140
الكامل في التاريخ ( ابن الاثير ) الجزء السادس
ذكر ملك مودود بن مسعود وقتله عمه محمدًا
لما قتل الملك مسعود وصل الخبر إلى ابنه مودود وهو بخراسان فعاد مجدًا في عساكره إلى غزنة فتصاف هو وعمه محمد في ثالث شعبان فانهزم محمد وعسكره وقبض عليه وعلى ولده أحمد وأنوشتكين الخصي البلخي وابن علي خويشاوند فقتلهم وقتل أولاد عمه جميعهم إلا عبد الرحيم لإنكاره على أخيه عبد الرحمن ما فعله بعمه مسعود وبنى موضع الوقعة قرية ورباطًا وسماها فتح آباذ وقتل كل من له في القبض على والده صنع وعاد إلى غزنة فدخلها في ثالث وعشرين شعبان سنة اثنتين وثلاثين واستوزر أبا نصر وزير أبيه وأظهر العدل وحسن السيرة وسلك سيرة جده محمود.
وكان داود أخو طغرلبك قد ملك مدينة بلخ واستباحها كما ذكرناه ومودود مقابله فتجدد قتل مسعود فعاد ليقضي الله أمرًا كان مفعولًا فلما تجدد هذا الظفر لمودود ثار أهل هراة بمن عندهم من الغز السلجوقية فأخرجوهم وحفظوها لمودود واستقر الأمر لمودود بغزنة ولم يبق له هم إلا أمر أخيه مجدود فإن أباه قد سيره إلى الهند سنة ست وعشرين فخاف أن يخالف عليه فأتاه خبره أنه قصد لهاوور وملتان فملكهما وأخذ الأموال وجمع بها العساكر وأظهر الخلاف على أخيه فندب إليد مودود جيشًا ليمنعوه ويقاتلوه وعرض مجدود عسكره للمسير وحضر عيد الأضحى فبقي بعده ثلاثة أيام وأصبح ميتًا بلهاوور لا يدري كيف كان موته وأطاعت البلاد بأسرها مودودًا ورست قدمه وثبت ملكه ولما سمعت الغز السلجوقية ذلك خافوه واستشعروا منه وراسله ملك الترك بما وراء النهر بالانقياد والمتابعة.
في هذه السنة اختلف جلال الدولة ملك العراق وقرواش بن المقلد العقيلي صاحب الموصل.
وكان سبب ذلك أن قرواشًا كان قد أنفذ عسكرًا سنة إحدى وثلاثين فحصروا خميس بن ثعلب بتكريت وجرى بين الطائفتين حرب شديدة في ذي القعدة منها فأرسل خميس ولده إلى الملك جلال الدولة وبذل بذولًا كثيرة ليكف عنه قرواشًا فأجابه إلى ذلك وأرسل إلى قرواش يأمره بالكف عنه فغالط ولم يفعل وسار بنفسه ونزل عليه يحاصره فتأثر جلال الدولة منه.
ثم إنه أرسل كتبًا إلى الأتراك ببغداد يفسدهم وأشار عليهم بالشغب على الملك وإثارة الفتنة معه فوصل خبرها إلى جلال الدولة وأشياء أخر كانت هذه هي الأصل فأرسل جلال الدولة أبا الحارث أرسلان البساسيري في صفر من سنة اثنتين وثلاثين ليقبض على نائب قرواش بالسندية فسار ومعه جماعة من الأتراك وتبعه جمع من العرب فرأى في طريقه جمالًا لبني عيسى فتسرع إليها الأتراك والعرب فأخذوا منها قطعة وأوغل الأتراك في الطلب.
وبلغ الخبر إلى العرب وركبوا وتبعوا الأتراك وجرى بين الطائفتين حرب انهزم فيها الأتراك وأسر منهم جماعة وعاد المنهزمون فأخبروا البساسيري بكثرة العرب فعاد ولم يصل إلى مقصده.
وسار طائفة من بني عيسى فكمنوا بين صرصر وبغداد ليفسدوا في السواد فاتفق أن وصل بعض أكابر القواد الأتراك فخرجوا عليه فقتلوه وجماعة من أصحابه وحملوا إلى بغداد فارتج البلد واستحكمت الوحشة مع معتمد الدولة قرواش فجمع جلال الدولة العساكر وسار إلى الأنبار وهي لقرواش على عزم أخذها منه وغيرها من أقطاعه بالعراق فلما وصلوا إلى الأنبار أغلقت وقاتلهم أصحاب قرواش وسار قرواش من تكريت إلى خصة على عزم القتال فلما نزل الملك جلال الدولة على الأنبار قلت عليهم العلوفة فسار جماعة من العسكر والعرب إلى الحديثة ليمتاروا منها فخرج عليهم عندها جمع كثير من العرب فأوقعوا بهم فانهزم بعضهم وعادوا إلى العسكر ونهبت العرب ما معهم من الدواب التي تحمل الميرة وبقي المرشد أبو الوفاء وهو المقدم على العسكر الذين ساروا لإحضار الميرة وثبت معه جماعة.
ووصل الخبر إلى جلال الدولة أن المرشد أبا الوفاء يقاتل وأخبر سلامته وصبره للعرب وأنهم يقاتلونه وهو يطلب النجدة فسار الملك إليه بعسكر فوصلوا وقد عجز العرب عن الوصول إليه وعادوا عنه بعد أن حملوا عليه وعلى من معه عدة حملات صبر لها في قلة من معه.
ثم اختلف عقيل على قرواش فراسل جلال الدولة وطلب رضاه وبذل له بذلًا أصلحه به وعاد إلى طاعته فتحالفا وعاد كل إلى مكانه.
كانت دقوقا لأبي الماجد المهلهل بن محمد بن عناز فسير إليها أخوه حسام الدولة أبو الشوك ولده سعدي فحصرها فقاتله من بها.
ثم سار أبو الشوك إليها فجد في حصارها ونقب سورها ودخلها عنوة ونهب أصحابه بعض البلد وأخذوا سلاح الأكراد وثيابهم وأقام حسام الدولة بالبلد ليلة وعاد خوفًا على البندنيجين وحلوان فإن أخاه سرخاب ابن محمد بن عناز كان قد أغار على عدة مواضع من ولايته وحالف أبا الفتح ابن ورام والجاوانية عليه فأشفق من ذلك وأرسل إلى جلالة الدولة يطلبمنه نجدة فسير إليه عسكرًا امتنع بهم.
يتبع
( ان دراسة التاريخ تضيف الى الاعمار اعمارا ... و امة بلا تاريخ فهي بلا ماضي و لا حاضر و لا مستقبل )
يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق