3370
تاريخ ابن خلدون ( ابن خلدون )
من تاريخ العلامة ابن خلدون
القسم السابع
المجلد السابع
من صفحة 337 إلى 502
الخبر عن عبد الحق بن عثمان شيخ الغزاة بالأندلس:
كان عبد الحق هذا من أعياص الملك المريني ويعاسيبهم، وهو من ولد محمد بن عبد الحق ثاني الأمراء على بني مرين بعد أبيهم عبد الحق. وهلك أبوه عثمان بن محمد بالأندلس، إحدى أيام الجهاد سنة تسع وسبعين وستمائة. وربي ابنه عبد الحق هذا في حجر السلطان يوسف بن يعقوب، إلى أن كان من أمر خروجه مع الوزير رحو بن يعقوب على السلطان أبي الربيع ما ذكرناه في أخباره. ولحق بتلمسان وأجاز منها إلى الأندلس، وسلطانه يومئذ أبو الجيوش ابن السلطان الفقيه. وشيخ زناتة بها حمو بن عبد الحق بن رحو. وخاطبهم السلطان أبو العباس ملك المغرب في اعتقاله، فأجابوه وفر من محبسه ولحق بدار الحرب. ولما انتقض أبو الوليد ابن الرئيس أبي سعيد وبايع لنفسه بمالقة وزحف إلى غرناطة، فنازلها ووقعت الحرب بظاهرها بين الفريقين. وأخذ في بعض أيامها حمو محن عبد الحق أسيراً وسيق إلى السلطان أبي الوليد. وكان معه عمه العباس بن رحو، فأبى من أسار ابن أخيه وخلى عنه، فرجع إلى سلطانه، فارتاب به لذلك. وعقد على الغزاة مكانه لعبد الحق بن عثمان، استدعاه من مكانه بدار الحرب. ثم غلبهم أبو الوليد على غرناطة. وتحول أبو الجيوش إلى وادي آش، على سلم انعقد بينهم، وسار معه عبد الحق بن عثمان على شأنه. ثم وقعت بينه وبين أبي الجيوش مغاضبة لحق لأجلها بالطاغية وأجاز إلى سبتة، فاستظهر به يحى بن أبي طالب العزفي أيام حصار السلطان أبي سعيد اياه، فكان له في حماية ثغره والدفاع ونه آثار مذكورة. ثم عقد السلطان أبو سعيد السلم ليحيى العزفي وأفرج عنه، فارتحل عبد الحق بن عثمان إلى أفريقية. ونزل ببجاية سنة تسع عشرة وسبعمائة على أبيب عبد الرحمن بن عمر صاحب السلطان أبي يحيى المستبد بالثغور الغربية، فأكرم نزله، وأوسع قراه. وضرب له الفساطيط بالرشة من ساحة البلد استبلاغاً في تكريمه وحمله وأصحابه على مائة وخمسين من الخيل ثم أقدمهم على السلطان بتونس فبر مقدمهم، وخلط عبد الحق بنفسه وآثره بالخلة والصحابة، وأخله بمكان الاستظهار به بعصابته. ولما عقد السلطان لمحمد بن سيد الناس على حجابته سنة سبع وعشرين وستمائة واستقدمه لذلك من ثغر بجاية كما ذكرناه، فعظمت رياسته واستغلظ حجابه. وحجب عبد الحق ذات يوم عن بابه، فسخطها وانصرف مغاضباً. وداخل أبا فارس في الخروج على أخيه، فأي به وخرج معه صت تونس، فكان من خبرهم ومقتل أبي فارس وخلوص عبد الحق إلى تلمسان ونزوله على أبي تاشفين وغزوه إلى أفريقية مع عساكر بني عبد الواد، سنه تسع وعشرين وسبعمائة، ما ذكرناه في أخبار الدولة الحفصية. ثم لما رجع بنو عبد الخالق إلى تلمسان صمد مولانا السلطان أبو يحيى إلى تونس في أخريات سنته. وفر ابن أبي عمران، السلطان المنصوب بتونس من بني أبي حفص إلى أحياء العرب. وتقبض على أبي زيان ابن أخي عبد الحق بن عثمان في لمة من أصحابه، فقتلوا قعصاً بالرماح. ورجع عبد الحق بن عثمان إلى مكانه من تلمسان، فأقام بمثواه عند أبي تاشفين متبوئاً من الكرامة والاعتزاز ما شاء، إلى أن هلك بمهلك أبي تاشفين يوم اقتحم السلطان أبو الحسن تلمسان عليهم سنة سبع وثلاثين وسبعمائة. وقتلوا جميعاً عند قصر الملك أبو تاشفين وابناه عثمان ومسعود وحاجبه موسى بن علي ونزيله عبد الحق هذا وأبو ثابت ابن أخيه، فقطعت رؤوسهم وتركت أشلاؤهم بساحة القصر عبرة للمعتبرين، حسبما ذكرناه في أخبار أبي تاشفين. والبقاء لله وحده.
يتبع
يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق