3372
تاريخ ابن خلدون ( ابن خلدون )
من تاريخ العلامة ابن خلدون
القسم السابع
المجلد السابع
من صفحة 337 إلى 502
الخبر عن رياسة إبنه أبي ثابت من بعده ومصير أمرهم:
لما هلك شيخ الغزاة ويعسوب زناتة عثمان بن أبي العلاء، قام بأمره في قومه ابنه أبو ثابت عامر. وعقد له السلطان أبو عبد الله بن أبي الوليد على الغزاة المجاهدين كما كان أبوه، فعظم شأنه قوة شكيمة وكثرة عصابة ونفوذ رأي وبسالة. وكان لقومه اعتزاز على الدولة، بما عجموا من عودها وكانوا أولي بأس وقوة فيها واستبداد عليها. وكان السلطان محمد بن أبي الوليد مستنكفاً من الاستبداد عليه في القلة والكثرة فكان كثيراً ما يحقدهم بتسفيه آرائهم والتضييق عليهم في جاههم. ولما وفد على السلطان أبي الحسن سنة إثنتين وثلاثين وسبعمائة، صريخاً على الطاغية، واستغذ ابنه الأمير أبا مالك لمنازلته جبل الفتح، اتهموه بمداخلة السلطان أبي الحسن في شأنهم، فتنكروا وأجمعوا الفتك به، وداخلوا في ذلك بعض صنائعه ممن كان متربصاً بالدولة فساعدهم. ولما افتتح الجبل وكان من شأنه ما قدمنا ذكره، وزحف الطاغية فأناخ عليه، وقصد ابن الأحمر الطاغية في بينه راغباً أن يرجع عن الحصن، فرجع
وافترقت عساكر المسلمين، ارتحل السلطان ابن الأحمر إلى غرناطة سنة ثلاث وثلاثين وسبعمائة ولد قعدوا له بمرصد من طريقه. ونمي إليه الخبر ردعا بأسطوله لركوب البحر إلى مالقة. واستبق إليهم الخبر بذلك، فتبادروا إليه ولقوه بطريقه من ساحل اصطبونة، فلاحوه وعاتبوه في شأن صنيعته عاصم من معلوجاته. وحاجهم عنه، فاعتوروا عاصماً بالرماح، فنكر ذلك عليهم، فألحقوه به وخر صريعاً عن مركوبه وبعثوا إلى أخيه يوسف، فأعطوه بيعتهم وصفقة أيمانهم ورجعوا به إلى غرناطة وهو حذر منهم لفعلتهم التي فعلوا، واستمرت الحال على ذلك. ولما استكمل السلطان أبو الحسن فتح تلمسان وصرف عزائمه إلى الجهاد، داخل ابن الأحمر في إزاحتهم عن الأندلس مكان جهاده، فصادف منه إسعافاً وقبولاً وحرصاً على ذلك. وتقبض على أبي ثابت وإخوته إدريس ومنصور وسلطان. وفر أخوه سليمان، فلحق بالطاغية وكان له في يوم طريف أثر في الإيقاع بالمسلمين. ولما تقبض ابن الأحمر على أبي ثابت وإخوته،. أودعهم جميعا المطبق أياماً. ثم غربهم إلى أفريقية، فنزلوا بتونس على مولانا السلطان أبي يحيى. وأوعز إليه السلطان أبو الحسن بالتوثق منهم أن يتصلوا بنواحي المغرب ويخالفوه إليها أيام شغله بالجهاد في الأندلس، فاعتقلهم وأوفد بهم أبا محمد عبد الله بن تافر كين إلى سدة السلطان أبي الحسن. وكتب إليه شفيعا فيهم، فتقبل شفاعته. وأحسن نزلهم وكرامتهم، حش إذا احتل بسبتة، أيام حصار الجزيرة سنة ثلاث وأربعين وسبعمائة، سعى بهم عنده فتقبض عليهم واعتقلهم بمكناسة. ولما انتزى ابنه الأمير أبو عنان على الأمر وهزم منصور ابن أخيه أبي مالك صاحب فاس ونازله بالبلد الجديد، بعث فيهم إلى مكناسة، فأطلقهم من الاعتقال وأفاض فيهم الإحسان والعطاء، واستظهر بهم على شأنه. وأحل أبا ثابت محل الشورى من مجلسه، وداخل إدريس أخاه في المكر بالبلد الجديد، فنزع إليها ومكر بهم وثار عليهم، إلى أن نزلوا على حكم السلطان أبي عنان، فعقد لأبي ثابت على سبتة وبلاد الريف ليشارف منها الأندلس محمل إمارته. وأطلق يده في المالى والجند وفصل لذلك، فهلك بالطاعون يومئذ سنة تسع وأربعين وسبعمائة بمعسكره إزاء معسكر السلطان من حصار البلد الجديد. واستقر إخوانه في إيالة السلطان أبي عنان بالمغرب الأقصى، إلى أن كان من مفر أخيه إدريس وولايته على الغزاة بالأندلس، ما نذكره إن شاء الله تعالى.
يتبع
يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق