهن يدا من ذا الذي منكم في الشعب إذ وردوا لم يتخذ حومة الأثقال معتمدا هلا شهدتم دفاعي عن جنيدكم وقع القنا وشهاب الحرب قد وقدا وقال ابن عرس يمدح نصرًا‏:‏ يا نصر أنت فتى نزار كلها فلك المآثر والفعال الأرفع يوم الجنيد إذ القنا متشاجر والنحر دامٍ والخوافق تلمع ما زلت ترميهم بنفسٍ حرةٍ حتى تفرج جمعهم وتصدعوا فالناس كل بعدها عتقاؤكم ولك المكارم والمعالي أجمع ذكر عدة حوادث في هذه السنة غزا معاوية بن هشام الصائفة فافتتح خرشنة‏.‏

وحج بالناس هذه السنة إبراهيم بن هشام المخزومي وقيل‏:‏ سليمان بن هشام عبد الملك‏.‏

وفيها استعمل أهل الأندلس على أنفسهم بعد موت الهيثم أميرهم محمد بن عبد الملك الأشجعي فبقي شهرين وولي بعده عبد الرحمن بن عبد الله الغافقي وكان عمال الأمصار هذه السنة من ذكرناهم في السنة قلها‏.‏

وفيها مات رجاء بن حيوة بقسين حيوة بالحاء المهملة المفتوحة وسكون الياء المثناة من تحت‏.‏

وفيها توفي مكحول أبو عبد الله الشامي الفقيه‏.‏

وعبد الجبار بن وائل بن حجر الحضرمي ومات أبوه وأمه حامل به فكل ما يروونه عن أبيه فهو منقطع‏.‏



يتبع

( ان دراسة التاريخ تضيف الى الاعمار اعمارا ... و امة بلا تاريخ فهي بلا ماضي و لا حاضر و لا مستقبل )

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ



 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق