152
الكامل في التاريخ ( ابن الاثير ) الجزء السادس
ذكر خروج طغرلبك إلى الري وملك بلد الجبل
في هذه السنة خرج طغرلبك من خراسان إلى الري بعد فراغه من خوارزم وجرجان وطبرستان فلما سمع أخوه إبراهيم ينال بقدومه سار إليه فلقيه وتسلم طغرلبك الري منه وتسلم غيرها من بلد الجبل وسار إبراهيم إلى سجستان وأخذ طغرلبك أيضًا قلعة طبرك من مجد الدولة بن بويه وأقام عنده مكرمًا وأمر طغرلبك بعمارة الري وكانت قد خربت فوجد في دار الإمارة مراكب ذهب مجوهرة وبرنيتي صيني مملوءتين جوهرًا ومالًا كثيرًا وغير ذلك.
وكان كامرو يهادي طغرلبك وهو بخراسان ويخدمه وخدم أخاه إبراهيم لما كان بالري فلما حضر عنده أهدى له هدايا كثيرة من أنواع شتى وهو يظن أن طغرلبك يزيد في إقطاعه ويرعى له ما تقدم من خدمته له فخاب ظنه وقرر على بيده كل سنة سبعة وعشرين ألف دينار.
ثم ساروا إلى قزوين فامتنع عليه أهلها فزحف إليهم ورماهم بالسهام والحجارة فلم يقدروا أن يقفوا على السور وقتل من أهل البلد برشق وأخذ ثلاثمائة وخمسين رجلًا فلما رأى كامرو ومرداويج بن بسو ذلك خافوا أن يملك البلد عنوة وينهب فمنعوا الناس من القتال وأصلحوا الحال على ثمانين ألف دينار وصار صاحبها في طاعته.
ثم إنه أرسل إلى كوكتاش وبوقا وغيرهما من أمراء الغز الذين تقدم خروجهم يمنيهم ويدعوهم إلى الحضور في خدمته فلما وصل رسوله إليهم ساروا حتى نزلوا على نهر بنواحي زنجان ثم أعادوا رسوله وقالوا له: قل له قد علمنا أن غرضك أن تجمعنا لتقبض علينا والخوف منك أبعدنا عنك وقد نزلنا هاهنا فإن أردنا قصدنا خراسان أو الروم ولا نجتمع بك ابدًا.
وأرسل طغرلبك إلى ملك الديلم يدعوه إلى الطاعة ويطلب منه مالًا ففعل ذلك وحمل إليه مالًا وعروضًا وأرسل أيضًا إلى سلار الطرم يدعوه إلى خدمته ويطالبه بحمل مائتي ألف دينار فاستقر الحال بينهما على الطاعة وشيء من المال.
وأرسل سرية إلى أصبهان وبها أبو منصور فرامرز بن علاء الدولة فأغارت على أعمالها وعادت سالمة.
وخرج طغرلبك من الري وأظهر قصد أصبهان فراسله فرامرز وصانعه بمال فعاد عنه وسار إلى همذان فملكها من صاحبها كرشاسف بن علاء الدولة وكان قد نزل إليه وهو بالري بعد أن راسله طغرلبك غير مرة وسار معه من الري إلى أبهر وزنجان فأخذ منه همذان وتفرق أصحابه عنه وطلب منه طغرلبك تسليم قلعة كنكور فأرسل إلى من بها بالتسليم فلم يفعلوا وقالوا لرسل طغرلبك: قل لصاحبك والله لو قطعته قطعًا ما سلمناها إليك.
فقال له طغرلبك: ما امتنعوا إلا بأمرك ورأيك فاصعد إليهم وأقم معهم ولا تفارق موضعك حتى آذن لك.
ثم عاد إلى الري واستناب بهمذان ناصرًا العلوي وكان كرشاسف قد قبض عليه فأخرجه طغرلبك وولاه الري وأمره بمساعدة من يجعله في البلد وكان معه مرداويج بن بسو نائبه في جرجان وطبرستان فمات وقام ولده جستان مقامه فسار طغرلبك إلى جرجان فعزل جستان عنها واستعمل على جرجان أسفار وهو من خواص منوجهر بن قابوس فلما فرغ أمر جرجان وطبرستان سار إلى دهستان فحصرها وبها صاحبها كاميار معتصمًا بها لحصانتها.
وسير طغرلبك طائفة من أصحابه إلى كرمان مع أخيه إبراهيم ينال بعد أن دخل الري وقيل إن إبراهيم لم يقصد كرمان وإنما قصد سجستان وكان مقدم العساكر التي سارت إلى كرمان غيره فلما وصلوا إلى أطراف كرمان نهبوا ولم يقدموا على التوغل فيها فلم يروا من العساكر من يكفهم فتوسطوا وملكوا عدة مواضع منها ونهبوها.
فبلغ الخبر إلى الملك أبي كاليجار صاحبها فسير وزيره مهذب الدولة في العساكر الكثيرة وأمره بالجد في المسير ليدركهم قبل أن يملكوا جيرفت وكانوا يحاصرونها فطوى المراحل حتى قاربهم فرحلوا عن جيرفت ونزلوا عى ستة فراسخ منها.
وجاء مهذب الدولة فنزلها وأرسل ليحمل الميرة إلى العسكر فخرجت الغز إلى الجمال والبغال والميرة ليأخذوها وسمع مهذب الدولة ذلك فسير طائفة من العسكر لمنعهم فتواقعوا واقتتلوا وتكاثر الغز فسمع مهذب الدولة الخبر فسار في العساكر إلى المعركة وهم يقتتلون وقد ثبتت كل طائفة لصاحبتها واشتد القتال إلى حد أن بعض الغز رمى فرس بعض أصحاب أبي كاليجار بسهم فوقع فيه وطعنه صاحب الفرس برمح فأصاب فرس الغزي وحمل الغزي على صاحب الفرس فضربه ضربة قطعت يده وحمل عليه صاحب الفرس وهو على هذه الحالة فضربه بسيفه فقطعه قطعتين وسقطا إلى الأرض قتيلين والفرسان قتيلان وهذه حالة لم يدون عن فلما وصل مهذب الدولة إلى المعركة انهزم الغز وتركوا ما كانوا ينهبونه ودخلوا المفازة وتبعهم الديلم إلى رأس الحد وعادوا إلى كرمان فأصلحوا ما فسد منها.
يتبع
( ان دراسة التاريخ تضيف الى الاعمار اعمارا ... و امة بلا تاريخ فهي بلا ماضي و لا حاضر و لا مستقبل )
يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق