561
الكامل في التاريخ ( ابن الاثير ) الجزء الرابع
ذكر ولاية أبي العباس صقلية
كان إبراهيم ابن الأمير أحمد أمير إفريقية قد استعمل على صقلية أبا مالك أحمد بن عمر بن عبد الله فاستضعفه فولى بعده ابنه أبا العباس بن إبراهيم ابن أحمد بن الأغلب فوصل إليها غرة شعبان من هذه السنة في مائة وعشرين مركبًا وأربعين حربي وحصر طرابلس.
واتصل خبره بعسكر المسلمين بمدينة بلرم وهم يقاتلون أهل جرجنت فعادوا إلى بلرم وأرسلوا جماعة من شيوخهم إليه بطاعتهم واعتذروا من قصدهم جرجنت ووصل إليه جماعة من أهل جرجنت وشكوا منهم واخبروه أنهم خالفون عليه وانهم إمنا سيروا مشايخهم خديعة ومكرأن وأنهم لا إيمان لهم ولا عهد وإن شئت أن تعلم مصداق هذا فاطلب إليك منهم فلانًا وفلانًا.
فأرسل إليهم يطلبهم فامتنعوا من الحضور عنده وخالفوا عليه واظهروا ذلك فاعتقل الشيوخ الواصلين إليه منهم واجتمع أهل بلرم وساروا إليه منتصف شعبان ومقدمهم مسعود الباجي
وأمير السفهاء منهم ركموية وصحبهم ثم أسطول في البحر نحوثلاثين قطعة فهاج البحر على الأسطول فعطب أكثره وعاد الباقي إلى بلرم.
وأما العسكر الذين في البر فإنهم وصلوا إليه وهوعلى طرابلس فاقتتلوا أشد قتال فقتل من الفريقين جماعة وافترقوا ثم عاودوا القتال في الثاني والعشين فانهزم أهل بلرم وقت العصر وتبعهم أبوالعباس إلى بلرم برًا وبحرًا فعاودوا قتاله عاشر رمضان من بكرة إلى العصر فانهزم أهل البلد ووقع القتل فيهم إلى المغرب واستعمل أبوالعباس على أرباضهأن ونهبت الأموال وهرب كثير من الرجال والنساء إلى طبرمين وهرب ركمويه وأمثاله من رجال الحرب إلى بلاد النصرانية كالقسطنطينية وغيرهأن وملك أبوالعباس المدينة ودخلهأن وأمن أهلهأن وأخذ جماعة من وجوه أهلها فوجههم إلى أبيه بإفريقية.
ثم رحل إلى طبرمين فقطع كرومها وقاتلهم ثم رحل إلى قطانية فحصرهأن فلم ينل منها غرضأن فرجع إلى المدينة وأقام إلى أد دخلت سنة ثمان وثمانين ومائتين فتجهز للغزو وطاب الزمان وعمر الأسطول وسيره أول ربيع الآخر ونزل على دمنش ونصب عليها المجانيق وأقام أيامًا.
ثم انصرف إلى مسيني وجاز في الحربية إلى ريو وقد اجتمع بها كثير من الروم فقاتلهم على
باب المدينة وهزمهم وملك المدينة بالسيف في رجب وغمن من الذهب والفضة ما لأحد وشحن المراكب بالدقيق والأمتعة ورجع إلى مسيني وهدم سورهأن ووجد بها مراكب قد وصلت من القسطنطينية فأخذ منها ثلاثين مركبًا ورجع إلى المدينة وأقام إلى سنة تسع وثمانين فأتاه كتاب أبيه إبراهيم يأمره بالعود إلى إفريقية فرجع إليها جريدة في خمس قطع شواني وترك العسكر مع ولديه أبي مضر وأبي معد.
فلما وصل إلى إفريقية استخلفه أبوه بها وسار هوإلى صقلية مجاهدا عازمًا على الحج بعد الجهاد فوصلها في رجب سنة سبع وثمانين ومائتين وقد ذكرنا خبره سنة إحدى وستين ومائتين.
يتبع
( ان دراسة التاريخ تضيف الى الاعمار اعمارا ... و امة بلا تاريخ فهي بلا ماضي و لا حاضر و لا مستقبل )
يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق