2550
تاريخ ابن خلدون ( ابن خلدون )
من تاريخ العلامة ابن خلدون
المجلد الخامس
من صفحة 343- 412
مسير صاحب بلاد الروم إلى حلب وإنهزامه ودخولها في طاعة الأشرف:
قد كنا قدمناه وفاة الظاهر غازي بن صلاح الدين صاحب حلب ومنبج سنة ثلاث عشرة وولاية إبنه الأصغر محمد العزيز غياث الدين في كفالة طغرل الخادم مولى أبيه الظاهر، وأنّ شهاب الدين هذا الكامل أحسن السيرة وأفاض العدل، وعف عن أموال الرعية. ورد السعاية فيهم بعضهم على بعض. وكان بحلب رجلان من الأشرار يكثران السعاية عند الظاهر ويغريانه بالناس، ولقي الناس منهما شدّة فأبعدهما شهاب الدين فيمن أبعد من أهل الشر، ورد عليهما السعاية فكسدت سوقهما، وتناولهما الناس بالألسنة والوعيد فلحقا ببلاد الروم، وأطمعا صاحبها كيكاوس في ملك حلب وما بعدها. ثم رأى أن ذلك لا يتم إلا أن يكون معه بعض بني أيوب لينقاد أهل البلاد إليه.وكان الأفضل بن صلاح الدين بسميساط، وقد دخل في طاعة كيكاوس غضباً من أخيه الظاهر وعمه العادل بما إنتزعاً من أعماله فاستدعاه كيكاوس، وطلبه في المسير على أن يكون ما يفتحه من حلب وأعمالها للأفضل والخطبة والسكة لكيكاوس. ثم يقصدون بلاد الأشراف بالجزيرة: حران والرها وما إليهما على هذا الحكم، وتحالفواعلى ذلك، وجمعوا العساكر وساروا سنة خمس عشرة فملكوا قلعة رعبان فتسلمها الأفضل. ثم قلعة تل باشر من صاحبها ابن بدر الدين أرزم الباروقي بعد أن كانوا حاصروها وضيقوا عليها وملكها كيكاوس لنفسه فاستوحش الأفضل وأهل البلد أن بفعل مثل ذلك في حلب وكان شهاب الدين كافل العزيز بن الظاهر مقيماً بقلعة حلب لا يفارقها خشية عليها فطير الخبر إلى الملك الأشرف صاحب الجزيرة وخلاط لتكون طاعتهم وخطبتهم له والسكة باسمه، ويأخذ من أعمال حلب ما اختار فجمع العساكر، وسار إليهم سنة خمس عشرة ومعه وأميرهم نافع من خدمه وغيرهم من العرب. ونزل بظاهر حلب
وتوجه كيكاوس والأفضل من تل باشر إلى منبج. وسار الأشرف نحوهم وفي مقدمته العرب فلقوا مقدمة كيكاوس فهزموها. فلما عادوا إلى كيكاوس منهزمين أجفل إلى بلاده. وسار الأشرف فملك رعبان وتل باشر وأخذ من كان بها من عساكر كيكاوس، وأطلقهم فلحقوا بكيكاوس فجمعهم في دار وأحرقها عليهم فهلكوا. وسلم الأشرف ما ملكه من قلاع حلب لشهاب الدين الخادم كافل العزيز بحلب، واعتزم على إتباع كيكاوس إلى بلاده فأدركه الخبر بوفاة أبيه العادل فرجع. إنتهى، والله تعالى أعلم.
يتبع
يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق