إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الجمعة، 3 يونيو 2016

13 الكامل في التاريخ ( ابن الاثير ) الجزء الخامس ذكر قتل أبي عبد الله الشيعيّ وأخيه أبي العبّاس


13

الكامل في التاريخ ( ابن الاثير ) الجزء الخامس

ذكر قتل أبي عبد الله الشيعيّ وأخيه أبي العبّاس

في سنة ثمان وتسعين ومائتين قُتل أبو عبد الله الشيعيُّ قتله المهديَّ عبيد الله‏.‏

وسبب ذلك أنّ المهديّ لمّا استقامت له البلاد ودانت له العباد وباشر الأمور بنفسه وكفّ يد أبي عبد الله ويد أخيه أبي العبّاس داخل أبا العبّاس الحسد وعظُم عليه الفطام عن الأمر والنهي والأخذ والعطاء فأقبل يُزري على المهديّ في مجلس أخيه ويتكلّم فيه وأخوه ينهاه ولا يرضى فعله فلا يزيده ذلك إلاّ لجاجًا‏.‏

ثمّ إنّه أظهر أبا عبدالله على ما في نفسه وقال له‏:‏ ملكتَ أمرًا فجئت بمن أزالك عنه وكان الواجب عليه أن لا يسقط حقّك‏.‏

ولم يزل حتّى أثّر في قلب أخيه فقال يومًا للمهديّ‏:‏ لو كنتَ تجلس في قصرك وتتركني مع كُتامة آمرهم وأنهاهم لأنّي عارفٌ بعاداتهم لكان أهيب لك في أعين الناس‏.‏

وكان المهديُّ سمع شيئًا ممّا يجري بين أبي عبد الله وأخيه فتحقّق ذلك غير أنّه ردّ ردًّا لطيفًا فصار أبو العبّاس يشير إلى المقدّمين بشيء من ذلك فمن رأى منه قبولًا كشف له ما في نفسه وقال‏:‏ ما جازاكم على ما فعلتم وذكر لهم الأموال التي أخذها المهديُّ من إنكِجَان وقال‏:‏ هلاّ قسّمها فيكم‏!‏ وكلّ ذلك يتّصل بالمهديّ وهو يتغافل وأبو عبدالله يداري ثمّ صار أبو العبّاس يقول‏:‏ إن هذا ليس الذي كنّا نعتقد طاعته وندعو إليه لأنّ المهديّ يختم بالحجّة ويأتي بالآيات الباهرة فأخذ قوله بقلوب كثير من الناس منهم إنسان من كُتامة يقال له شيخ المشايخ فواجه المهديَّ بذلك وقال‏:‏ إن كنتَ المهديَّ فأظهر لنا آيةً فقد شككنا فيك فقتله المهديُّ فخافه أبو عبدالله وعلم أنّ المهديّ قد تغيّر عليه فاتّفق هو وأخوه ومن معهما على الاجتماع عند أبي زاكي وعزموا على قتل المهدي واجتمع معهم قبائل كُتامة إلاّ قليلًا منهم‏.‏

وكان معهم رجل يُظهر أنّه منهم وينقل ما يجري إلى المهديّ ودخلوا عليه مرارًا فلم يجسروا على قتله فاتّفق أنّهم اجتمعوا ليلة عند أبي زاكي فلمّا أصبحوا لبس أبو عبدالله ثوبه مقلوبًا ودخل على المهديّ فرأى ثوبه فلم يعرّفه به ثمّ دخل عليه ثلاثة أيّام والقميص بحاله فقال له المهديُّ‏:‏ ما هذا الأمر الذي أذهلك عن إصلاح ثوبك فهو مقلوب منذ ثلاثة أيّام فعلمتُ أنّك

ما نزعتَه فقال‏:‏ ما علمتُ بذلك إلاّ ساعتي هذه قال‏:‏ أين كنتَ البارحة والليالي قبلها فسكت أبو عبدالله فقال‏:‏ أليس بتّ في دار أبي زاكي قال‏:‏ بلى‏.‏

قال‏:‏ وما الذي أخرجك من دارك قال‏:‏ خفتُ‏.‏

قال‏:‏ وهل يخاف الإنسان إلا من عدوّه فعلم أنّ أمره ظهر للمهديّ فخرج وأخبر أصحابه وخافوا وتخلّفوا عن الحضور‏.‏

فذكر ذلك للمهديّ وعنده رجل يقال له ابن القديم كان من جملة القوم وعنده أموال كثيرة من أموال زيادة الله فقال‏:‏ يا مولاي إن شئتِ أتيتُك بهم ومضى فجاء بهم فعلم المهديُّ صحّة ما قيل عنه فلاطفهم وفرّقهم في البلاد وجعل أبا زاكي واليًا على طرابلس وكتب إلى عاملها أن يقتله عند وصوله فلمّا وصلها قتله عاملها وأرسل رأسه إلى المهديّ فهرب ابن القديم فأُخذ فأمر المهديُّ بقتله فقُتل‏.‏

وأمر المهديُّ عُرُوبة ورجالًا معه أن يرصدوا أبا عبدالله وأخاه أبا العبّاس ويقتلوهما فلمّا وصلا إلى قرب القصر حمل عروبة على أبي عبدالله فقال‏:‏ لا تفعل يا بنيّ‏!‏ فقال‏:‏ الذي أمَرتَنا بطاعته أمرنا بقتلك فقُتل هو وأخوه وكان قتلهما في اليوم الذي قُتل فيه أبو زاكي فقيل‏:‏ إنّ المهديّ صلّى على أبي عبدالله وقال‏:‏ رحمك الله‏:‏ أبا عبدالله وجزاك خيرًا بجميل سعيك‏.‏

وثارت فتنة بسبب قتلهما وجرّد أصحابهما السيوف فركب المهديُّ وأمّن الناس فسكنوا ثمّ

وثارت فتنة ثانية بين كُتامة وأهل القَيروان قُتل فيها خلق كثير فخرج المهديُّ وسكّن الفتنة وكفّ الدعاة عن طلب التشيّع من العامّة‏.‏

ولمّا استقامت الدولة للمهديّ عهد إلى ولده أبي القاسم نِزار بالخلافة ورجعت كُتامة إلى بلادهم فأقاموا طفلًا وقالوا‏:‏ هذا هو المهديُّ ثمّ زعموا أنّه نبيّ يوحى إليه وزعموا أنّ أبا عبدالله لم يمُتْ وزحفوا إلى مدينة مِيلة فبلغ ذلك المهديَّ فأخرج ابنه أبا القاسم فحصرهم فقاتلوه فهزمهم واتّبعهم حتّى أجلاهم إلى البحر وقتل منهم خلقًا عظيمًا وقتل الطفل الذي أقاموه‏.‏

وخالف عليه أهل صقلّية مع ابن وهب فأنفذ إليهم أسطولًا ففتحها وأتى بابن وهب فقتله‏.‏

وخالف عليه أهل تاهَرت فعزاها ففتحها وقتل أهل الخلاف وقتل جماعة من بني الأغلب برقّادة كانوا قد رجعوا إليها بعد وفاة زيادة الله‏.‏



يتبع

( ان دراسة التاريخ تضيف الى الاعمار اعمارا ... و امة بلا تاريخ فهي بلا ماضي و لا حاضر و لا مستقبل )

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق