إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الخميس، 2 يونيو 2016

594 الكامل في التاريخ ( ابن الاثير ) الجزء الرابع ذكر خلافة المقتدر بالله


594

الكامل في التاريخ ( ابن الاثير ) الجزء الرابع

ذكر خلافة المقتدر بالله

وكان السبب في ولاية المقتدر بالله الخلافة وهوأبوالفضل جعفر بن المعتضد أن المكتفي لما ثقل في مرضه أفكر الوزير جينئذ وهوالعباس بن الحسن فيمن يصلح للخلافة وكان عادته أن يسايره إذا ركب إلى دار الخلافة واحد من هؤلاء الأربعة الذين يتولون الدواوين وهم‏:‏ أبوعبد الله محمد بن داود بن الجراح وأبوالحسن محمد بن عبدا وأبوالحسن علي بن محمد بن الفرات وأبوالحسن علي بن عيسى فاستشار الوزير يومًا محمد ابن داود بن الجراح في ذلك فأشار بعبد الله بن المعتز ووصفه بالعقل والأدب والرأي واستشار بعده أبا الحسن بن الفرات فقال‏:‏ هذا شيء ما جرت به عادتي أشير فيه وإمنا اشاور في العمال لا في الخلفاء فغضب الوزير وقال‏:‏ هذه مقاطعة باردة وليس يخفي عليك الصحيح‏.‏وألح عليه فقال‏:‏ إن كان رأي الوزير قد استقر على احد يعينه فليفعل فعلم أنه عنى ابن المعتز لأشتهار خبره‏.‏

فقال الوزير‏:‏ لا أقنع إلا أن تمحضني النصيحة‏.‏

فقال ابن الفرات‏:‏ فليتفق الله الوزير ولا ينصب إلا من قد عرفه واطلع على جميع أمواله ولا ينصب بخيلًا فيضيق على الناس ويقطع أرزاقهم ولا طماعًا فيشره في أموالهم فيصادرهم ويأخذ أموالهم وأملاكهم ولا قليل الدين فلا يخاف العقوبة والأثام ويرجوالثواب فيما يفعله ولا يول من عرف نعمة هذا وبستان هذا وضيعة هذا وفرس هذا ومن قد بقي الناس ولقوه وعاملهم وعاملوه ويتخيل ويحسب حساب نعم الناس وعرف وجوه دخلهم وخرجهم‏.‏

فقال الوزير‏:‏ صدقت ونصحت فبمن تشير قال‏:‏ أصلح الموجود جعفر بن المعتضد قال‏:‏ ويحك هوصبي قال ابن الفرات‏:‏ إلا أنه ابن المعتضد ولم نأت برجل كامل يباشر الأمور بنفسه غير محتاج إلينا‏.‏

ثم إن الوزير استشار علي بن عيسى فلم يسم أحدا وقال‏:‏ لكن ينبغي أن يتقي الله وينظر من يصلح لدين والدنيا فمالت نفس الوزير ألى ما أشار به ابن الفرات وانضاف إلى ذلك وصية المكتفي فإنه أوصى لما اشتد مرضه بتقليد أخيه جعفر الخلافة فلما مات المكتفي نصب الوزير جعفرًا للخالفة وعينه لها وأرسل صافيًا الحرمي إليه ليحذره من دور آل طاهر بالجانب الغربي وكان يسكنها فلما حطه في الحراقة وحدره وصارت الحراقة مقابل دار الوزير صاح غلمان الوزير بالملاح ليدخل إلى دار الوزير فظن الحرمي أن الوزير يريد القبض على جعفر وينصب في الخلافة غيره فمنع الملاح من ذلك وسار إلى دار الخلافة وأخذ له صافي البيعة على الخدم وحاشية الدار ولقب نفسه المقتدر بالله ولحق الوزير به وجماعة الكتاب فبايعوه ثم جهزوا المكتفي ودفنوه بدار محمد بن طاهر‏.‏

ولما بويع المقتدر كان في بيت المال حين بويع خمسة عشر ألف ألف دينار فأطلق يد الوزير في بيت المال فأخرج منه حق البيعة‏.‏

وكان مولده المقتدر ثامن رمضان سنة اثنتين وثمانين ومائتين وأمه أم ولد يقال لها شغب فلما بويع استصغره الوزير وكان عمره إذ ذاك ثلاث عشرة سنة وكثر كلام الناس فيه فعزم على خلعه وتقليد الخلافة أبا عبد الله محمد بن المعتمد على الله وكان حسن السيرة جميل الوجه والفعل فراسله في ذلك واستقر الحال وانتظر الوزير قدوم بارس حاجب إسماعيل صاحب خراسان وكان قد أذن له في القدوم كما ذكرناه وأراد الوزير أن يستعين به على ذلك ويتقوى به على غلمان المعتضد فتأخر بارس‏.‏

واتفق أنه وقع بين أبي عبد الله بن المعتمد وبين ابن عمرويه صاحب الشرطة منازعه في ضيعة مشتركة بينهما فاغلظ له ابن عمرويه فغضب ابن المعتمد غضبًا شديدا أغمي عليه وفلج في المجلس فحمل إلى ثيته في محفة فمات في اليوم الثاني فأراد الوزير البيعة لأبي الحسين بن المتوكل فمات أيضًا بعد خمسة أيام وتم أمر المقتدر‏.‏


يتبع

( ان دراسة التاريخ تضيف الى الاعمار اعمارا ... و امة بلا تاريخ فهي بلا ماضي و لا حاضر و لا مستقبل )

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق