573
الكامل في التاريخ ( ابن الاثير ) الجزء الرابع
ذكر ولاية أبي العباس إفريقية
العباس عبد الله سنة تسع وثمانين ومائتين وتوفي فيها فلما توفي والده قام بالملك بعده وكان أديبا لبيبا شجاعا أحد الفرسان المذكورين مع علمه بالحرب وتصرفها.
وكان عاقلا عالما له نظر حسن في الجدل وفي أيامه عظم أمر أبي عبد الله الشيعي فأرسل أخاه الأحول ولم يكن أحول وإمنا لقب بذلك لأنه كان إذا نظر دائمًا ربما كسر جفنه فلقب بالأحول إلى قتال أبي عبد الله الشيعي فلما بلغه حركته إليهم في جموع كثيرة والتقوا عند كموشة فقتل بينهم خلق عظيم وانهزم الأحوال إلا أنه أقام في مقابلة أبي عبد الله.
وكان أبوالعباس أيام أبيه على خوف شديد منه بسوء أخلاقه واستعمله أبوه على صقلية ففتح فيها مواضع متعددة وقد تقدم ذكر ذلك أيام والده ولما ولي أبوالعباس إفريقية كتب إلى العمال كتابًا يقرأ على العامة يعدهم فيه الإحسان والعدل والرفق والجهاد ففعل ما وعد من نفسه وأحضر من العلماء ليعينوه على أمر الرعية.
وله شعر فمن ذلك قوله بصقلية وقد شرب دواء: شربت الدواء على غربة بعيدًا من الأهل والمنزل وكنت إذا ما شربت الدوا أطيب بالمسك والمندل وقد صار شربي بحار الدما ونقع العجاجة والقسطل واتصل بأبي العباس عن ولده أبي مضر زيادة الله والي صقلية له اعتكافه على اللهو وإدمانه شرب الخمر فعزله وولى محمد بن السرقوسي وحبس ولده فلما كان ليلة الأرعاء آخر شعبان من سنة تسعين ومائتين قتل أبوالعباس قتله ثلاثة نفر من خدمه الصقالبة بوضع من ولده وحملوا رأسه إلى ولده أبي مضر وهوفي الحبس فقتل الخدم وصلبهم وكان هوالذي وضعهم فكانت إمارته سنة اثنين وخمسين يومًا وكان سكناه وقتله رحمه الله بمدينة تونس.
وكان كثير العدل أحضر جماعة كثيرة عنده ليعينوه على العدل ويعرفوه من أحوال الناس ما يفعل فيه على سبيل الإنصاف وأمر الحاكم في بلده أن يقضي عليه وعلى جميع أهله وخواص أصحابه ففعل ذلك ولما قتل ولي ابنه أبومضر وكان من أمره ما نذكره سنة ست وتسعين ومائتين.
يتبع
( ان دراسة التاريخ تضيف الى الاعمار اعمارا ... و امة بلا تاريخ فهي بلا ماضي و لا حاضر و لا مستقبل )
يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق