2577
تاريخ ابن خلدون ( ابن خلدون )
من تاريخ العلامة ابن خلدون
المجلد الخامس
من صفحة 413-
استيلاء الناصر صاحب حلب على دمشق وبيعة الترك بمصر لموسى
الأشرف بن أطسز بن المسعود صاحب اليمن وتراجعهما ثم صلحهما
ولما قتل المعظم تورانشاه ونصب الأمراء بعده شجرة الدر زوجة الصالح إمتعض لذلك أمراء بني أيوب بالشام، وكان بدر الصوابي بالكرك والشوبك ولأه الصالح عليهما، وحبس عنده فتح الدين عمر ابن أخيه العادل فأطلقه من محبسه وبايع له. وقام بتدبير دولته جمال الدين بن يغمور بدمشق، واجتمع مع الأمراء القصرية بها على استدعاء الناصر صاحب حلب وتمليكه فسار وملك دمشق، واعتقل جماعة من موالي الصالح. وبلغ الخبر إلى مصر فخلعوا شجرة الدر ونصبوا موسى الأشرف بن مسعود أخي الصالح بن الكامل، وهو الذي ملك أخوه أطسز واسمه يوسف باليمن بعد أبيهما مسعود، وبايعوا له وأجلسوه على التخت، وجعلوا أيبك أتابكه. ثم
انتقض الترك بغزة ونادوا بطاعة المغيث صاحب الكرك، فنادى الترك بمصر بطاعة المستعصم وجددوا البيعة للأشرف وأتابكه. ثم سار الناصر يوسف بعسكره من دمشق إلى مصر فجهز الأمراء العساكر إلى الشام مع أقطاي الجامدار كبير البحرية، ويلقب فارس الدين فأجفلت عساكر الشام بين يديه. ثم قبض الناصر يوسف صاحب دمشق على الناصر داود لشيء بلغه عنه وحبسه بحمص، وبعث عن ملوك بني أيوب فجاءه موسى الأشرف صاحب حمص والرحبة وتدمر، والصالح إسماعيل بن العادل من بعلبك، والمعظم تورانشاه وأخوه نصر الدين ابنا صلاح الدين، والأمجد حسام الدين والظاهر شادي ابنا الناصر ، وداود صاحب الكرك، وتقي الدين عباس بن العادل ؛ واجتمعوا بدمشق.وبعث في مقدمته مولاه لؤلؤ الأرمني، وخرج أيبك التركماني في العساكر من مصر للقائهم، وأفرج عن ولدي الصالح إسماعيل المعتقلين منذ أخذهم الهدباني من بعلبك ليتهم الناس أباهم ويستريبوا به والتقى الجمعان في العباسية فانكشفت عساكر مصر، وسارت عساكر الشام في أتباعهم، وثبت أيبك، وهرب إليه جماعة من عساكر الناصر . ثم صدق أيبك الحملة على الناصر فتفرقت عساكره وسار منهزماً، وجيء لأيبك بلؤلؤ الأرمني أسيراً فقتله، وأسر إسماعيل الصالح وموسى الأشرف وتورانشاه المعظم وأخوه. ولحق المنهزمون من عسكر مصر بالبلد وشعر المتبعون لهم من عساكر الشام بهزيمة الناصر وراءهم فرجعوا. ودخل أيبك إلى القاهرة، وحبس بني أيوب بالقلعة.ثم قتل يغمور وزير الصالح إسماعيل المعتقل ببعلبك مع بنيه، وقتل الصالح إسماعيل في محبسه. ثم جهز الناصر العساكر من دمشق إلى غزة، فتواقعوا مع فارس الدين أقطاي مقدم عساكر مصر، فهزموهم واستولوا عليها. وترددت الرسل بين الناصر وبين الأمراء بمصر، واصطلحوا سنة خمسين، وجعلوا التخم بينهم نهر الأردن. ثم أطلق أيبك حسام الدين الهدباني فسار إلى دمشق، وسار في خدمة الناصر . وجاءت إلى الناصر شفاعة المستعصم في الناصر داود صاحب الكرك الذي حبسه بحمص فأفرج عنه، ولحق ببغداد ومعه ابناه الأمجد والظاهر فمنعه الخليفة من دخولها فطلب وديعته فلم يسعف بها. وأقام في أحياء عرية ، ثم رجع إلى دمشق بشفاعة من المستعصم للناصر وسكن عنده، والله تعالى ينصر من يشاء من عباده.
يتبع
يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق