3367
تاريخ ابن خلدون ( ابن خلدون )
من تاريخ العلامة ابن خلدون
القسم السابع
المجلد السابع
من صفحة 337 إلى 502
وفاة السلطان أبي العباس صاحب المغرب واستيلاء أبي زيان ابن أبي حمو علي تلمسان والمغرب الأوسط:
كان السلطان أبو العباس بن أبي سالم، لما وصل إلى تازى وبعث ابنه أبا فارس إلى تلمسان فملكها، أقام هو بتازى يشارف أحوال ابنه ووزيره صالح الذي تقدم لفتح البلاد الشرقية. وكان يوسف بن علي بن غانم أمير أولاد حسين من المعقل، قد حج
سنة ثلاث وتسعين وسبعملئة واتصل بملك مصر من الترك الملك الظاهر برقوق. وتقدمت إلى السلطان فيه وأخبرته بمحله من قومه، فأكرم تلقيه وحمله بعد قضاء حجه هدية إلى صاحب المغرب، يطرفه فيها بتحف من بضائع بلده على عادة الملوك. فلما قدم يوسف بها على السلطان أبي العباس، أعظم موقعه. وجلس في مجلس حفل لعرضها والمباهاة بها. وشرع في المكافأة عليها بتجهيز الجياد والبضائع والثياب، حتى استكمل من ذلك ما رضيه. واعتزم على إنفاذها مع يوسف بن علي حاملها الأول. وإنه يرسله من تازى لأيام مقامته تلك، فطرقه هنالك مرض كان فيه حتفه في شهر محرم سنة ست وتسعين وسبعمائة. واستدعوا ابنه أبا فارس من تلمسان، فبايعوه بتازى وولوه مكانه، ورجعوا به إلى فاس. وأطلقوا أبا زيان بن أبي حمو من الاعتقال. وبعثوا به إلى تلمسان أميراً عليها وقائما بدعوة السلطان أبي فارس فيها، فسار إليها وملكها. وكان أخوه يوسف بن الزابية قد اتصل بأحياء بني عامر يروم ملك تلمسان والاجلاب عليها، فبعث إليهم أبو زيان عندما بلغه ذلك. وبذل لهم عطاء جزيلاً على أن يبعثوا به إليه، فأجابوه إلى ذلك وأسلموه إلى ثقاة أبي زيان. وساروا به، فاعترضهم بعض أحياء العرب ليستنقذوه منهم، فبادروا بقتله وحملوا رأسه إلى أخيه أبي زيان، فسكنت أحواله وذهبت الفتنة بذهابه، واستقامت أمور دولته. وهم ذلك لهذا العهد. والله غالب على أمره.
وقد انتهى بنا القول في دولة بني عبد الواد من زناتة الثانية، وبقي علينا خبر الرهط اللذين تحيزوا منهم إلى بني مرين من أول الدولة. وهم بنو كمي من فصائل علي بن القاسم إخوة طاع الله بن علي وخبر بني كندوز أمرائهم بمراكش. فلنرجع إلى ذكر أخبارهم، وبها نسوق الكلام في أخبار بني عبد الواد. والله وارث الأرض ومن عليها وهو خير الوارثين.
يتبع
يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق