إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الجمعة، 3 يونيو 2016

12 الكامل في التاريخ ( ابن الاثير ) الجزء الخامس ذكر مسير أبي عبد الله إلى سِجِلماسة وظهور المهديّ


12

الكامل في التاريخ ( ابن الاثير ) الجزء الخامس

ذكر مسير أبي عبد الله إلى سِجِلماسة وظهور المهديّ

لمّا استقرّت الأمور لأبي عبد الله في رقّادة وسائر بلاد أفريقية أتاه أخوه أبو العبّاس محمّد ففرح به وكان هو الكبير فسار أبو عبد الله في رمضان من السنة من رقّادة واستخلف على إفريقية أخاه أبا العبّاس وأبا زاكي وسار في جيوش عظيمة فاهتزّ المغرب لخروجه وخافته زَناتة وزالت القبائل عن طريقه وجاءته رسلهم ودخلوا في طاعته‏.‏

فلمّا قر من سِجِلْماسة وانتهى خبره إلى ألِيْسَع بن مِدرار أمير سجلماسة أرسل إلى المهديّ وهو في حبسه على ما ذكرناه يسأله عن نسبه وحاله وهل إليه قصد أبو عبد الله فحلف له المهديّ أنّه ما رأى أبا عبدالله ولا عرفه وإنّما أنا رجل تاجر فاعتُقل في دار وحدة وكذلك فعل بولده أبي القاسم وجعل عليهما الحرس وقرّر ولده أيضًا فما حال عن كلام أبيه وسمع أبو عبد الله ذلك فشقّ عليه فأرسل إلى ألِيْسَع يتلطّفه وأنّه لم يقصد الحرب وإنّما له حاجة مهمّة عنده ووعده الجميل فرمى الكتاب وقتل الرسل فعاوده بالملاطفة خوفًا على المهديّ ولم يذكره له فقتل الرسول أيضًا فأسرع أبو عبد الله في السير ونزل عليه فخرج إليه ألِيْسَع وقاتله يومه ذلك وافترقوا فلمّا جنّهم الليل هرب أليسع وأصحابه من أهله وبني عمّه وبات أبو عبدالله ومَن معه فيغمّ عظيم لا يعلمون ما صنع بالمهديّ وولده فلمّا أصبح خرج إليه أهل البلد وأعلموه بهرب أليسع فدخل هو وأصحابه البلد وأتوا المكان الذي فيه المهديّ فاستخرجه واستخرج ولده فكانت في الناس مسرّة عظيمة كادت تذهب بعقولهم فأركبهما ومشى هو ورؤساء القبائل بين أيديهما وأبو عبدالله يقول للناس‏:‏ هذا مولاكم وهو يبكي من شدّة الفرح حتّى وصل إلى فسطاط قد ضُرب له فنزل فيه وأمر بطلب أليسع فطُلب فأُدرك فأُخذ وضُرب بالسياط ثمّ قُتل‏.‏

فلمّا ظهر المهديُّ أقام بسِجِلماسة أربعين يومًا وسار إلى أفريقية وأحضر الأموال من إنكجان فجعلها أحمالًا وأخذها معه ووصل إلى رقّادة العشر الأخير من ربيع الآخر من سنة سبع وتسعين ومائتين وزال ملك بني الأغلب وملك بني مدرار الذين منهم ألِيسع وكان لهم ثلاثون ومائة سنة منفردين بسجلماسة وزال ملك بني رستم من تاهرَت ولهم ستون ومائة سنة

تفرّدوا بتاهَرت وملك المهديُّ جميع ذلك فلمّا قرب من رقّادة تلقّاه أهلها وأهل القَيروان وأبو عبدالله ورؤساء كُتامة مشاةً بين يديه وولده خلفه فسلّموا عليه فردّ جميلًا وأمرهم بالانصراف ونزل بقصر من قصور رقّادة وأمر يوم الجمعة بذكر اسمه في الخطبة في البلاد وتلقّب بالمهديّ أمير المؤمنين‏.‏

وجلس بعد الجمعة رجل يُعرف بالشريف ومعه الدعاة وأحضروا الناس بالعنف والشدّة ودعوهم إلى مذهبهم فمن أجاب أُحسن إليه ومَن أبى حُبس فلم يدخل في مذهبهم إلاّ بعض الناس وهم قليل وقُتل كثير ممّن لم يوافقهم على قولهم‏.‏

وعَرض عليه أبو عبدالله جواريَ زيادة الله فاختار منهنّ كثيرًا لنفسه ولولده أيضًا وفرّق ما بقي على وجوه كُتامة وقسّم عليهم أعمال إفريقية ودوّن الدواوين وجبى الأموال واستقرّت قدمه ودانت له أهل البلاد واستعمل العمّال عليها جميعها فاستعمل على جزيرة صِقلّية الحسن بن أحمد ابن أبي خنزير فوصل إلى مازَرَ عاشر ذي الحجّة سنة سبع وتسعين ومائتين فولّى أخاه على جرجنت وجعل قاضيًا بصقلّية إسحاق بن المنهال وهو أوّل قاضٍ تولّى بها للمهديّ العلويّ‏.‏

وبقي ابن أبي خنزير إلى سنة ثمان وتسعين فسار في عسكره إلى دَمَنْشَ فغنم وسبى وأحر

وعاد فبقي مدّة يسيرة وأساء السيرة في أهلها فثاروا به وأخذوه وحبسوه وكتبوا إلى المهديّ بذلك واعتذروا فقبل عذرهم واستعمل عليهم عليَّ بن عمر البَلَويَّ فوصل آخر ذي الحجّة سنة تسع وتسعين ومائتين‏.‏



يتبع

( ان دراسة التاريخ تضيف الى الاعمار اعمارا ... و امة بلا تاريخ فهي بلا ماضي و لا حاضر و لا مستقبل )

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق