2535
تاريخ ابن خلدون ( ابن خلدون )
من تاريخ العلامة ابن خلدون
المجلد الخامس
من صفحة 343- 412
مسير الظاهر والأفضل إلى حصار دمشق
ولما قطع العادل خطبة المنصور بن العزيز بمصر استوحش الأمراء لذلك ولما كان منه في اعتراض الجند فراسلوا الظاهر بحلب والأفضل بصرخد أن يحاصرا دمشق فيسير إليهما الملك العادل فيتأخرون عنه بمصر، ويقومون بدعوتهما. ونمي الخبر إلى العادل، وكتب به إليه الأمير عز الدين أسامة جاء من الحج، ومرّ بصرخد فلقيه الأفضل، ودعاه إلى أمرهم وأطلعه على ما عنده فكتب به إلى العادل، وأرسل العادل إلى إبنه المعظم عيسى بدمشق يأمره بحصار الأفضل بصرخد وكتاب إلى جهاركس بمكانه من حصار بانياس، وإلى ميمون القصري صاحب بانياس بالمسير معه إلى صرخد ففر منها الأفضل إلى أخيه الظاهر بحلب، فوجده يتجهز لأنه بعث أميراً من أمرائه إلى العادل فرده من طريقه. فسار إلى منبج فملكها، ثم قلعة نجم كذلك، وذلك سلخ رجب من سنة سبع وتسعين وسار المعظم بقصد صرخد، وانتهى إلى بصرى، وبعث عن جهاركس والذين معه على بانياس فغالطوه ولم يجيبوه فعاد إلى دمشق. وبعث إليهم الأمير أسامة يستحثهم فأغلظوا له في القول، وتناوله البكاء منهم، وثاروا به جميعاً فتذمم لميمون القصري منهم فأمنه، وعاد إلى دمشق. ثم ساروا إلى الظاهر حضر به صلاح الدين وأنزله من صرخد، واستحثوا الظاهر والأفضل للوصول فتباطأ الظاهر عنهم، وسار من منبج إلى حماة فحاصرها حتى صالحه صاحبها ناصر الدين محمد على ثلاثين ألف دينار صورية. فارتحل عنها تاسع رمضان إلى حمص ومعه أخوه الأفضل، ومنها إلى بعلبك وإلى دمشق. ووافاه هنالك الموالي الصلاحية مع الظاهر خضر بن مولاهم. وكان الوفاق بينهم إذا فتحوا دمشق أن تكون بيد الأفضل فإذا ملكوا مصر سار إليها، وبقيت للظاهر. وأقطع الأفضل صرخد لمولى أبيه زين الدين قراجا، وأخرج أهله منها إلى حمص عند شيركوه بن محمد بن شيركوه وكان العادل قد
سار من مصر إلى الشام فانتهى إلى نابلس، وبعث عسكرا إلى دمشق، ووصلوا قبل وصول هذه العساكر فلما وصلوها قاتلوها يوماً وثانية منتصف ذي القعدة، وأشرفوا على أخذها فبعث الظاهر إلى الأفضل بأن دمشق تكون له فاعتذر بأن أهله في غير مستقرّ، ولعلهم يأوون إلى دمشق في خلال ما يملك مصر، فلجّ الظاهر فى ذلك. وكان الموالي الصلاحية مشتملين على الأفضل وشيعة له فخيرهم بين المقام والإنصراف، ولحق فخر الدين جهاركس وقراجا بدمشق فامتنعت عليهم، وعادوا إلى تجديد الصلح مع العادل على أن يكون للظاهر منبج وأفامية وكفرطاب وبعض قرى المعرّة، والأفضل له سميساط وسروج ورأس عين وحملين فتم ذلك بينهم ورحلوا عن دمشق في محرّم سنة ثمان وتسعين وسار الظاهر إلى حلب والأفضل إلى حمص فأقام بها عند أهله، ووصل العادل إلى دمشق في تاسوعاء، وجاء الأفضل فلقيه بظاهر دمشق، وعاد إلى بلاده فتسلمها. وكان الظاهر والأفضل لما فعلا من منبج إلى دمشق بعثا إلى نور الدين صاحب الموصل أن يقصد بلاد العادل بالجزيرة، وكانت بينه وبينهما وبين صاحب ماردين يمين وإتفاق على العادل، منذ ملك مصر مخافة أن يطرق أعمالهم، فسار نور الدين عن الموصل في شعبان ومعه ابن عمه قطب الدين صاحب سنجار وعسكر ماردين، ونزلوا رأس عين. وكان بحران الفائز بن العادل في عسكر يحفظ أعمالهم بالجزيرة فبعث إلى نور الدين في الصلح، ووصل الخبر بصلح العادل مع الظاهر والأفضل فأجابهم نور الدين إلى الصلح واستحلفوا، وبعث أرسلان من عنده إلى العادل فاستحلفوه أيضاً وصحت الحال، والله تعالى ولي التوفيق.
يتبع
يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق