إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الخميس، 30 يناير 2014

الفلك عند الفراعنه



الفلك عند الفراعنه

الفلك عند الفراعنه
ان ما دفع بقدماء المصريين للاهتمام بالنجوم و الاجرام الكونيه هو ربطهم بعباداتهم حيث عبدوا الشمس و اطلقوا عليها اسم (رع) وقد تصوروها وهي محموله على قارب وتسبح في الفضاء الذي اطلقوا عليه اسم (شو) وقد اعتقدوا ان الشمس عندما تغيب في الأفق الغربي ويحل الظلام تنزل الى العالم السفلي وأسموه (دات) ويأتي نائبه القمر واطلقوا عليه الاله (تحوت). وقد كانت الحضارات القديمه تقدس الانثى وانها المحتوى للخلق لذلك جعلوا منها آلهة للكون وتجلت هذه النظره عند قدماء المصريين حيث مثلوا الارض وهي على شكل رجل مستلقي على بطنه اسمه الاله(جب) وكل شي في الارض من احياء وجماد على ظهره، وتصوروا السماء امرأه منحنيه محيطه بالارض ترتكز على اطراف اصابع يديها وقدميها واطلقوا عليها الآلهه (تحوت) حيث يحملها اله الفضاء شو. ابتكر الفراعنه ادوات بسيطه للرصد الفلكي وتحديد مواقع الاجرام الفلكيه، وكانت اهم آله اعتمدوا وهي عباره عن اداتين تستخدم من قبل راصدين اثنين، فالأداة merkht عليها هي (المركت) الأولى عبارة عن غصن بلح قصير وسميك من احد طرفيه حيث يوجد في الطرف السميك شق رفيع، اما الأداة الثانيه فهي عباره عن مسطره ذات شاقول وهو خيط رفيع مربوط في اسفله قطعه من الرصاص حتى يشد الخيط ليصبح عاموديا، و تحمل بشكل أفقي. وطريقة استخدام المركت هو ان يقوم شخص بالجلوس بإتجاه الشمال و الآخر بإتجاه الجنوب بالنسبة للراصد، وتحدد الساعات عندما يجتاز النجم الخيط العامودي في المسطره الأفقيه بحيث تمر بالقلب او بالعين اليسرى او اليمنى او في اي جزء من جسم المشاهد فمثلا يقال ( النجم أري فوق العين اليسرى للمشاهد الساعه الثالثه). اما في النهار فقد استخدموا المزوله الشمسيه (قياس ظل عامود مثلا) لتحديد الوقت. كان قدماء المصريين اول الحضارات التي قسمت السنه الى (360) يوم، حيث قسموا السنة الشمسيه الى ثلاثة فصول كل فصل يتألف من أربعة شهور، وقد اطلقوا على الفصل الأول الفيضان او (قحط) والفصل الثاني هو (بيرث) او فصل الشتاء ويعني انزياح الماء من الاراضي، واطلقوا على الفصل الثالث الصيف أو (شمو) ويعني شح المياه. وكانو يطلقون على السنين التي تمر عليهم رموزا خاصه تدل على الحاكم في تلك السنين.وقد حسبوا أيضا ايام السنه الشمسيه عن طريق شروقين متتاليين لنجم "الشعرى اليمانيه" وهي ألمع نجم في كوكبة (الكلب الأكبر) . وكان سبب اهتمامهم بهذا النجم انه يرتبط بموعد فيضان نهر النيل حيث تتساقط الأمطار الموسمية على مرتفعات الحبشة فتتدفق السيول نحو النيل فيرتفع منسوب المياه فيحدث الفيضان السنوي، وقد توقف حدوث الفيضان في الوقت الحاضر بسبب بناء السد العالي جنوب مصر. لذلك لاحظ الفراعنه ان الفيضان يحدث عند شروق نجم الشعرى اليمانيه فاتخذوها ساعه كونيه واحد اهم الأسس في التقويم الفرعوني لتحديد موعد قرب حدوث الفيضان، والغريب ان نجم الشعرى اليمانيه يرتفع عن الأفق الشرقي درجه واحده فقط عند شروق الشمس خلال فترة الفيضان مما يجعل رصدها صعب بسبب الشمس مما يجعل رصدها صعبا وقد أثار ذلك استغراب العلماء في الوقت الحالي. كما استخدم الفراعنه ايضا السنه القمريه وعرفوا الشهر القمري من خلال شروقين متتاليين للهلال و قسموا السنه القمريه الى اثنا عشر شهرا، وقد اعتمدوا على التقويم القمري ليحددوا موعد الطقوس و المناسبات الدينيه حيث في كل سنه قمريه ثلاثة عشر عيدا رسميا ودينيا. اهتم الفراعنة بالنظر الى السماء و مراقبة النجوم ربما بسبب صفاء الجو معظم ايام السنه حيث رصدوا النجوم و المجموعات النجميه كالشعرى اليمانيه (لأهميته في تحديد وقت الفيضان) واطلقوا تسميات وتصورات خاصه بهم على المجموعات النجميه حيث تصورا (الدب الأكبر) Big Dipper على شكل رجل ممدود الذراعين على شكل عربه يجرها حصان و شبهوا كوكبة الدجاجه Cygnus وغيرها من المجموعات النجميه. أيضا اهتموا بالنجوم و اطلقوا على النجوم المحيطه بنجم الشمال بالنجوم الخالده, ومن احد اسباب اهتمامهم بها هو ان بعضها يمثل الفردوس لأرواح ملوك الفراعنه. واهتموا ايضا بالكواكب السياره الخمسة التي تشاهد على شكل نجوم لامعة واطلقوا عليها (النجوم التي لا ترتاح ابدا) بسبب حركتها المستمره بين النجوم وقد اطلقوا على كوكب المريخ (الحوري الأحمر ) واطلقوا ايضا على المشتري (بالنجم الثاقب) وزحل (حورس الثور) وقد اطلقوا ايضا على الزهره وعطارد (بنجمتي الصباح )عند ظهورهم في الصباح و (نجمتي المساء) عند ظهورهم بعد الغروب. ولقد كانت أرصادهم دقيقه للغايه حيث يتجلى ذلك في تعامد اشعة الشمس على وجه رمسيس الثاني في معبد أبي سنبل بأسوان مرتين في السنه. التعامد الأول يحدث في يوم مولده وهو 22 فبراير و التعامد الثاني يحدث في 22 اكتوبر وهو يوم تتويجه للعرش. ظن الناس منذ فتره ان الاهرامات هي فقط عباره عن مقابر لحفظ جثث الفراعنه وممتلكاتهم وقد تبين بعد ذلك انها صممت لأهداف اخرى واول من بدأ قصة الاكتشاف شاب بلجيكي هو روبرت بوفال سنة 1979 عندما قرأ كتاب عن الطقوس الدينيه لقبائل الداغون يدعى (لغز الشعرى اليمانيه)The Sirius Mystery حيث درجوا على الاحتفال كل 50 سنه تقديسا لهذا النجم. وتبين بالأرصاد الفلكيه ان لهذا النجم رفيق عباره عن قزم ابيض يدور حوله كل 50 سنه وتستحيل رؤيته بالعين ولم يشاهد الا بالمراصد الفلكية الكبيرة، و الغريب في الأمر انه كيف استطاعوا تحديد هذه المده بالذات، هل يعقل ان تكون صدفة .. لا أحد يعلم؟!!! لذلك اهتم بوفال بالآثار القديمه وخصوصا الفرعونيه وتوقع انه يكتنفها العديد من الأسرار، وعند دراسته لأهرام الجيزه الضخمه (خوفو ، خفرع، منكاورع) وجد انها عباره عن نقل لصورة نجوم النطاق او (حزام الجبار) وهي عباره عن ثلاثة نجوم مصطفه في السماء. وعند رصده لهذه النجوم وجد ان لمعان نجم (دلتا الجبار) يقل لمعانه عن النجمين الآخرين و ايضا ينحرف عن مستواهما وعندما اخذت صوره للأهرام من الجو وجد ان هرم منكاورع يقل حجما من الهرمين الآخرين اضافه لإنحرافه عن مستواهما وبذلك بدت الصوره مطابقه بشكل مذهل لنجوم حزام الجبار مما يدل على انهم نقلوا صورة النجوم الى الاهرامات, و يستدل على ان الموضوع ليس مصادفه من خلال ان الاهرامات الثلاثه تقع غرب نهر النيل و نجوم النطاق تقع غرب نهر المجره (الحزام المجري) وهي الحزمة الضبابيه التي تقطع السماء من الشمال الى الجنوب تماما. ولم يتوقف الموضوع عند هذا الحد بل اكتشفوا ان الاهرام بنيت بهندسة غاية في الدقه حيث ان زاوية وموقع هذه الاهرامات نسبة الى نهر النيل تتناسق تماما مع زاوية نجوم النطاق نسبة الى نهر المجره مما يدل على ان نهر النيل هو انعكاس لنهر المجره. وقد حدث هذا التطابق قبل 10500 عام حيث كانت درب التبانه تشاهد وكأنها تقطع السماء من الشمال الى الجنوب مثل نهر النيل مما دفع الفراعنه لبناء اهرامات الجيزه بهذا الشكل. ولقد اكتشف علماء الآثار فوهات في الأهرام تبتدأ من غرفة الملك وتنتهي بسطح الهرم، حيث وجدت فوهتين في غرفة الملك خوفو واثنتين ايضا في غرفة الملكه، احدى هاتين الفوهتين في غرفة خوفو تتجه جنوبا بإرتفاع 45 درجه تماما و الأخرى تتجه شمالا بإرتفاع 32 درجه و 28 دقيقه، اما فوهات الملكه فتتجه احداها جنوبا بإرتفاع 39 درجه و نصف والأخرى شمالا بارتفاع 39 درجه. وقد ظن علماء الآثار ان هذه الفوهات هي عباره عن مسالك للتهويه و لكن ذلك لم يقنع عالم الآثار المصري ( ألكسندر بدوي ) اذ احس ان اهمية هذه الفوهات تحوم حول معتقدات شعائريه ودينيه حيث اكتشف الباحثون داخل هرم خوفو متونا تدل على ان الفرعون الذي يموت تصعد روحه عبرها حيث الخلود. لذلك عندما نظر بدوي خلال هذه الفوهات لم يرى نجوم ذات اهمية فإستعان بفلكية امريكيه تدعى (فرجينيا تمبل) التي درست تغير اماكن النجوم نتيجة ترنح الاعتدالين وهي حركه بطيئة تتغير فيه مواقع النجوم الظاهرية في السماء بدرجه واحده كل 70 سنه فوجدت ان زمن ميلاد الأهرامات اي قبل حوالي 2450 سنه كانت الفوهه الجنوبيه في غرفة الملك خوفو تتجه نحو حزام الجبار او بالأخص نجم (زيتا الجبار) والغريب بالأمر ان الهرم نفسه يطابق موقع هذا النجم, مما يدعم نظرية ان بناء الاهرامات تتطابق مع نجوم النطاق، و ايضا تتجه الفوهه الشماليه الى نجم الفا التنين (الثعبان) الذي كان النجم القطبي زمن الفراعنه وقد تغير موقعه بسبب الحركه الترنحيه للأرض. وقد وجد الباحثون ان الفوهة الجنوبيه في غرفة الملكه تتجه نحو نجم (الشعرى اليمانيه )، والفوهه الشماليه في غرفة الملكه فتتجه الى نجم بيتا الدب الأصغر(كوشاب) وهو ألمع الفرقدين. وليس أهرام الجيزه فقط التي تصور السماء بل ايضا الأهرامات الأخرى كهرم ابو رواش الذي يقع شمال الجيزه يمثل نجم كابا الجبار وهرم زاوية العريان الذي يمثل نجم غاما الجباروهو ما يسمى عند العرب بــ( الناجذ) و الهرم الأحمر الذي يمثل نجم الدبران وايضا الهرم المنحني الذي بجانبه ويمثل نجم (ابسلون الثور) او مايسمى عند العرب بــ (القلائص).
عندما درس علماء الآثار الأهرام المصريه وجدوا فيها العديد من الأمور الغريبه و المدهشه في نفس الوقت وممكن تلخيصها في عدة نقاط وهي:


1) الجهات الأربع لهرم خوفو يتجه الى الجهات الرئيسيه الأربع بشكل غايه في الدقه تفوق دقة اتجاه بعض المراصد العالميه.


2) لو اخذت المسافه بين هرم خوفو ومدينة بيت لحم وقسمناها على الف سيكون الناتج 2138 وهو عدد السنين التي سبقت ميلاد النبي عيسى عليه اثناء بناء الأهرامات.


3) نسبة مجموع وزن حجارة الهرم الى كتلتها يماثل نسبة مجموع وزن الأرض الى كتلتها.


4) الظل الساقط من هرم خوفو يتحرك في كل يوم مقدار درجه واحده( بسبب انتقال موقع الشمس الظاهري في كل يوم مقدار درجة واحده) ولو حسبنا مقدار هذه الدرجات لوجدنا ان الظل يكمل 365 مره في السنه وهو عدد ايام السنه الشمسيه.

يعد علم الفلك من اقدم العلوم البشرية على الاطلاق، وتطور مع تطور معرفة الانسان بالطبيعة التي هو جزء منها، اذ ان ذكاء الانسان وعقله المفكر والمبدع الذي يتميز به سائر المخلوقات على الارض، جعله يفكر في السماء واجرامها المختلفة، فادرك مدى عظمتها وروعتها. في العصور القديمة، حيث عاش الانسان الاول في الكهوف المظلمة، وعندما يحل الظلام، وتظهر النجوم البراقة اللامعة بالوانها ولمعانها، والقمر المنير الذي يضيء له الارض ليلا، او ان يقع حدث فلكي طبيعي مثل خسوف القمر، او كسوف الشمس، او ظهور مذنب لامع يحتل مساحة واسعة من السماء بطول ذيله، فيظن بان ذلك نذير شؤم، او اشارة الى موت ملك عظيم، او نزول كارثة متوقعة، كل ذلك شد اهتمام الانسان بالسماء واشغل تفكيره وخياله. وهكذا كانت السماء قد استعمرت عقل الانسان بشكل متواصل منذ القدم، واخذ يتابع رصد النجوم والاجرام السماوية الاخرى ليلا بعد ليل.

وكان قدماء المصريين يعتقدون أن الأرض مستطيلة طويلة يتوسطها نهر النيل الذي ينبع من نهر أعظم يجري حولها تسبح فوقه النجوم الآلهة. والسماء ترتكز علي جبال بأركان الكون الأربعة و تتدلى منها هذه النجوم.

لهذا كان الإله رع يسير حول الأرض باستمرار. ليواجه الثعبان أبوبي (رمز قوى الظلام الشريرة) حتى يصبحا خلف الجبال جهة الغرب والتي ترفع السماء. وهناك يهزم رع ويسقط, فيحل الظلام. وفي الصباح ينتصر رع علي هذه القوي الشريرة ويستيقظ من جهة الشرق. بينما حورس إله القمر يسير بقاربه ليطوف حول العالم. وكان القمر بعتبر إحدي عينيه. و يلاحقه أعداؤه لفقيء هذه العين بإلقائها في النيل وينجحوا مجتمعين في هذه المهمة فيظلم القمر. لكن الإله رع يهب لنجدة عين حورس (القمر) ويعيدها لحورس.

وتمكنوا منذ 3000 سنة ق.م. بالقيام بالرصد الفلكي وقياس الزمن وتحديده من خلال السنة والأشهر. وبنوا الأهرامات أضلاعها (وجوهها) متجهة للجهات الأربع الأصلية. ومن خلال هذا نجدهم قد حددوا الشمال الحقيقي. والفلك الفرعوني لم يهتموا به عكس بلاد الرافدين ولاسيما بالدورة القمرية. واهتموا بالشمس لأنها كانت ترمز للإله رع.

وفي احدى الرسومات يصور المصريون السماء على انها بقرة عظيمة, حُليت بطنها بالنجوم, وتحتها يقف الاله شو (اله الفضاء) ويرفعها بذراعيه.

ايضا تصور المصريون الشمس وحركاتها كأنها عجل ذهبي, في الصباح يولد من رحم بقرة السماء, ويكبر خلال النهار الى ان يصبح ثورا في المساء, فيلقح امه لكتي تلد شمساً جديدة في الصباح التالي.

وتصوروها أيضا بأنها جُعل يدفع الشمس نحو السماء, كما يفعل الجعل بدحرجة كرة من الروث امامه.

وتصوروها أيضا بأنها امرأة لها طفل يكبر خلال النهار, وفي المساء يصير كهلا ويختفي بعد الغروب في العالم السفلي.

لعل إيمان المصري بالبعث والخلود بعد حياة مؤقتة وموت مؤقت، لأكبر دليل على شغف الإنسان المصري بالملاحظة؛ فهو الذي لاحظ أن الشمس تشرق ثم تغيب، ثم تشرق من جديد؛ وأن القمر يسطع ثم يأفل، ثم يضيء من جديد؛ وأن النيل يفيض ثم يغيض، ثم يفيض من جديد؛ وأن النبات ينمو ثم يحصد، ثم ينمو من جديد.

دائرة البروج الفلكية بمعبد دندرة (zodiac)

ولابد أنه وهو مشغول بدنياه وأخراه قد أخذ يتأمل في بعض الظواهر الفلكية التي يعايشها، كتعاقب الليل والنهار، وحركة الشمس في السماء في وقت النهار، واختفائها في الليل الذي يضيئه القمر بشكل متغير، بالإضافة إلى لألاءِ بعضِ النجوم.

كما عايش الظروف المناخية المتغيرة، بين شمس ساطعة قوية، وبرد قارص، فترك ذلك تأثيره الواضح على حياته، ليبحث في فترة عن مأوى يقيه من وهج الشمس، وفى فترة أخرى يبحث عن شمس ساطعة تمنحه بعض الدفء.

وما أن عرف المصري الزراعة حتى ارتبط بقدوم الفيضان، وسعى لتحديد موعد بداية كل عام، ومن ثم تحديد الدورة الزراعية.

فهكذا كان الواقع يعكس لنا حقيقة أن المصري القديم كان يمتاز عن باقي أمم العالم القديم بقوة ملاحظته، وميله إلى الأشياء العملية والعلمية، وبعده عن الفلسفة ونظرياتها إلا في الإطار الديني في الأغلب، كما نرى ذلك في بحوثه في علوم الرياضيات، والطب، والهندسة، وغيرها.

التقـويم

لما كانت النجوم تتألق في سماء مصر الصافية في حسن لا يحيط به الوصف، فإن أنظار سكان وادي النيل لابد وأن تكون قد اتجهت إليها منذ العصور الباكرة جداً.

ومع أن المصريين لم يقدموا لها فروض العبادة بوصفها آلهةً كما كان الحال في بلاد "بابل" و"آشور"، إلا أنهم ربطوا البعض منها بأرباب معينة، فصار نجم "الشِّعرَى" مثلاً (والمسمى "سوتيس") يعد روحاً للمعبودة "إيزة" (إيزيس)، وصار النجم "أوريون" روحاً للمعبود "حور" (حورس).

اسماء الشهور بمصر القديمة

بيد أنه إلى جانب هذه النظرة ذات النزعة الدينية للنجوم، فقد كوَّن المصريون في الدولة الحديثة -إن لم يكن قبل ذلك بعصر طويل- مبادئَ علم فلك حقيقي؛ فقد حاولوا من ناحيةٍ أن يتعرفوا طريقتهم في السماوات بعمل خرائط للأبراج أملاها عليهم الخيال؛ فأتت خرائط يقتصر تمثيلها بطبيعة الحال على جزء صغير من السماء. ومن جهةٍ أخرى اصطنعوا جداول غريبة بيَّنوا فيها مواقع بعض النجوم. ولقد كان الغرض العملي الذي يهدفون إليه من وراء ذلك هو تحديد الوقت، وقياس الزمن.

وتزخر المصادر المصرية القديمة بالكثير من الأدلة التي تبرز معرفة المصريين بعلم الفلك، وقدرتهم على استخدام هذا العلم في الكثير من جوانب حياتهم. ولقد لعبت الشمس كجرم سماوي دوراً كبيراً في معتقدات المصريين، وفي حياتهم العملية.

فلقد اهتدى علماء مدينة "أون" (عين شمس) إلى معرفة وابتداع التقويم الشمسي الذي نفذوه وبدءوه فيما يبدو منذ حوالي 2773 قبل الميلاد، واحتسبوا أيام السنة على أساس 365 يوماً، وقسموها إلى اثني عشر شهراً، ضمَّنوا كل شهر منها ثلاثين يوماً، ثم اعتبروا الأيام الخمسة الأخيرة أعياداً تحتفل فيها الدولة بمولد الأرباب: "أوزير" (أوزيريس)، و"إيزة" (إيزيس)، و"ست"، و"نبت حت" (نفتيس)، و"حور" (حورس)؛ وهي الأيام التي عرفت باسم (أيام النسيء الخمسة)، والتي تحتفظ بها السنة الزراعية "القبطية" حتى الآن.

اسماء الأيام إلى اليوم السابع والعشرين

والظاهر أن المصريين القدماء كانوا قد اهتدوا إلى تقويم سنوي قبل التقويم الشمسي، وهو الذي يمكن أن يعرف اصطلاحاً بالتقويم النيلي، وهو التقويم الذي يبدأ ببداية وصول الفيضان إلى منطقة بعينها من الأماكن ذات الأهمية السياسية أو الدينية، وهي فيما يبدو منطقة توسطت مدينتي "أون" (عين شمس، والمطرية)، و"إنـب حـچ" (منف)، وتقرب من (جزيرة الروضة) الحالية.
ولقد اهتدى المصريون قبل التقويم الشمسي إلى التقويم النيلي، أو التقويم الذي يبدأ ببداية وصول فيضان النيل إلى منطقة معينة ذات أهمية سياسية أو قيمة حيوية. وإذا كان المصريون قد اهتدوا إلى التأريخ بالشهور قبل عهده (وهذا مؤكد)، فهو تاريخ اعتمد على الدورة القمرية الشهرية التي يمكن ترسيم بدايتها ونهايتها في يسر وسهولة.

وطوال احتفالهم بوفاء نيلهم بقدوم الفيضان، لاحظ قدماء المصريين شيئا فشيئاً أن هذا الحدث (فجر وصول فيضانه) يقترن بظاهرة سماوية معينة بعينها، وهى استمرار ظهور نجم "الشَّعرَى اليمانية" ذي الضوء الساطع، والذي اعتبروه أنثى، وأطلقوا عليه اسم "سوبدة" (سوبدت). ولما استقرت هذه الظاهرة في أذهانهم، أصبحوا يترقبونها عن قصد، وأطلقوا على هذا النجم اسم "جالبة الفيضان".

وقد اعتبروا خلال التاريخ المصري جميعه يومَ بدء فصل الفيضان - الذي يوافق بزوغ نجم "الشعرَى اليمانية"، وظهوره في الفجر المبكر (حوالي 19 يوليو من التقويم الحالي) - بمثابة أول يوم، في أول شهر، في أول فصلٍ من فصول السنة الثلاثة، وهو فصل الفيضان"آخت"، وعدّوا هذا اليوم (يوم رأس السنة).

طريقة المصري القديم لتحديد الشمال المغناطيسي

ثم حسب الفلكيون المصريون القدماء ما بين كل طلوعٍ صادقٍ وطلوعٍ صادقٍ آخر للنجم "سوبدة"، فوجدوه 365 يوماً، ووجدوه يتضمن اثني عشر شهراً قمرياً، وكسوراً لا تصل إلى نصف شهر؛ فأكملوا العدة الخاصة بكل شهر قمري ثلاثين يوماً، وتبقت عندهم خمسة أيام احتسبوها نسيئاً وأعياداً؛ واعتبروا السنة ثلاثة فصول، وقسموها كالتالي:

- اولاً (Ax.t، آخـت)، وهو: (فصل الفيضان):ويبدأ من منتصف شهر يوليو، وحتى منتصف نوفمبر. ويتم فيه بذر الحبوب، أي أن هناك ربط بين كلمة "آخت" بمعنى "الأفق"، وفصل "آخت"؛ وذلك على أساس أن عملية بذر الزرع تشبه بزوغ الشمس من الأفق. ويضم فصل "الفيضان" أربعة أشهر، أسماؤها كما وصلتنا في القبطية هي: (تحوت، باؤفي، أتحير أو حتحور، كحوياك

-ثانياً (prt ، پـرت)، وهو (فصل خروج النبت من الأرض): وهو يوازي فصل الشتاء.ويبدأ من منتصف شهر نوفمبر، وحتى منتصف مارس. ويظهر فيه خروج الزرع بالكامل من الأرض، أي أنه (فصل الإنبات). ويضم فصل (بذر البذور) أربعة أشهر، أسماؤها كما وصلتنا في القبطية هي: (طيبي، مخير، فمنوث، فرموتي.

- ثالثاً (Smw ، شمـو)، أي: (فصل التحاريق"، أو: فصل الصيف):ويبدأ من منتصف شهر مارس، وحتى منتصف يوليو. ويتم فيه نضج النبات وحصاده، وتصاب فيه الأرض بالجفاف. ويضم فصل (جـني المحصـول) أربعة أشهر، أسماؤها كما وصلتنا في القبطية هي: (پـاخونس، پـيني، إپـيفي، مسوري.

وكان من المتوقع أن تتم هذه الخطوة البارعة في عصر نشيط نزع أهله إلى التجديد، إلا أنه من المؤسف أن المصريين لم يسجلوا شيئاً عن مراحل هذه الخطوة في حينها، أو في عهد آخر من عهود الدولة القديمة، أو في عهد الملك "زوسر"، ولكنهم أرّخوا بالفصول والشهور الإثني عشرة بالفعل بعد عهد "زوسر".

غير أن هذه الخطوة - التي يغلب أن المصريين ربطوا بينها وبين دورة الشمس، كما ربطوا بينها وبين دورة نجم "الشِّعَرَى اليمانية"، وقسموا الشهور على أساسها إلى اثني عشر شهراً، وسبقوا بها شعوب العالم القديم جميعاً - لم تكن بغير نقيصة تؤخذ عليها.

والجدير بالذكر أنه عندما قسم المصريون القدماء الشهور إلى اثني عشر شهراً - قد سبقوا في ذلك العالم القديم كله. فهم قد احتسبوا سنتهم 365 يوماً، وليس 365 يوماً وربع يوم؛ حيث كان من شأن ربع اليوم أن يصبح يوماً كل أربع سنوات، ويصبح شهراً كل 121 عاماً وربع عام تقريباً. وبمعنى آخر كان من شأن بداية السنة الشمسية (أو الشعرية) أن تتأخر عن البداية الفعلية للفيضان شهراً بعد كل 121 عاماً وربع العام، ثم لا تعود لتتفق معها إلا بعد أن يبلغ الفارق بينهما حولاً كاملاً، بعد 1456 عاماً.

ولم تتكرر ظاهرة الاتفاق بين البدايتين (بداية السنة، وبداية الفيضان) غير ثلاث مرات منذ أن بدأ المصريون توقيتهم، في عام 2773 قبل الميلاد (وهو عام البداية)، وعام 1317 ق.م. (وهو عام تولي الملك "سيتي الأول")، ثم عام 139م. وقد سجل هذه المرة الأخيرة الكاتب الروماني (CENSORINUS)، وأثبت فيها أن النجم "سوبدة" قد ظهر في موعده.

والظاهر أن المصريين قد أدركوا هذا الفارق، ولكنهم لم يعملوا على تلافيه إلى أن أشار قرار "كانوب"(أبو قير)-الذي أصدره مجمع الكهنة المصريين عام 237 قبل الميلاد - إلى اتجاه النية إلى إضافة يوم إلى (أيام النسيء الخمسة)؛ وذلك حتى لا تأتي أعياد الشتاء في فصل الصيف نتيجة لتغير الشمس يوماً كل أربع سنوات، وحتى تصبح أعياد الصيف الحالية أعياداً شتوية في المستقبل كما كانت في الماضي.

غير أن هذا التجديد لم يستمر، ولم يعدل التقويم بصورة علمية إلا في عهد الامبراطور الروماني "أغسطس" (عام 30 ق.م) حين ظهر (التقويم الـچولياني)، وأصبح العام بمقتضاه 365 يوماً وربع.

وليس أدل على أن المصريين القدماء قد برعوا في رصد الشمس من أنه كان في مدينة "عين شمس" كاهن لمراقبة حركة الشمس يعرف باسم "ور ماءاو"، أي: (كبير الرائين). وكان من بين كهنة المعابد كهنة لمراقبة سير النجوم.

وتزخر مقابر المصريين ومعابدهم ووثائقهم البردية بمناظر سماوية، وذلك من منطلق أن غالبية الكائنات الدينية والجنائزية قد اعتبرت بصورة أو بأخرى كائنات كونية. فمثلاً ربة السماء "نوت" اعتقد المصريون أنها تنشر جسدها السماوي الممتلئ بالنجوم فوق الأرض، وبهذا يمكنها أن تحمى المعابد.

وفي (نصوص الأهرام) ما يؤكد إيمان المصريين بأن الموتى يمكن أن يولدوا من جديد على هيئة نجوم قطبية، الأمر الذي أدى إلى تصوير عدد من النجوم على أسقف وجدران غرف وحجرات الأهرامات التي دونت بها نصوص الأهرامات. ومن بين تعاويذ (نصوص الأهرام) ذلك النداء الموجّه للربة "نوت" بأن تعطي المتوفى بجسدها حتى يتمكن من أن يتبوأ مكانه بين نجوم السماء التي لا تفنى، وبذلك يحظى بحياة أبدية.

طقس (شد الحبل)، التى تحدد موقع نجم "أوريون" (الدب الأكبر) باستخدام أداة المعرفة "مرخت" (mrxt)، والتي تشبه في وظيفتها آلة (الإسطرلاب)، وهي أداة تحديد النجوم

إن الثقافة الفلكية للكهنة والمعماريين المصريين يمكن أن يستدل عليها من الأمثلة المبكرة من الأسرة الثانية لطقس (pD Ss ، پـچ شس)، أي: (طقس شد الحبل)، والذي يمثل أول خطوات تأسيس المعبد وتوجيهه الوجهة الصحيحة، وهو الطقس الذي ظهر لأول مرة على كتلة جرانيتية من عهد الملك "خع سخموي" (الأسرة الثانية، 2686 ق.م)؛ حيث تعتمد هذه الطريقة على تحديد موقع نجم "أوريون" (الدب الأكبر) باستخدام أداة المعرفة "مرخت" (mrxt)، والتي تشبه في وظيفتها آلة (الإسطرلاب)، وهي أداة تحديد النجوم.

وكانت هذه الآلة تصنع من الفرع الأوسط من أوراق سعف النخيل. وبهذا يتم تحديد أساسات الأهرامات ومعابد الشمس مع الاتجاهات الأصلية الأربعة. ومن بين النصوص التي سجلت على هذه الآلة (مرخت): "أنا أعرف قدوم الشمس والنجوم كل إلى مكانه".

وكان يتم تحديد ساعات الليل، وذلك أثناء مرور بعض النجوم عبر الخط الرأسي، حيث يحدد مكان النجوم حسب وضعها بالنسبة لجسم الكاهن الذي يقوم بهذه المهمة، وتدوّن القراءات في قوائم تقسم على مربعات، حيث تظهر فيها صورة الكاهن جالساً تحيط به النجوم.

والمعروف أن الكلمة المصرية القديمة الدالة على (الساعة) كانت تخصص بنجم، مما يؤكد أن حساب ساعات الليل كان يرتبط برصد النجوم.

وتدل مناظر وضع أساسات المنشآت المصرية القديمة والطقوس الدينية المتصلة بها على أن جميع عمليات البناء (وخصوصاً بالنسبة للمنشآت الدينية) كانت تبدأ برصد النجوم، ليتمكنوا من معرفة الاتجاه الصحيح للمعبد الجاري تشييده، وكذلك الأهرامات، وغيرها.

ولقد تعرف المصريون القدماء على بعض الظواهر الطبيعية السماوية، فرصدوا الخسوف والكسوف، ويقال أن كاهناً مصرياً قام بالشرح لجنود "الإسكندر" المذعورين عن سبب ظاهرتي الخسوف والكسوف.

ومن أقدم النصوص المرتبطة بالفلك هي التقويمات أو (الساعات النجمية) المرسومة على أغطية التوابيت الخشبية، والتي ترجع للدولة الوسطى (القرن 20 ق.م).

وتتكون هذه التقويمات من ست وثلاثين مجموعة تتضمن قوائم مجموعات النجوم الستة والثلاثين، والتي تنقسم إليها سماء الليل. وكانت كل مجموعة ترتفع فوق الأفق عند الفجر لفترة تستغرق عشرة أيام، وكان أكثرها لمعاناً نجم "سوبدت" (الشِّعَرَى اليمانية)، والذي تطابق ظهوره مع ظهور فيضان النيل الذي كان يمثل حدثاً فلكياً هاماً.

وقد ربط المصريون بين "سوبدة" (جالبة الفيضان)، وبين الربة "إيزة"، زوجة "أوزير" رب الفيضان. ويحتمل أن هذا الربط هو الذي أدى إلى التقليد الشعبي بتسمية ليلة الفيضان باسم (ليلة النقطة)، أي: الليلة التي بكت فيها "إيزة"، وأراقت الدموع على زوجها الفقيد "أوزير"، فجرى الفيضان على إثر هذه الدموع.

وبالإضافة إلى الساعات النجمية في الدولة الوسطى، فقد استخدم لاحقاً نظام النجوم في تصاوير المقابر والمعابد، بدءاً من مقبرة "سننموت" في "طيبة" الغربية 1460 ق.م، والسقف النجمي في (الأوزيريون) في "أبيدوس" 1290 ق.م. ومقبرة "رعمسيس الرابع" 1150 ق.م في "وادي الملوك" تتضمن نصوصاً فلكية تصف مدة السبعين يوماً التي تقضيها كل مجموعة نجمية في العالم السفلي.

وأما عن رصد المصريين القدماء للنجوم، فتذكر (متون الأهرام) أنها كانت تنقسم إلى نوعين:

- "النجوم التي لا تفنى" (إخمو سك: Ixmw sk)، أي التي تكون ظاهرة بشكل دائم في السماء.
- "النجوم التي لا تتعب" (إخمو ورس: Ixmw wrs)، وهي (النجوم السيّارة).

وقد استطاع المصريون -على الأقل منذ الدولة الوسطى- تمييز خمسة من هذه (النجوم السيارة)، وتصويرها كربة تبحر في قوارب عبر السماء، وهي:

- المُشترَى: "حور الذي يحدد القطرين".
- المرِّيخ: "حور الأفق"، أو: "
- عَطارد: معبود ارتبط بالمعبود "ست".
- زُحَل: "حور، ثور السماء".
- الزهرة: "الذي يعبر"، أو: "رب الصباح".

وقد رأينا أسقف العديد من المقابر الملكية في "وادي الملوك" مزينة بمناظر سماوية؛ ففي مقابر "رعمسيس" (الخامس، والسابع، والتاسع) -والتي تعود إلى النصف الثاني من القرن الثاني عشر ق.م- توجد مجموعة مكونة من أربعة عشر كائناً جالسين يمثلون نجوماً كانت تسمح بمرور الزمن من خلال النجوم عبر السماء.

وسائل قياس الزمن

وقد عرف المصريون وسائل قياس الزمن، فهناك ساعات الليل، وأخرى للنهار. ومن بين وسائل قياس ساعات الليل (الساعة المائية)، والتي يرجع أقدم مثال لها لعهد الملك "أمنحتـپ الثالث"، والتي عثر عليها في معبد "الكرنك". وهي على شكل إناء من الحجر، به ثقب بالقرب من القاعدة، صورت على سطحه الخارجي مناظر فلكية، بينما قسم السطح الداخلي إلى خطوط أفقية تحدد المستوى الذي وصلت إليه المياه في شكل ساعة، وتقسيمات رأسية تحدد كل شهر من السنة.

الساعة المائية القديمة

كما قيست ساعات النهار بأنواع أخرى من الساعات تعتمد أساساً على الظلال بتحديد اتجاهها أو طولها أثناء النهار؛ حيث لاحظ المصري أن طول الظلال (أثناء ساعات النهار) يختلف حسب فصول السنة.

الساعة النجمية. على تابوت خيتى بأسيوط

ومنذ الدولة الحديثة شغلت المناظر الفلكية مساحات كبيرة من أسقف العديد من المعابد ومقابر الملوك والأفراد، وهي مناظر تمثل المجموعات النجمية، والأجرام السماوية، والكواكب، والأشهر القمرية، وساعات الليل والنهار؛ ولعل أشهرها تلك التي تضمها مقبرة "سيتي الأول" في "وادي الملوك"، ومعبد "رعمسيس الثاني" في غرب "طيبة"، ومقبرة "سننموت" مهندس الملكة "حتشبسوت"، وغير ذلك.

حساب الزمن

قد عرف المصريون وسائل حساب الزمن، فهناك ساعات الليل، وأخرى للنهار. ومن بين وسائل قياس ساعات الليل (الساعة المائية)، والتي يرجع أقدم مثال لها لعهد الملك "أمنحتـپ الثالث"، والتي عثر عليها في معبد "الكرنك". وهي على شكل إناء من الحجر، به ثقب بالقرب من القاعدة، صورت على سطحه الخارجي مناظر فلكية، بينما قسم السطح الداخلي إلى خطوط أفقية تحدد المستوى الذي وصلت إليه المياه في شكل ساعة، وتقسيمات رأسية تحدد كل شهر من السنة.

كما قيست ساعات النهار بأنواع أخرى من الساعات تعتمد أساساً على الظلال بتحديد اتجاهها أو طولها أثناء النهار؛ حيث لاحظ المصري أن طول الظلال (أثناء ساعات النهار) يختلف حسب فصول السنة.

ومنذ الدولة الحديثة شغلت المناظر الفلكية مساحات كبيرة من أسقف العديد من المعابد ومقابر الملوك والأفراد، وهي مناظر تمثل المجموعات النجمية، والأجرام السماوية، والكواكب، والأشهر القمرية، وساعات الليل والنهار؛ ولعل أشهرها تلك التي تضمها مقبرة "سيتي الأول" في "وادي الملوك"، ومعبد "رعمسيس الثاني" في غرب "طيبة"، ومقبرة "سننموت" مهندس الملكة "حتشبسوت"، وغير ذلك.

الحسابات الفلكية - من مقبرة "سننموت" في "الدير البحري"

والواقع أن أساس الفلك المصري كان يرتكز في معظمه على النجوم، مما يدل على روح قوة الملاحظة العملية التي كانت تميز المصري القديم في كل أعماله.

وأخيراً، فلولا أن الكهنة المصريين قد أحاطوا علومهم بسياج من السرية، وصبغوها دائماً بالرموز الغامضة، لأمكننا استخلاص الآراء والنظريات العلمية التي كان لهم السبق فيها، وخصوصاً بعد أن امتزجت حضارة اليونانيين بحضارتهم.

رسم مأخوذ من الألبوم النابوليونى لزودياك إسنا الصغير

وقد عرف المصري القديم حساب المثلثات، وتفوق في علمي الهندسة والرياضيات، واستفاد من مزج هذه العلوم بمعارفهم الفلكية، والدليل على ذلك قائم حتى الآن، ويعد من عجائب الدنيا السبع، ألا وهو (الهرم الأكبر) الذي يعتبر عملاً من الأعمال الهندسية المعجزة في التاريخ الإنساني.


الأبراج السماوية

دائرة البروج الفلكية بمعبد دندرة (zodiac)

أما الأبراج السماوية (zodiac)، فلم تظهر إلا في العصر البطلمي، ولعل أقدم مثال لها ذلك الذي ظهر في معبد "إسنا" من عهد الملك "پطلميوس الثالث" (حوالي 200 ق.م). وتوالى ظهورها في معابد "دندرة"، و"إدفو"، و"كوم أمبو"، و"فيلة" وغيرها. ومن بين الأبراج: (الحَمَل، والثور، والقوس، والعقرب، والسرطان، والأسد، والجَوزاء).

تكبير الصورة تم تعديل ابعاد هذه الصورة. انقر هنا لمعاينتها بأبعادها الأصلية.

أسماء البروج

النجوم

رصد المصريين القدماء النجوم، فتذكرلنا (متون الأهرام) أنها كانت تنقسم إلى نوعين:

- "النجوم التي لا تفنى"
(إخمو سك: Ixmw sk)، أي التي تكون ظاهرة بشكل دائم في السماء.
- "النجوم التي لا تتعب"
(إخمو ورس: Ixmw wrs)، وهي (النجوم السيّارة).
- المُشترَى: "حور الذي يحدد القطرين".
- المرِّيخ: "حور الأفق"، أو: "حور الأحمر".
- عَطارد: معبود ارتبط بالمعبود "ست".
- زُحَل: "حور، ثور السماء".
- الزهرة: "الذي يعبر"، أو: "رب الصباح".

وقد رأينا أسقف العديد من المقابر الملكية في "وادي الملوك" مزينة بمناظر سماوية؛ ففي مقابر "رعمسيس" (الخامس، والسابع، والتاسع) - والتي تعود إلى النصف الثاني من القرن الثاني عشرقبل الميلاد - توجد مجموعة مكونة من أربعة عشر كائناً جالسين يمثلون نجوماً كانت تسمح بمرور الزمن من خلال النجوم عبر السماء.

الحسابات الفلكية - من مقبرة "سننموت" في "الدير البحري"

والواقع أن أساس الفلك المصري كان يرتكز في معظمه على النجوم، مما يدل على روح قوة الملاحظة العملية التي كانت تميز المصري القديم في كل أعماله.
وأخيراً، فلولا أن الكهنة المصريين قد أحاطوا علومهم بسياج من السرية، وصبغوها دائماً بالرموز الغامضة، لأمكننا استخلاص الآراء والنظريات العلمية التي كان لهم السبق فيها، وخصوصاً بعد أن امتزجت حضارة اليونانيين بحضارتهم.

دائرة البروج الفلكية بمعبد دندرة (zodiac)

وقد عرف المصري القديم حساب المثلثات، وتفوق في علمي الهندسة والرياضيات، واستفاد من مزج هذه العلوم بمعارفهم الفلكية، والدليل على ذلك قائم حتى الآن، ويعد من عجائب الدنيا السبع، ألا وهو (الهرم الأكبر) الذي يعتبر عملاً من الأعمال الهندسية المعجزة في التاريخ الإنساني.

الشهور

أما عن أسماء الشهور المصرية، والتي تُعزى إلى مصر قديماً، وتُعرف الآن باسم (الأشهر القبطية)، فقد أُخذت أسماؤها من أعياد قديمة كانت تقام للمعبودات التي اقترنت بها، وهي:

فصول السنة. معبد دندرة

- (أيام النسيء الخمسة).
- ثم الشهور "توت" (تحوت Thoth)؛ و"بابـه"؛ و"هاتور" (أتحير Athyr، أو" حتحور)، و"كيهك"؛ ويتألف من هذه الأشهر (فصل الفيضان).
- ثم "طوبة" (طيبي Typi)، و"أمشير" (مخير Mechir)؛ و"برمهات" (فمنوث Phamenoth)])، و"برمودة" (فرموتيPharmouti)، ويتألف من هذه الأشهر (فصل النبت).
- ثم "بشنس" (پـاخونسPakhons)؛ و"بئونة" (پـينيPayni)؛ و"أبيب" (إپـيفي Epiphi)؛ ومسرَى (مسوريMesore)؛ ويتألف من هذه الأشهر (فصل الصيف).

وقد حفلت البرديات المصرية في العصر الروماني بمعلومات كثيرة عن الفلك، ومن أهم هذه البرديات برديتا "كارلسبرج" (الأولى، والتاسعة)، واللتين تؤرخان بالقرن الثاني الميلادي، واللتين تأثرتا بالمناظر الفلكية الواردة على مقبرة "سيتي الأول".

ولا يفوتنا أن نذكر أن أسماء الشهور الزراعية (الأشهر القمرية المسماة بالأشهر القبطية)، والتي لا زلنا نأخذ بها في الزراعة في زمننا الحالي، إنما هي أسماء مصرية قديمة



يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق