إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الخميس، 2 يونيو 2016

559 الكامل في التاريخ ( ابن الاثير ) الجزء الرابع ذكر أسر عمرو الصفار وملك إسماعيل خراسان


559

الكامل في التاريخ ( ابن الاثير ) الجزء الرابع

ذكر أسر عمرو الصفار وملك إسماعيل خراسان

في هذه السنة في ربيع الأول أسر عمروبن الليث الصفار وكان سبب ذلك أن عمرًا أرسل إلى المعتضد برأس رافع بن هرثمة وطلب منه أن يوليه ما وراء النهر فوجه إليه الخلع والواء بذلك وهوبنيسابور فوجه لمحاربة إسماعيل بن أحمد الساماني صاحب ما وراء النهر محمد بن بشير وكان خليفته وحاجبه وأخص أصحابه بخدمته وأكبرهم عنده وغيره من قواده إلى آمل فعبر إليهم إسماعيل جيجون فحاربهم فهزمهم وقتل محمد بن بشير في نحوستة آلاف رجل‏.‏

وبلغ المنهزمون إلى عمرو وهو بنيسابور وعاد إسماعيل إلى بخارى فتجهز عمرولقصد إسماعيل فأشار عليه أصحابه بإنفاذ الجيوش ولا يخاطر بنفسه فلم يقبل منهم وسار عن نيسابور نحوبلخ فأرسل إليه إسماعيل‏:‏ أنك قد وليت دنيا عريضة وأما في يدي ما وراء النهر

وأنا في يغر فاقنع بما في يدك واركني في هذا الثغر‏.‏

فأبى فذكر لعمرووأصحابه شدة العبور بنهر بلخ فقال‏:‏ لوشئت أن أسكره ببذر الأموال واعبره لفعلت‏.‏فسار إسماعيل نحوه وعبر النهر إلى الجانب الغربي وجاء عمروفنزل بلخ وأخذ إسماعيل عليه النواحي لكثرة جمعه وصار عمروكالمحاصر وندم على ما فعل وطلب المحاجزة فأبى إسماعيل عليه فاقتتلوا فلم يكن بينهم كثير قتال حتى انهزم عمروفولى هاربا ومر بأجمة في طريقه فقيل له‏:‏ إنها أقرب الطرق فقال لعامة من معه‏:‏ امضوا في الطريق الواضح وسار هوفي نفر يسير فدخل الأجمة فوحلت به دابته فلم يكن له في نفسه حيلة ومضى من معه ولم يعرجوا عليه وجاء أصحاب إسماعيل فأخذوه أسيرا فسيره إسماعيل إلى سمرقند‏.‏

ولما وصل الخبر إلى المعتضد ذم عمرًا ومدح إسماعيل ثم إن إسماعيل خبير عمرًا بين مقامه عنده أو إنفاذه إلى المعتضد فاختار المقام عند المعتضد فسيره إليه فوصل إلى بغداد سنة ثمان وثمانين ومائتين فلما وصل ركب على جمل وأدخل بغداد ثم حبس فبقي محبوسًا حتى قتل سنة تسع وثمانين على ما نذكره‏.‏

وأرسل المعتضد إلى إسماعيل بالخلع وولاه ما كان بيد عمرو وخلع على نائبه بالحضرة المعروف بالمرزباني واستولى إسماعيل على خراسان وصارت بيده‏.‏

وكان عمروأعور شديد السمرة عظيم السياسة قد منع أصحابه وقواده أن يضرب أحد منهم غلامًا إلا بأمره أويتولى عقوبة الغلام نائبه أوأحد حجابه وكان يشتري المماليك الصغار ويربيهم ويهبهم لقواده ويجري عليهم الجرايات الحسنة سرا ليطالعوا بأحوال قواده ولا ينكتم عنه من أخبارهم شيء ولم يكونوا يعلمون من ينقل إليه عنهم فكان أحدهم يحذره وهووحده‏.‏

حكي عنه أنه كان له عامل بفارس يقال له أبوحصين فسخط عليه بمرو وألزمه أن يبيع أملاكه ويوصل ثمنها إليه ففعل ذلك ثم طلب منه مائة ألف درهم فإن أداها في ثلاثة أيام وإلا قتله فلم يقدر على شيء منها فأرسل إلى أبي سعيد الكاتب يطلب منه أن يجتمع به فأذن له فاجتمع به وعرفه ضيق يده وسأله أن يضمنه ليخرج من محبسه ويسعى في تحصيل المبلغ المطلوب منه ففعل وأخرجه فلم يفتح عليه بشيء فعاد إلى أبي سعيد الكاتب فبلغ خبره عمرا فقال‏:‏ والله ما أدري من أيهما أعجب من أبي سعيد فيما فعل من بذل مائة ألف درهم أم من أي حصين كيف عاد وقد علم أنه القتل‏!‏ ثم أمر بإطلاق ما عليه ورده إلى منزله‏.‏

وحكي عنه أنه كان يحمل أحمالًا كثيرة من الجرب ولا يعلم أحد ما مراده فاتفق في بعض السنين أنه قصد طائفة من العصاة عليه للإيقاع بهم فسلك طريقًا لا تظن العصاة أنهم يؤتون منه وكان في طريقه واد فأمر بتلك الجرب فملئت ترابًا وحجارا ونضد بعضها إلى بعض وجعلها وحكي أيضًا أن أكفر حجابه كان اسمه محمد بن بشير وكان يخلفه في كثير من أموره العظام فدخل عليه يوما وأخذ يعدد عليه ذنوبه فحلف محمد بالله والطلاق والعتق أنه لا يملك إلا خمسين بدرة وهويحملها إلى الخزانة ولا يجعل له ذنبًا لم يعلمه فقال عمرو‏:‏ ما أعقلك من رجل‏!‏ احملها إلى الخزانة فحملها فرضي عنه وما أقبح هذا من فعل وشره إلى أموال من أذهب عمره في خدمته‏!‏



يتبع

( ان دراسة التاريخ تضيف الى الاعمار اعمارا ... و امة بلا تاريخ فهي بلا ماضي و لا حاضر و لا مستقبل )

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق