3363
تاريخ ابن خلدون ( ابن خلدون )
من تاريخ العلامة ابن خلدون
القسم السابع
المجلد السابع
من صفحة 337 إلى 502
نكبة ابن أبي عمر ومهلكه وحركات ابن حسون:
لما استقل السلطان بملكه واقتعد سريره، صرف نظره إلى أولياء تلك الدولة ومن يرتاب منه. وكان محمد بن أبي عمرو، وقد تقدم ذكره وأوليته، من جملة خواصه وأوليائه وندمائه. وكان السلطان يقسم له من عنايته وجميل نظره ويرفعه على نظرائه. فلما ولي السلطان موسى نزعت به إليه نوازع المخالصة لأبيه من السلطان أبي عنان. فقد كان أبوه من أعز بطانته كما مر، فاستخلصه السلطان موسى للشورى ورفعه على منابر أهل الدولة. وجعل إليه كتابه علامته على المراسم السلطانية، كما كان لأبيه. وكان يفاوضه في مهماته ويرجع إليه في أموره، حتى غص له أهل الدولة ونمي عنه للوزير مسعود بن ماسي أنه يداخل السلطان في نكبته. وربما سعى عند سلطانه في جماعة من بطانة السلطان أحمد، فأتى عليهم النكال والقتل لفلتات كانت بينهم وبينه في مجالس المنادمة عند السلطان حقدها لهم. فلما ظفر بالحظ من سلطانه، سعى بهم فقتلهم. وكان القاضي أبو إسحق إبراهيم اليزناسي من بطانة سلطانه وكان يحضر مع ندمائه، فحقد له ابن أبي عمرو بعض الكلمات. وأغرى به سلطانه فضربه وأطافه، وجاء بها شنعاء غريبة في القبح. وسفر عن سلطانه إلى الأندلس، وكان يمر بمنزل السلطان هذا ومكان اعتقاله. وربما تلقاه فلم يلم بتحية ولا يوجب له حقاً، فاحفظ ذلك السلطان. ولما فرغ من أمر ابن ماساي، قبض على ابن أبي عمرو هذا وأودعه السجن. ثم امتحنه بعد أيام، إلى أن هلك ضرباً بالسياط، عفا الله عنه. وحمل إلى داره. وبينما أهله يجهزونه إلى قبره، إذا بالسلطان قد أمر بأن يسحب في نواحي البلد إبلاغاً في التنكيل، فحمل من نعشه، وقد ربط حبل من رجله وسحب في سائر انحاء المدينة. ثم ألقي على بعض الكثبان من أطرافها وأصبح مثلا في الآخرين. ثم قبض السلطان على حركات بن حسون النياطي وكان مخباً في الفتنة موضعاً. وكان العرب المخالفون من المعقل، ولما أجاز السلطان إلى سبتة، وحركات هذا بتادلا، أرادوه على طاعة السلطان فامتنع أولا. ثم أكرهوه وجاؤا به
إلى السلطان، فطوى له على ذلك حتى استقام أمره. وملك البلد الجديد، فقبض عليه وامتحنه إلى أن هلك. والله وارث الأرض ومن عليها.
يتبع
يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق