إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الاثنين، 2 مايو 2016

229 الكامل في التاريخ ( ابن الاثير ) الجزء الثالث ثم دخلت سنة اثنتي عشرة ومائة



229


الكامل في التاريخ ( ابن الاثير ) الجزء الثالث

ثم دخلت سنة اثنتي عشرة ومائة
 

وتشمل الاحداث الاتية ذكرها

== ذكر مقتل سورة بن الحر

في هذه السنة قتل الجراح بن عبد الله الحكمي‏.‏

وسبب ذلك ما ذكرناه قبل من دخوله بلاد الخزر وانهزامهم فلما هزمهم اجتمع الخزر والترك من ناحية اللان فلقيهم الجراح بن عبد الله فيمن معه من أهل الشام فاقتتلوا أشد قتال رآه الناس فصبر الفريقان وتكاثرت الخزر والترك على المسلمين فاستشهد الجراح ومن كان معه بمرج أدبيل وكان قد استخلف أخاه الحجاج ابن عبد الله على أرمينية‏.‏

ولما قتل الجراح طمع الخزر وأغلوا في البلاد حتى قاربوا الموصل وعظم الخطب على المسلمين‏.‏

وكان الجراح خيرًا فاضلًا من عمال عمر بن عبد العزيز ورثاه كثير من الشعراء‏.‏

وقيل‏:‏ كان قتله ببلنجر‏.‏

ولما بلغ هشامًا خبره دعا سعيدًا الحرشي فقال له‏:‏ بلغني أن الجراح قد انحاز عن المشركين‏.‏

قال‏:‏ كلا يا أمير المؤمنين الجراح أعرف بالله من أن ينهزم ولكنه قتل‏.‏

قال‏:‏ فما رأيك قال‏:‏ تبعثني على أربعين دابة من دواب البريد ثم تبعث إلي كل يوم أربعين رجلًا ثم اكتب إلى أمراء الأجناد يوافوني‏.‏

ففعل ذلك هشام وسار الحرشي فكان لايمر بمدينة إلا ويستنهض أهلها فيجيبه من يزيد الجهاد ولم يزل كذلك حتى وصل إلى مدينة أرزن فلقيه جماعة من أصحاب الجراح وبكوا وبكى لبكائهم وفرق فيهم نفقةً وردهم معه وجعل لا يلقاه أحد من أصحاب الجراح إلا رده معه ووصل إلى خلاط وهي ممتنعة عليه فحصرها أيضًا وفتحها وقسم غنائمها في أصحابه‏.‏

ثم سار عن خلاط وفتح الحصون والقلاع شيئًا بعد شيء إلى أن وصل إلى برذعة فنزلها‏.‏

وكان ابن خاقان يومئذ بأذربيجان يغي وينهب ويسبي ويقتل وهو محاصر مدينة ورثان فخاف الحرشي أن يملكها فأرسل بعض أصحابه إلى أهل ورثان سرًا يعرفهم وصولهم ويأمرهم بالصبر فسار القاصد ولقيه بعض الخزر فأخذوه وسألوه عن حاله فاخبرهم وصدقهم فقالوا له‏:‏ إن فعلت ما نأمرك به أحسنا إليك وأطلقناك وإلا قتلناك‏.‏

قال‏:‏ فما الذي يريدون قالوا‏:‏ تقول لأهل ورثان إنكم ليس لكم مدد ولا من يكشف ما بكم وتأمرهم بتسليم البلد إلينا‏.‏

فأجابهم إلى ذلك‏.‏

فلما قارب المدينة وقف بحيث يسمع أهلها كلامه فقال لهم‏:‏ أتعرفوني قالوا‏:‏ نعم أنت فلان‏.‏

قال‏:‏ فإن الحرشي قد وصل إلى مكان كذا في عساكر كثيرة وهو يأمركم بحفظ البلد والصبر ففي هذين اليومين يصل إليكم فرفعوا أصواتهم بالتكبير والتهليل‏.‏

وقتلت الخزر ذلك الرجل ورحلوا عن مدينة ورثان فوصلها الحرشي في العساكر وليس عندها أحد‏.‏

فارتحل يطلب الخزر إلى أردبيل فسار الخزر عنها ونزل الحرشي باجروان فأتاه فارس على فرس أبيض فسلم عليه وقال له‏:‏ هل لك أيها المير في الجهاد والغنيمة قال‏:‏ كيف لي ذلك قال‏:‏ هذا عسكر الخزر في عشرة آلاف ومعهم خمسة آلاف من أهل بين من المسلمين أسارى أو سبايا وقد نزلوا على أربعة فراسخ‏.‏

فسار الحرشي ليلًا فوافاهم آخر الليل وهم نيام ففرق أصحابه في أربع جهات فكبسهم مع الفجر ووضع المسلمون فيهم السيف فما بزغت الشمس حتى قتلوا أجمعون غير رجل واحد وأطلق الحرشي من معهم من المسلمين وأخذهم إلى باجروان فلما دخلها أتاه ذلك الرجل صاحب الفرس الأبيض فسلم وقال‏:‏ هذا جيش للخزر ومعهم أموال المسلمين وحرم الجراح وأولاده بمكان كذا‏.‏

فسار الحرشي إليهم فما شعروا إلا والمسلمون معهم فوضعوا فيهم السيف فتقلوهم كيف شاؤوا ولم يفلت من الخزر إلا الشريد واستنفذوا من معهم في المسلمين والمسلمات وغنموا أموالهم وأخذ أود الجراح فأكرمهم وأحسن إليهم وحمل الجميع إلى باجروان‏.‏

وبلغ خبر فعله الحرشي بعساكر الخزر ابن ملكهم فوبخ عساكره وذمهم ونسبهم إلى العجز والوهن فحرض بعضهم بعضًا وأشاروا عليه بجمع أصحابه والعود إلى قتال الحرشي‏.‏

فجمع أصحابه من نواحي أذربيجان فاجتمع معه عساكر كثيرة وسار الحرشي إليه فالتقيا بأرض برزند واقتتل الناس أشد قتال وأعظمه فانحاز المسلمون يسيرًا فحرضهم الحرشي وأمرهم بالصبر فعادوا إلى القتال وصدقوهم الحملة واستغاث من مع الخزر من الأساى ونادوا بالتكبير والتهليل والدعاء فعندها حرص المسلمون بعضهم بعضًا ولم يبق أحد إلا وبكى رحمةً للأسرى واشتدت نكايتهم في العدو فولوا الأدبار منهزمين وتبعهم المسلمون حتى بلغوا بهم نهر رأس وعادوا عنهم وحووا ما في عساكرهم من الأموال والغنائم وأطلقوا الأسرى والسبايا وحملوا الجميع إلى باجروان‏.‏

ثم إن ابن ملك الخزر جمع من لحق به من عساكره وعاد بهم نحو الحرشي فنزل على نهر البيلقان فالتقوا هناك فصاح الحرشي بالناس فحملوا حملةً صادقة ضعضعوا صفوف الخزر وتابع الحملات وصبر الخزر صبرًا عظيمًا ثم كانت الهزيمة عليهم فولوا الأدبار منهزمين وكان من غرق منهم في النهر أكثر ممن قتل‏.‏

وجمع الحرشي الغنائم وعاد إلى باجروان فقسمها وأرسل الخمس إلى هشام بن عبد الملك وعرفه ما فتح الله على المسلمين فكتب إليه هشام يشكره‏.‏

وأقام بباجروان فأتاه كتاب هشام يأمره بالمصير إليه واستعمل أخاه مسلمة ابن عبد الملك على أرمينية وأذربيجان فوصل إلى البلاد وسار إلى الترك في شتاء شديد حتى جاز الباب في آثارهم‏.‏

في هذه السنة خرج الجنيد غازيًا يريد طخارستان فوجه عمارة بن حريم إلى طخارستان في ثمانية عشر ألفًا ووجه إبراهيم بن بسام الليثي في عشرة آلاف إلى وجه آخر وجاشت الترك فأتوا سمرقند وعليها سورة ابن الحر فكتب سورة إلى الجنيد‏:‏ إن خاقان جاش الترك فخرجت إليهم فلم أطق أن أمنع حائط سمرقند فالغوث الغوث‏!‏ فأمر الجنيد الناس بعبور النهر فقام إليه المجشر بن مزاحم السلمي وابن بسطام الأزدي وغيرهما وقالوا‏:‏ إن الترك ليسوا كغيرهم لا يلقونك صفًا ولا زحفًا وقد فرقت جندك فمسلم بن عبد الرحمن بالبيروذ والبختري بهراة وعمارة بن حريم غائب بطخارستان وصاحب خراسان لا يعبر النهر في أقل من خمسين ألفًا فاكتب إلى عمارة فليأتك أمهل ولا تعجل‏.‏

قال‏:‏ فكيف بسورة ومن معه من المسلمين لو لم أكن إلا في بني مرة أو من طلع معي من الشام لعبرت وقال شعرًا‏:‏ أليس أحق الناس أن يشهد الوغى وأن يقتل الأبطال ضخمًا على ضخم وقال‏:‏ ما علتي ما علتي ما علتي إن لم اقتلهم فجزوا لمتي وعبر الجنيد فنزل كش وتأهب للمسير وبلغ الترك فعوروا الآبار التي في طريق كش فقال الجنيد‏:‏ أي طريق إلى سمرقند أصلح فقالوا‏:‏ طريق المحترقة‏.‏

فقال المجشر‏:‏ القتل بالسيف أصلح من القتل بالنار طريق المحترقة كثير الشجر والحشيش ولم يزرع منذ سنين فإن لقينا خاقان أحرق ذلك كله فقتلنا بالنار والدخان ولكن خذ طريق العقبة فهو بيننا وبينهم سواء‏.‏

فأخذ الجنيد طريق العقبة فارتقى في الجبل فأخذ المجشر بعنان دابته وقال‏:‏ إنه كان يقال‏:‏ ليفرخ روعك‏.‏

قال‏:‏ أما ما كان بيننا مثلك فلا‏.‏

فبات في أصل العقبة ثم سار بالناس حتى صار بينه وبين سمرقند أربعة فراسخ ودخل الشعب فصبحه خاقان في جمع عظم وزحف إليه أهل الصغد وفرغانة والشاش وطائفة من الترك فحمل خاقان على المقدمة وعليها عثمان بن عبد الله بن الشخير فرجعوا إلى العسكر والترك تتبعهم وجاؤوهم من كل وجه فجعل الجنيد تميمًا والأزد في الميمنة وربيعة في الميسرة مما يلي الجبل وعلى مجففة خيل بني تميم عبيد الله بن زهير بن حيان وعلى المجردة عمروا بن جرقاش المنقري وعلى جماعة بني تميم عامر بن مالك الحماني وعلى الأزد عبد الله بن بسطام بن مسعود بن عمرو وعلى المجففة والمجردة فضيل ابن هناد وعبد الله بن حوذان‏.‏

فالتقوا وقصد العدو الميمنة لضيق الميسرة فترجل حسان بن عبيد الله ابن زهير بين يدي أبيه فأمره أبوه بالركوب فركب وأحاط العدو بالميمنة فأمدهم الجنيد بنصر بن سيار فشد هو ومن معه على العدو فكشفوهم ثم كروا عليهم وقنتلوا عبيد الله بن زهير وابن جرقاش والفضيل ابن هناد وجالت الميمنة والجنيد واقف في اقلب فأقبل إلى الميمنة ووقف تحت راية الأزد وكان قد جفاهم فقال له صاحب الراية‏:‏ ما هلكنا لم تبك علينا‏.‏

وتقدم فقتل وأخذ الراية ابن مجاعة فقتل وتداولها ثمانية عشر رجلًا فقتلوا وقتل يومئذ من الأزد ثمانون رجلًا‏.‏

وصبر الناس يقاتلون حتى أعيوا فكانت السيوف لا تقطع شيئًا فقطع عبدهم الخشب يقاتلون به حتى مل الفريقان فكانت المعانقة ثم تحاجزوا‏.‏

وقتل من الأزد عبد الله بن بسطام ومحمد بن عبد الله بن حوذان والحسن ابن شيخ والفضيل صاحب الخيل ويزيد بن الفضل الحداني وكان قد حج فأنفق في حجته ثمانين ومائة ألف وقال لأمه‏:‏ ادعي الله أن يرزقني الشهادة فدعت له وغشي عليها فاستشهد بعد مقدمة من الحج بثلاثة عشر يومًا وقتل النضر بن راشد العبدي وكان قد دخل على امرأته والناس يقتتلون فقال لها‏:‏ كيف أنت إذا أتيت بأبي ضمرة في لبد مضرجًا بالدم فشقت جيبها ودعت بالويل فقال لها‏:‏ حسبك لو أعولت علي كل أنثى لعصيتها شوقًا إلى الحور العين‏!‏ فرجع وقاتل حتى استشهد رحمه الله‏.‏

فبينا الناس كذلك إذ أقبل رهج وطلعت فرسان فنادى الجنيد‏:‏ الأرض الأرض‏!‏ فترجل وترجل الناس ثم نادى‏:‏ يخندق كل قائد على حياله فخندقوا وتحاجزوا وقد أصيب من الأزد مائة وتسعون رجلًا‏.‏

وكان قتالهم يوم الجمعة فلما كان يوم السبت قصدهم خاقان وقت الظهر فلم ير موضعًا للقتال أسهل من موضع بكر بن وائل وعليهم زياد بن الحارث فقصدهم فلما قربوا حملت بكر عليهم فأخرجوا لهم فسجد الجنيد واشتد القتال بينهم‏.‏



يتبع

( ان دراسة التاريخ تضيف الى الاعمار اعمارا ... و امة بلا تاريخ فهي بلا ماضي و لا حاضر و لا مستقبل )

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ



 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق