إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الخميس، 2 يونيو 2016

575 الكامل في التاريخ ( ابن الاثير ) الجزء الرابع ذكر أخبار القرامطة


575

الكامل في التاريخ ( ابن الاثير ) الجزء الرابع

ذكر أخبار القرامطة

في هذه السنة في ربيع الآخر سير طغج بن جف جيشًا من دمشق إلى القرمطي عليهم غلام له اسمه بشير فهزمهم القرمطي وقتل بشيرًا‏.‏

وفيها حصر القرمطي دمشق وضيق على أهلها وقتل أصحاب طغج ولم يبق منه إلا القليل واشرف أهلها على الهلكة فاجتمع جماعة من أهل بغداد وانهوا ذلك إلى الخليفة فوعدهم النجدة وأمد المصريون أهل دمشق ببدر وغيره من القواد فقاتلوا الشيخ مقدم القرامطة فقتل على باب دمشق رماه بعض المغاربة بمزراق وزرقه نفاط بالنار فاحترق وقتل منهم خلق كثير‏.‏

وكان هذا القرمطي يزعم أنه إذا أشار بيده إلى جهة من التي فيها محاربوه انهزموا ولما قتل يحيى المعروف بالشيخ وقتل أصحابه اجتمع من بقي منهم على أخيه الحسين وسمى نفسه أحمد وكناه أبا العباس ودعا الناس فأجابه أكثر أهل البوادي وغيرهم فاشتدت شوكته وأظهر شامة في وجه وزعم أنها آيته فسار إلى دمشق فصالحه أهلها على خراج دفعوه إليه وانصرف عنهم‏.‏

ثم سار إلى أطراف حمص فغلب عليها وخطب له على منابرها وتسمي المهدي أمير المؤمنين وأتاه ابن عمه عيسى بن المهدي المسمى عبد الله بن أحمد بن محمد بن إسماعيل فلقبه المدثر وعهد إليه وزعم أنه المدثر الذي في القرآن ولقب غلامًا من أهله المطوق وقلده قتل أسرى المسلمين‏.‏

ولما أطاعه أهل حمص وفتحوا له بابها خوفًا منه سار إلى حماه ومعرة النعمان وغيرهما فقتل أهلها وقتل النساء والصبيان ثم سار إلى بعلبك فقتل عامة أهلها ولم يبق منهم إلا اليسير ثم سار إلى سلمية فمنعه أهلها ثم صالحهم وأعطاهم الأمان ففتحوا له بابها فبدأ بمن فيها من بني هاشم وكانوا جماعة فقتلهم أجمعين ثم قتل البهائم والصبيان بالمكاتب ثم خرج منها وليس بها عين تطرف‏.‏

وسار فيها حولها من القرى يسبي ويقتل ويخيف السبيل فذكر عن متطبب بباب المحول يدعى أبا الحسين قال‏:‏ جاءتني امرأة بعدما أدخل القرمطي صاحب الشامة بغداد وقالت‏:‏ أريد أن تعالج جرحًا في كتفي فقلت‏:‏ ها هنا امرأة تعالج النساء فانتظرتها فقعدت وهي باكية مكروبة فسألتها عن قصتها قالت‏:‏ كان لي ولد طالت غيبته عني فخرجت أطوف عليه البلاد فلم أره فخرجت من الرقة في طلبه فوقعت في عسكر القرمطي أطلبه فرأيته فشكوت إليه حالي وحال أخواته فقال‏:‏ دعيني من هذا أخبريني ما دينك فقلت‏:‏ أما تعرف ما ديني فقال‏:‏ ما كنا فيه باطل والدين ما نحن فيه اليوم فعجبت من ذلك وخرج وتركني ووجه بخبز ولحم فلم أمسه حتى عاد فأصلحه‏.‏

وأتاه رجل من أصحابه فسأله عني هل أحسن من أمر النساء شيئا فقلت‏:‏ نعم فأدخلني دارا فإذا امرأة تطلق فقعدت بين يديها وجعلت أكلمها ولا تكلمني حتى ولدت غلاما فأصلحت من شأنه وتلطفت بها حتى كلمتني فسألتها عن حالها فقالت‏:‏ أنا امرأة هاشمية أخذنا هؤلاء أقوام فذبحوا أبي وأهلي جميعا وأخذني صاحبهم فأقمت عنده خمسة أيام ثم أمر بقتلي فطلبني منه أربعة أنفس من قواده فوهبني لهم وكنت معهم فوالله ما ادري ممن هذا الولد منهم‏.‏

قالت‏:‏ فجاء رجل فقالت لي‏:‏ هنيه فهنيته فأعطاني سبيكة فضة وجاء آخر وآخر أهني كل واحد منهم ويعطيني سبيكة فضة ثم جاء الرابع ومعه جماعة فهنيته فأعطاني ألف درهم وبتنا فلما أصبحنا قلت للمرأة‏:‏ قد وجب حقي عليك فالله الله خلصني‏!‏ قالت‏:‏ ممن أخلصك فأخبرتها خبر ابني فقالت‏:‏ عليك بالرجل الذي جاء آخر القوم فأقمت يومي فلما أمسيت وجاء الرجل قمت له وقبلت يده ورجله ووعدته أنني أعود بعد أن أوصل ما معي إلى بناتي فدعا قومًا من غلمانه وأمرهم بحملي إلى مكن ذكره وقال‏:‏ اتركوها فيه وارجعوا فساروا بين عشرة فراسخ فلحقنا ابني فضربني بالسيف فجرحني ومنعه القوم وساروا بي إلى المكان الذي سماه لهم صاحبهم وتركوني وجئت إلى هاهنا‏.‏

قالت‏:‏ ولما قدم الأمير بالقرامطة وبالأساري رأيت ابني فيهم على جمل عليه برنس وهويبكي فقلت‏:‏ لا خفف الله عنك ولا خلصك‏!‏ ثم إن كتب أهل الشام ومصر وصلت إلى المكتفي يشكون ما يلقون من القرمطي من القتل والسبي وتخريب البلاد فأمر الجند بالتأهب وخرج من بغداد ف برمضان وسار إلى الشام وجعل طريقه على الموصل وقدم بين يديه أبا الأغر في عشرة آلاف رجل فنزل قريبًا من حلب فكبسهم القرمطي صاحب الشامة فقتل منهم خلقًا كثيرا وسلم أبوالأغر فدخل حلب في ألف رجل وكانت هذه الوقعة في رمضان وسار القرمطي إلى باب حلب فحاربه أبوالأغر بمن بقي معه وأهل البلد فرجع عنهم‏.‏

وسار المكتفي حتى نزل الرقة وسير الجيوش إليه وجعل أمرهم إلى محمد بن سليمان الكاتب‏.‏

وفيها في شوال تحارب القرمطي صاحب الشامة وبدر مولى ابن طولون فانهزم القرمطي وقتل من أصحابه خلق كثير ومضى من سلم منهم نحوالبادرية فوجه المكتفي في أثرهم الحسين بن وفيها كبس ابن بانوا أمير البحرين حصنًا للقرامطة فظفر بمن فيه وواقع قرابة أبي سعيد الجنابي فهزمه ابن بانوا وكان مقام هذا القرمطي بالقطيف وهوولي عهد أبي سعيد ثم إنه وجد بعدما انهزم أصحابه قتيلًا فاخذ رأسه وسار ابن بانوا إلى القطيف فافتتحها‏.‏



يتبع

( ان دراسة التاريخ تضيف الى الاعمار اعمارا ... و امة بلا تاريخ فهي بلا ماضي و لا حاضر و لا مستقبل )

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق