3376
تاريخ ابن خلدون ( ابن خلدون )
من تاريخ العلامة ابن خلدون
القسم السابع
المجلد السابع
من صفحة 337 إلى 502
الخبر عن إمارة عبد الرحمن بن علي أبي يفلوسن ابن السلطان أبي علي، علي الغزاة بالاندلس ومصاير أمره:
كان ولد السلطان أبي علي قد استوقروا بالأندلس وأجازوا إلى طلب الأمر بالمغرب. وكان من أمرهم ما شرحناه، إلى أن أجاز عبد الرحمن هذا مع وزيره المطارد به مسعود بن رحو سنة ست وستين وسبعمائة، غساسة على سلم عقده لهم وزير المغرب المستبد بأمره يومئذ عمر بن عبد الله. ونزل عبد الرحمن هذا بالمنكب، وكان السلطان يومئذ معسكراً بها، فتلقاه من الإحتفاء والبر ما يناسبه. وأكرم مثواه وأسنى الجائزة له ولوزيره ولحاشيته. واستقروا في جملة الغزاة المجاهدين، حتى إذا هلك علي بن بدر الدين سنة ثمان وستين وسبعمائة، نظر السلطان فيمن يوليه أمرهم، فعثر اختياره على عبد الرحمن هذا، لما عرف به من البسالة والإقدام ولقرب الشرائح بينه وبين ملك المغرب يومئذ، التي هي ملاك الترشيح لهذه الخطة بالأندلس كما قدمناه، لما كانت رشائح أولاد عبد الله بن عبد الحق قد بعدت باتصال الملك في عمود نسب صاحب المغرب دون نسبهم، فآثره صاحب الأندلس بها وعقد له على الغزاة المجاهدين سنة ثمان وستين وسبعمائة وأضفى عليه لبوس الكرامة والتجلة وأقعده مجلس الوزارة كما كان للأمراء قبله. واتصل الخبر بسلطان المغرب يومئذ عبد العزيز ابن السلطان أبي الحسن، فغص بمكانه وتوهم أن هذه الإمارة زيادة في ترشيحه ووسيلة لملكه. وكانت لوزير الأندلس محمد بن الخطيب مداخلة مع صاحب المغرب، بما أمل أن يجعله فيئة لاعتصامه، فأوعز إليه بالتحيل على إفساد ما بينه وبين صاحب الأندلس، فجهد في ذلك جهده. ولبست عليه وعلى وزيره مسعود بن ماسي، كتب إلى عظماء القبيل وبعض البطانة من أهل الدولة، بالتحبيب والدعوة إلى الخروج على صاحب المغرب، فأحضرهم السلطان ابن الأحمر وأعطاهم كتابهم، فشهد عليهم وأمر بهم، فاعتقلوا بالمطبق سنة سبعين وسبعمائة. واسترضى صاحب المغرب بفعلته فيهم. رنزع الوزير ابن الخطيب بعد ذلك إلى السلطان عبد العزيز، وتبين لسلطانه مكره واحتياله عليهم في شأنهم. ولما هلك عبد العزيز وأظلم الجو بين صاحب الأندلس وبين
القائم بالدولة أبي بكر بن غازي كما قدمناه، وامتعض ابن الأحمر للمسلمين من الفوضى، أطلق عبد الرحمن بن أبي يفلوسن ووزيره مسعود بن ماسي من الاعتقال وجهز لهما الأسطول، فأجازوا فيها إلى المغرب ونزل بمرسى غساسة على بطوية داعياً لنفسه، فقاموا بأمره وكان من شأنهم مع الوزير أبي بكر بن غازي ما قصصناه. واستقر آخر بمراكش وتقاسم ممالك المغرب وأعماله مع السلطان أبي العباس، أحمد بن أبي سالم، صاحب المغرب لهذا العهد. وصار التخم بينهما وادي ملوية. ووقف كل واحد منهم عند حده. والله مالك الملك يولي الملك من يشاء وينزع الملك ممن يشاء. وأغفل صاحب الأندلس هذه الخطة من دولته ومحا رسمها من ملكه. وصار أمر الغزاة المجاهدين إليه ويباشر أحوالهم بنفسه وعمهم بنظره. وخص القرابة المرشحين منهم بمزيد تكرمته وعنايته. والأمر على ذلك لهذا العهد، وهو سنة ثلاث وثمانين وسبعمائة والحمد لله على كل حال.
وصلى الله على سيدنا ومولانا محمد وعلى آله وأصحابه وسلم تسليما كثيراً.
يتبع
يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق